إن تلك المشاهد يمكن أن تدل على مدى انتشار الصحيفة والإقبال على قراءتها من قبل طلبة وطالبات الجامعة وكذلك أعضاء هيئة التدريس، ولكنها توّلد أيضا الكثير من الأفكار ومنها: ما هو مصير هذه الصحف بالنهاية وأين ستكون في آخر اليوم الدراسي؟ قد تكون الإجابة سهلة وهي أنها ستكون في سلال المهملات، ولكن أين ستصبح بعد ذلك؟ .. في مكب النفايات؟ ولكن هل "يجب" أن تكون هناك؟
إن مشاهدة الأعداد الهائلة للصحف والأوراق التي ترمى كل يوم سواء في الجامعات أو جهات العمل الحكومية والخاصة أوالمنازل ولّدت لديّ فكرة "الصندوق الاستثماري الورقي"، وملخص الفكرة هو أن توّفر كل جهة "صندوقا استثماريا" في مكان بارز ليقوم منتسبوها بوضع جميع الأوراق التي لا يريدونها فيه، وفي نهاية كل شهر أو عدة شهور يمكنها بيع محتواه لأحد مصانع إعادة تصنيع الورق بالدولة.
ربما لم تلق فكرة وضع حاويات إعادة التصنيع في فروع الجمعيات التعاونية نجاحا كبيرا ولم تجد تجاوبا جيدا من الناس، لكني أعتقد أن نتائج "الصناديق الاستثمارية الورقية" ستكون مختلفة لسبب رئيسي ألا وهو قربها من أماكن العمل، كما أنها ستوفر دخلا إضافيا للجهات من بيع الورق، قد يظن البعض أن المبلغ سيكون قليلا لعدم إدراكهم لكمية الورق الكبيرة المستهلكة كل يوم، لكن لو عددنا كمية الأوراق المستخدمة لطباعة النشرات الداخلية والملاحظات وتلك المرمية بسبب وجود أخطاء مطبعية بسيطة فيها لوجدناها ضخمة، ومن واقع تجربة - بحفظ الأوراق لإعادة استخدام الجهة الأخرى منها - أدركت الحقيقة المُرة لما نستهلكه من ورق، فالأوراق تتراكم بسرعة كبيرة وبشكل مستمر. قد يكون الربح من وراء مشروع "الصندوق الاستثماري الورقي" زهيدا بالنسبة للوزارات والشركات الكبيرة ولكنني أكاد أجزم بأنه سيشكل فرْقا لمَدرسة تحتاج ميزانية لإعداد نشاط طلابي، وسيغطي بعض مصاريف مكتب صغير، وقد يتجمع مبلغ لا بأس به يمكن أن يستخدم لمساعدة بعض المحتاجين من عمال النظافة وغيرهم.
والأهم من الربح المادي هو أن المشروع سيكون مساهمة إيجابية في الحفاظ على البيئة، إذ أنّ إعادة تصنيع طن واحد من الورق ينقذ 17 شجرة، وقد أولت الدول المتقدمة هذا الموضوع الكثير من الاهتمام، فقد أعادت الولايات المتحدة تصنيع 51.5% (51.3 مليون طن) من الورق المستخدم عام 2005، كما أنها تهدف لرفع نسبة إعادة التصنيع إلى 55% بحلول عام 2012.
إني أدعو جميع الجهات – من مدارس ووزارات وشركات ومؤسسات وغيرها – لتجربة فكرة "الصندوق الاستثماري الورقي"، فالتجربة لن تكلف إلا القليل، والمشروع لا يحتاج إلا لصندوق يمكن الحصول عليه مقابل دنانير معدودة، إضافة إلى مجهود شخص واحد في يوم واحد من كل شهر أو كل بضعة أشهر للتنسيق مع أحد مصانع إعادة تصنيع الورق لاستلام محتوى الصندوق. كما أدعو جمعية حماية البيئة لتشجيع إعادة التصنيع من خلال تنظيم حملات إعلامية توعوية ومسابقات تولد التنافس بين الجهات المختلفة في هذا المجال.
_______________________________________________________
تم نشر المقال في العدد 68 من صحيفة الحركة الصادر في 14/5/2007
http://www.al-haraka.com/node/6184
التعليقات
و قد رأيت في احدى الكليات صندوقا خاصا للأوراق عند غرفة المذاكرة و على ما اظن انها لاعادة
تصنيعها .. فارجوا ان تحذو باقي الكليات حذوها..
بارك الله فيك أختي وشكرا على التعليق.
جزاك الله خيرا أخت نونو.
الفكرة رائدة وأتمني تطبيقها في أقرب فرصة إن شاء الله لكن عندي تساؤل أو فكرة.
لماذا لا يخصص في الحرم الجامعي منفذا (أو عدة منافذ) لتوزيع جريدة (آفاق) الجامعية بحيث يكون معروفا للجميع من اساتذة وطلبة وعاملين؟
في رأيي أن هذا لا يؤدي فقط إلي سهولة الوصول إلي الجريدة لكن أيضا-وبصفة أساسية- بهدف إدارة التوزيع؛ بمعني إمكانبة التصرف في الفائض عن طريق الصندوق المقترح.
يا حبذا لو قام طلبة الإتحاد بطرح الفكرة -أي الصندوق- علي المسؤولين في الجامعة. وختاما: أنتم أدري بشؤون جامعتكم.
جزاك الله خيرا على التفاعل مع الموضوع وعلى المساهمة بآرائك القيمة.
حسن! بما أن منافذ التوزيع موجودة بالفعل، فالموضوع إذن لا تعدي كونه سلوكيات خاطئة -كالعادة- من الناس.
توكلوا علي الله وأطلقوا حملة توعية بين الشباب لكي يقوموا بإرجاع تلكم المجلات إلي الصندوق حالما ينشأ في المستقبل القريب إن شاء الله
بارك الله في الشباب الواعي
مرة أخرى كان شباب الكويت سباقين لخدمة الوطن، فالمشروع ينفذه مجموعة من طلبة مدرسة الرؤية ثنائية اللغة بعد أن أسسوا شركة (الهدف الأخضر) لحماية البيئة.
كل الشكر للشيخة أمثال ولإدارة مدرسة الرؤية على تبنيهم للمشاريع البناءة، والشكر موصول لأعضاء شركة الهدف الأخضر.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة