التعليقات
هم زبانية فرنسا وعملائها، كلابها التي كانت مسلّطة على رقبة الشعب الجزائري، والمجاهدين منهم بوجه خاص. يقعون، يبصبصون، ويتشمّمون الأخبار، يتابعون الناس في حركاتهم وسكناتهم، وينهشون لحم الضحايا اللذين يتعقّبونهم. تدفع بهم فرنسا في مقدمة جيشها عن اصطدامها بجيش التحرير الجزائري سواء في المعارك الكبرى أو في مداهمات الأحياء و القرى. ولم يكن عدد هؤلاء الحركيين أيام الاحتلال قليلاً، بل كانوا ألوفاً مؤلفة وكانوا يتسمّون باسم جميل وهو الحركة القومية. وله اليوم في العراق مثيل وضريب.
وقد لمست أثر الحركي في الجزائر عام 1976 بعد أربعة عشرة من استقلالها، إذ كنت أعمل بها وأخالط الناس. وقد أراد صديق لي زيارتي يومًا، فدقّ الباب وبيده سطل وقال أريد ماءً. فدخل وجلس وقدم لي طبقاً أعده في بيته. ولما همّ بالخروج سألته ألا تملأ السطل ماءً؟ فضحك كثيراً وقال لا تؤاخذني يا ابني، لدي تمديدات الماء مثلما هي عندك، لكن هي عادة ما نستطيع أن نتخلّى عنها. كان أحدنا ما أن يغادر بيته حتى يلمحه الحركي ويسأله أين يذهب ولِمَ. فتعودنا أن لا نبادر لعمل إلا و نحن نواري بعمل آخر. وأنا ما أردت إلا زيارتك ومع ذلك حملت السطل بيدي لأجيب من يسألني أين تقصد وأقول أبغي الماء.
هؤلاء هم الحركيون، الذين تريد فرنسا أن تكرّمهم. ولها أن تفعل ذلك، رغم أن الجاسوس والخائن محتقر في كل ملة ودين. لكن الذي لا يمكن فهمه حقًا هو أن تشملهم الدولة الجزائرية في مشروع العفو الشامل.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة