1- لأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن أي تنازل تقدمه المنظمة لإسرائيل سيكون باسم الشعب الفلسطيني. وبغير ذلك فإن أي أمر واقع تريد إسرائيل فرضه في الأراضي المحتلة يعتبر باطلاً ولاغياً ولا قيمة له بحسب القانون الدولي، لأنها ليست إلا سلطة احتلال. ومن هنا فإن المنظمة توفر الغطاء الشرعي لضم المناطق الفلسطينية المختلفة لإسرائيل، ولتقييد سلطة وسيادة الشعب الفلسطيني فوق أرضه.
2- وبعد استحالة سيطرة إسرائيل على المناطق المحتلة وإخلائها لغزة مرتين من يستطيع كبح المقاومة الفلطسينية والتصدي لها وزج أفرادها في السجون وتعذيبهم وقتلهم سوى الصناديد الأبطال أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية، أليسوا هم ذوو "الماضي النضالي العريق"، وهم من "استعاد" الضفة والقطاع. أليس هؤلاء الأبطال هم الأدرى "بمصلحة الوطن". والحال أن هؤلاء قد أصبحوا بديلاً للاحتلال في منع عمليات المقاومة وفي الحفاظ على أمن إسرائيل بحسب الاتفاقيات التي سمحت بدخولهم للأراضي المحتلة.
واليوم هل نتخلص من منظمة التحرير بإرثها الثقيل وتنظيماتها المتعددة بكل تاريخها وقادتها وخلافاتهم وقصصهم، ونعتمد مبدأ الانتخابات لتقرير السياسات الفلسطينية؟
في الواقع لا يمكن لإسرائيل -وفي ذيلها المجتمع الدولي- القبول بمنطق أن تمثيل الشعب الفلسطيني إنما تعبر عنه الانتخابات في الضفة وغزة، وبأن السلطة هي لممثلي الشعب الفلسطيني المنتخبين، إذ أن إسرائيل لن تحصل عندها على شيء. وبالتالي فلينم أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني –وضمير المجتمع الدولي معهم- في السجن حتى تنتهي ولايتهم! ولتبق منظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.
ولبيان فداحة التنازلات التي قدمتها منظمة التحرير الفلسطينية لإسرائيل بعد عام 1994، وكيف أنها تخطت ما كانت تحلم به إسرلئيل، فإني أعرض النص التالي من كتاب موشيه ديّان (1) "أيبقى السيف الحكم؟" (2) وفيه يتحدث عن الشروط التي فرضها دايان على مناحيم بيغن رئيس ورزاء إسرائيل لكي يقبل بمنصب وزير الخارجية في حكومته. حيث كان دايان من حزب العمل "المعتدل" وبيغن من حزب الليكود الذي يمثل المتطرفين اليهود في إسرائيل.
يقول دايان في الصفحة الأولى من كتابه:
(اتصل بي مناحيم بيغن صباح يوم السبت الموافق 21 مايو 1977 واقترح علي شغل منصب وزير الخارجية في حكومته. وقد وجدت نفسي هنا مضطراً وقبل اتخاذ أي إجراء إلى توضيح نقطتين هامتين لبيغن:
مسألة سريان مفعول الإدارة الإسرائيلية على المناطق المحتلة، فبيغن يذكر جيداً ما دار خلال المباحثات التي تمت قبيل الانتخابات، فموافقتي على الانضمام لقائمة حزب التكتل – الليكود- كانت مرهونة بعدم سريان الإدارة الإسرائيلية على المناطق المحتلة أو جزء منها، ما دامت محادثات السلام بين إسرائيل والدول العربية مستمرة.
في حال اشتراكي في حكومة بيغن فلا بد لي من الاستقالة من الكنيست.
وفي يوم الإثنين 23 مايو أدخل بيغن المستشفى لمرض ألم به، فاجتمعت به هناك، بعد أن طلب مني الطبيب عدم إطالة النقاش معه واضطررت للاستجابة لطلبه.
طلبت من بيغن في هذه المقابلة توضيح موقفه من بعض المسائل الأساسية والتي توقعت أن نختلف حولها وهي:
مسألة إدارة المناطق المحتلة، والتي سبق وأن أعلن عن موافقته على الصيغة المتعلقة بها، ولكن ماذا عن إعلانها رسمياً؟ فوافق بيغن على ذلك.
مؤتمر السلام في جنيف.. وفيما إذا كان بيغن موافقاً على اشتراك جميع الأطراف بدون قيد أو شرط. وأن يكون قرار الأمم المتحدة رقم 242 هو القاعدة الأساسية للتفاوض مع الدول العربية. ففوجئت بموافقة بيغن على هذه النقطة أيضاً. بل وأضاف أن حكومته ستحترم كافة الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعتها الحكومات السابقة.
الحفاظ على الوضع الراهن لعرب المناطق المحتلة، أي هل يريد بيغن استمرار عرب المناطق المحتلة في انتخاب ممثليهم للبرلمان الأردني في عمان بالإضافة إلى حصولهم على تمويل من الدول العربية عن طريق عمان.
هل ستسلك حكومة بيغن نفس الخط الذي سلكته حكومة غولدا مائير وإسحاق رابين، فلا تسمح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى، ولا تقوم بتغيير شعائر الصلاة في مغارة المخبيلاة (مسجد النبي ابراهيم عليه الصلاة والسلام) المكان الذي يوجد فيه مسجد وكنيس في نفس الوقت. فوافق بيغن على كل النقاط سالفة الذكر.
وبناء على ما تقدم، فقد أخبرته بموافقتي على شغل منصب وزير الخارجية في حكومته واتفقنا على إعلان هذا النبأ رسمياً).
فلا الصقور ولا الحمائم في إسرائيل كانوا يفكرون في الاحتفاظ بالأراضي العربية التي احتلت عام 1967، وكانوا يعلمون بأن عليهمم الخروج منها إن عاجلاً أو آجلاً. وهذا الاستشهاد الطويل والذي ينقل مفاوضات تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة برئاسة بيغن خير دليل على ذلك.
لكن لما واجه المفاوضون الإسرائيليون لصوصاً عرباً، وخونة عرباً، وحشاشين تنتابهم نوبات تلهف للمخدر أثناء المفاوضات، وتجاراً تهمهم عمولاتهم ومشاريعهم أكثر من أوطانهم، عند ذلك فقط تجرأ اليهود ومدوا أبصارهم وأياديهم لأوطان بلا حرّاس.
يقبل اليهود عباساً لأنه أعطاهم ما لم يكومنوا يحلمون به ولم يحلم به آباؤهم.
__________________________________________
(1)موشيه دايان جنرال إسرائيلي اشتهر بوضعه العصابة السوداء على عينه غير المبصرة، تولى رئاسة أركان جيش العدو قبيل حرب حزيران عام 1967م والتي قادته فيها القيادات العربية إلى نصر مبين احتل به سيناء والضفة الغربية والقدس و الجولان. تولى وزارة الدفاع ثم وزارة الخارجية. مراوغ انتهازي، لص من لصوص الآثار، و(مغامراته العاطفية) لا تدعو للفخر. يصفه الصحفي الإسرائيلي عوزي بنزيمان بأنه: "ورث المكر والخبث والأنانية عن آبائه وأعمامه".
(2) أيبقى السيف الحكم – موشيه دايان – الطبعة الثانية – دار الوفاء – القاهرة 1990.
التعليقات
لأنه لايريد أن يقبل هنيّة، ويراه خائنا وعميلاً وممقلباً
أما أولمرت فحاشـــــاه ..!
هذه إجابة سؤالك والقضية برمتها في رأيي، المشكلة أن الوحش قد أطلق بالفعل
لا أعرف هذه الأسطورة ويسرني أن أعرفها منك مشكوراً.
...
يحكي ان "مينوس" ملك (كريت) كان يمتلك وحشا نصفه ثور ونصفه إنسان يسمي "المينوتور"، فلمااستطار شر ذلك الوحش، طلب الملك من معهندسه الأثير "ديادالوس" أن يجد حلا، فقام معمارينا هذا - بالتعاون مع أبنه "ايكاورس"- تصميم وبناء (اللابيرنث) وهي عبارة عن تيه من ممرات متشعبة ومتداخله يحتار فيها الوحش عن سبيل الخروج.
من ناحية أخرى، كان للملك "مينوس" ابن قتل غدرا في (اثينا) بعدما تغلب على أبن ملكها في المنافسات الأوليمبية، فعزم "مينوس" على حصارها لتجويع أهلها وارهابهم حتي يظفر بقاتل أبنه، لذا حاول "ايجوس" ملك (أثينا)استرضاؤه لفك الحصار فقبل "مينوس" (ملك كريت) أن يرفع الحصار وينفك عائدا إلي بلاده في مقابل قربان يقدم له؛ سبع فتيان وسبع صبايا يقدموا وليمة للوحش كل عام.
مضي الأمر بضع سنين و(اثينا) تقدم اولادها للوحش حتي جاء العام الثالث عزم "ثيزيوس" أبن الملك أن يكون ضمن القربان ليقتل الوحش، ولما وصل إلي (كريت) حدث أن اعجبت " اريادنا" أبنة الملك به بالرغم من فجيعتها في أخيها وأن "ثيزيوس" هو القاتل لذا قررت أن تنقذه بأن أعطته دوبارة ربط طرفها في مدخل التيه، ودخل وقتل الوحش ثم قفل راجعا مسترشدا بالخيط، وتزوجا، وأنجبا بنين وبنات وبذا عم السلام بين (كريت) و(أثينا).
وتوتة توته، فرغت الأسطورة!
...
على كل رأيي أنها معبرة وأحترم كل من يخالفني الرأي!
لكن لما واجه المفاوضون الإسرائيليون لصوصاً عرباً، وخونة عرباً، وحشاشين تنتابهم نوبات تلهف للمخدر أثناء المفاوضات، وتجاراً تهمهم عمولاتهم ومشاريعهم أكثر من أوطانهم، عند ذلك فقط تجرأ اليهود ومدوا أبصارهم وأياديهم لأوطان بلا حرّاس.
يقبل اليهود عباساً لأنه أعطاهم ما لم يكومنوا يحلمون به ولم يحلم به آباؤهم.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة