كتبت هذه المقالة قبل الانتخابات البرلمانية، ولكنني ما زالت أراها تستحق التفكير فيها، فأسباب خوفي وحزني ومرارتي والكثيرين معي، لا تزال ماثلة أمامنا بكل بشاعتها، وأقول فيها:
إن الوطن مثل السفينة التي تحمل الجميع، فلا يملك أحدنا أن ينفرد بقيادتها بتهور، ولا يملك الآخرون الاختباء في غرفهم سائلين الله السلامة، بل إن قيادتها وصيانتها مسؤولية الجميع، مصداقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
(كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أسفلها وأصاب بعضهم أعلاها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فلو تركوهم وما أرادوا لهلكوا وهلكوا جميعًا، ولو أخذوا على أيديهم لنجوا ونجوا جميعًا) حديث شريف.
لذلك فإنني قد لا أكون شيعي المذهب ولكنني أشعر بخوف شديد بسبب نوعية التعامل الأمني والإعلامي مع مسألة (تأبين) تيار سياسي معين لشخصية لها ما لها وعليها ما عليها.
وهو تعامل أبرز بشدة الاستقطاب المذهبي في الكويت، رغم أنه شيء استحدثته الحرب العراقية الإيرانية ثم أججته الحرب الطائفية في العراق، وكان مع الأجدر التعامل مع الموضوع بحكمة بدل المزايدات والتخوين!
وقد لا أملك ديوانيات مخالفة للقانون أو تعديات على أملاك الدولة، ولكنني أشعر بحزن كبير وأنا أشاهد (الإزالات)، فالجرّافات تكسِّر ممتلكات المواطنين تارةً ويحرقها المحتجون تارةً أخرى.
وهي مشاهد تبرز خلل في تطبيق القانون، حيث غابت الدولة ممثلة بالبلدية لسنوات طويلة عن أداء كامل مهامها، ثم استيقظت ذات ليلة وهي تنوي تطبيقه مرة واحدة وبشكل تام، وبدأت ذلك بالناس الضعفاء بدل القطط السمان!
وقد لا أكون قبليًا ولكني أشعر بمرارة وأنا أتابع الملاحقات البوليسية والمراقبة المخابراتية والاستقطاب العنصري تجاه الانتخابات (الفرعية)، فالممارسة على فرض دستورية قانون تجريمها، لا تتعدى كونها تنسيق بين أبناء العمومة كي لا تتشتت أصواتهم.
وهو أمر لا يتطلب الطائرات المروحية والسيارات المصفحة، خصوصًا ونحن نقرأ يوميًا صفحات أخبار الجرائم البشعة، والتي قد يرتكب كثير منها عسكريون من المفترض أن يكونوا قدوة للمجتمع وعينه الساهرة، دون أن نشهد انتفاضة أمنية مشابهة للتصدي لهم!
باختصار فإنني أرجو أن يتصدى (الحكماء) لمعالجة المسائل الثلاثة – التأبين والإزالات والفرعيات – بدل تركها تؤجج الطائفية والعنصرية والقبلية، وهي أمراض يطيح الواحد منها بالأمة الراسخة، فما بالنا باجتماعها على دولة صغيرة مثل الكويت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
التعليقات
لقد قرأت مقالك واحب هنا ان اسجل تعقيبي عليه ليس من
من موقع المستدرك على كلامك ولكني اجد نفسي ادور معك
واعني ذات الغايات التي قصدتها والتي تتجاوز اطارها
المعلن في كلمات المقال. وحصرتها بثلاث نقاط
اولا:الوطن قضية عظيمة وحبه والحرص عليه والولاء له ليس
ترفا او خيالا او تكلفا انه الحقيقة التي يتوقف عليها
وجود كل منا من عدمه.
ثانيا: بعيدا عن تلك التفاصيل المرتبطة بواقع الكويت
الحبيب والتي بنيت عليها مقالك والتي هي في حقيقتها
انعكاس لمظاهر ذات ابعاد خطيرة تبدو في بعض الاحيان
كبراميل البارود التي يمكن ان تنفجر في اي لحظة
ومن الخطأ الاعتقاد ان المجتمع وابناءه هم من كانوا سببا
في اذكاء هذه المظاهر السلبيه في حين يبرأ غيرهم في
الداخل والخارج من كل ذنب والواقع يشهد ان مجتمعاتنا
برغم كل ما تعانيه ظلت حبيسة اقدارها التي تحاك في
الخفاءوالواقع يشهد ايضا ان الكبت والعنف يجعلان الناس
تتشبث اكثر حتى بالخطا وقد لايرونه خطا ومع هذا لايمكننا
اغفال كل العوامل الدينية والاجتماعية والمذهبية والثقافية
والتي تتحكم الى حد كبير في توجيه بوصلة حركة المجتمع
بغض النظر عن تقييمنا النسبي لتلك الحركة وطبيعتها و
واتساقها مع مقتضيات العصر وتوجه الحكومات والانظمة.
ثالثاواخيرا: ان الحرب العراقية الايرانية والصراع الطائفي
في العراق بعدالغزو وبغض النظر عن الاسباب السياسية لم
يكونا ابدا سببا في شيوع النهج الطائفي داخل المجتمعات
العربية بل هما ايضا نتاج تراكمات ثقافية وفكرية فاسدة
تمتد معنا الى حقب سالفة غير ان شرارتهاقدحت يوم تحول
المذهب والطائفة الى شبح مرعب يراد معه وبه ترسيخ مفاهيم
هلامية لاتعترف بحدود ولا بخصوصية فرد او مجتمع اووطن الى
الحد الذي يمكن ان تكون سببا في شيوع الفتنة والدمار
وكما هو حاصل في لبنان والعراق والقائمة مرشحة للزيادة.
غذرا اخي للاطالة ونشاطركم خوفكم وحزنكم ومرارتكم.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة