التعليقات
ولكن أسألك هل كنت لتكتب هذه المقالة مختارًا وبالذات هذه النقاط الثلاث التي سأبينا لك لولا الضغوط الهائلة التي يتعرض لها المسلمون اليوم؟
1- تدعو لأن يكون حب الحياة والتفاعل معها أحد أبرز معالم التجديد في الخطاب الديني، وأن يكون شعار المسلم: الحياة في سبيل الله أسمى أمانينا ردًا على شعار الإخوان المسلمين " والموت في سبيل الله أسمى أمانينا".
ولا ينكر أحدٌ أن المخلوقات جميعها تحب الحياة بما غرس الله سبحانه وتعالى فيها. والله عزّ وجلّ يأمرنا بالتمتع بالحياة
" قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)سورة الأعراف.
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) سورة القصص.
" هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) سورة الملك.
وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتقان العمل والعمل للدنيا كأننا نعيش أبدًا وأن نغرس الفسيلة حتى والساعة تقوم.
لكن حب الدنيا كمبدأ قد يأخذنا لعشق اللذة، وللدعة، والخشية من مواجهة الموت، والضعف أمام الأعداء، وهذا ما سبب دمار الأمم السابقة كاليونا و الرومان وهو مما يتناقض مع أدبياتنا الإسلامية.
فعهد الله مع المؤمنين أنهم :" إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) سورة التوبة.
ويحذرنا سبحانه وتعالى: قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) سورة التوبة.
وفي الحديث الطويل الذي يخبرنا فيه رسول الله أن الأعداء سيتداعون علينا كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها يشخص سبب كوننا غثاء كغثاء السيل بقوله أننا سنبتلى ب: "حب الدنيا وكراهية الموت ".
ومن حمص يطل عليك سيدي خالد بصيحة لا يزال يتردد صداها على طول الزمان: " ما ليلة أبشر فيها بغلام أو تزف إلي فيها عروس أنا لها محب، بأحب إلي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبّح بهم العدو"
2- تذكر في الفقرة الثامنة: "قبول التعايش مع الآخر".
وهذا غريب تمامًا. فما من أحد عبر التاريخ مثل المسلم في قبوله للتعايش مع الآخر. لن أذهب بك بعيدًا. انظر في مدينتك حلب، ألا يوجد بها إلى اليوم أكثر من عشر طوائف مسيحية باقية منذ بداية المسيحية ولها مساجدها القديمة و الحديثة العديدة. ألا يعيش المسيحيون في حلب حلب خيرًا مما يعيش المسلمون وهم قلة. أليس في حلب يهودأ ومهاجرين أرمن وأكراد كما أن بها بعض الشيشان و الداغستان و الأتراك، و جميعهم يعيشون عيشة طيبة ولا بأس عليهم أبدًا. ألم تسمع أن يهودًا ذبحوا أطفالا مسلمين. ولكن بالمقابل هل سمعت قط أن المسلمين ذبحوا أحدًا من اليهود.
نحن نعلّم العالم بفعلنا وتاريخنا "التعايش مع الآخر" لأننا نعلم أن الأرض لله وأن رزقنا جميعًا عليه وأنه " لا إكراه في الدين" حتى قال مؤرخو الغرب المنصفون أن التسامح اختراع إسلامي.
3- في الفقرة العاشرة تدعو ألى: "تبليغ الآخرين الدعوة ورفض الوصاية عليهم وإلزامهم بقبول الدعوة " ولست أدري لمن تتوجّه بهذا الخطاب، هل المسلمون هم المعنيون بهذا الخطاب أم أعداؤهم. من الذي يتنطّح اليوم للوصاية على الشعوب ويلزمهم بقبول دعوته؟ ومن ليس معنا فهو ضدنا.
نعم لتبليغ الدعوة، وهذا واجب رئيسي لكل مسلم، وما حاق بنا من بلاء إلا لإهمالنا هذا الواجب. لكن أن تقول "رفض الوصاية على الآخرين وإلزامهم بقبول الدعوة "، فالأحرى أن تجعلها: رفض وصاية الآخرين علينا ومحاولاتهم لإلزامنا بدعاويهم الباطلة المضللة مثل الديموقراطية و الليبرالية.
وأخيرًا أنا معك في معظم ما دعوت إليه ولكني أرجو أن يكون خطابك منطلقًا من الثقة بنصر الله سبحانه وتعالى، ممتزجًا بعزة المسلم فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين .
والله سبحانه وتعالى أعلم.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة