التعليقات
في بداية عصر الوحدة أصبح سجن القلعة يدمشق، وهو أكبر سجون سوريا في ذلك الوقت، يتلقى أشخاصًا مقبوضًا عليهم بدون أمر أو موافقة من قاضٍ، إذ يأتي عنصر أمن بمواطن ويقول : "حطّوا لنا هذا عندكم". وحيث أن الناس في ذلك الوقت كانت بوافر كرامتها، فكانت إدارة السجن تطلق المقبوض عليه تعسفيًا و تعتذر له، وتتخذ الإجراءات المناسبة بحق عنصر الأمن الذي ارتكب تلك المخالفة و تهدده إن عاد لمثلها. وكانت تلك المخالفة في ذلك الزمان كبيرة من الكبائر :الله أكبر! مواطن يسجن بدون إذن من قاضي التحقيق وقاضي الإحالة! حتى إذا فرضت حالة الطوارئ ضاعت حقوق الناس، وأصبح لكل فرع من فروع الأمن سجونه التي لا تخضع لأية رقابة.
شهادة من بطون الكتب:
قال العميد محمد السمّان قائد قوى الأمن الداخلي في سوريا، والمسؤول الفعلي عن الأمن أيام الإنفصال(1961-1963) في كتابه "وطن وعسكر" نشر دار النفائس، بأنه استدعى صاحب جريدة " المضحك المبكي" ورجاه حذف رسم كاريكاتيري يمسّ شرف رئيس الورزاء (خ.ع.)، إذ صور الرسم رئيس الوزراء وزجته نائمين في السرير جنبًا إلى جنب وملتحفين بغطاء، لكن الغطاء لا يغطي مؤخرة حرم الرئيس، التي ظهرت مؤخرتها عارية في الرسم. والمعنى أن حرم رئيس الوزراء سيدة غير شريفة وتلعب بذيلها وأن رئيس الوراء غير قادر على وقفها عند حدّها و الستر عليها. فأبى صاحب" المضحك المبكي" حذف الرسم رغم رجاء و إلحاح العميد السمّان ،ولو أدى به الأمر لإغلاق الجريدة نهائياً، ونزل الرسم كما هو ورأته الدنيا كلها.
النتيجة :
لما كانت الناس بكامل مرؤتها وكرامتها، و لايتسلط الأمن عليها تحت مظلة حالة الطوارئ، استطاعت سوريا أن تجابه الحصار العسكري الأمريكي البريطاني التركي عام 1957 و تخرج منتصرة من ذلك الحصار و تطرد انجلترا و تبعد أمريكا عن المنطقة. و أن تخرس الحملة الإعلامية الدولية التي شنتها أمريكا عليها. فعلت سوريا ذلك كله وأكثر منه بسلاح بسيط: وقوف الشعب كله بكل أحزابه و طوائفه وقومياته مع الحكومة ، طوعًا ، ومحبة. كل الأحزاب الموالية و المعارضة وقفت مع الحكومة ضد العدو الخارجي، لأن تلك الحكومة كانت تمثل البلد وخاضعة لإرادة البرلمان الذي كان يستطيع اسقاطها بصوت واحد فقط.
للعلم في ظل تلك الحكومة عام 1957 كان دخل الفرد في سوريا هو الثاني في آسيا بعد اليابان!
بعد حالة الطوارئ:
لما جاءت الوحدة و عطل الدستور و حلّت الأحزاب وأمّمت الصحافة استطاعت إسرائيل أن تحتل كل المناطق المنزوعة السلاح في الجبهة السورية، وأن تجفف بحيرة الحولة!
في ظل حالة الطوارئ هان البلد وهان المواطن حتى في وجود شخص شريف مثل عبد الناصر على رأس السلطة.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة