جالس في مكتبي ، مر علي أحد الزملاء ، وهو الأخ العزيز "مصعب العتيبي" ، يبدو على تعابير وجهه أنه قد وجد موضوعاً مشتركاً نحمل همه يريد أن يتحدث به ، ففاتحني بـ "هل تعرف RACHEL CORRIE"؟ فقلت له: ومن تكون !
فقال: فتاة أمريكية ، وقفت أمام بلدوزر إسرائيلي في غزة ، لتمنع هدم وجرف بيوت الفلسطينيين، فسحقها بالأرض !
"مرة أخرى" طلبت منه أن يعيد ، لعل أجواء "الحساسية" قد أثرت في سمعي ، فعاد الكره ، وبشرح أطول عنها "RACHEL CORRIE" وعن مجموعتها التطوعية.
مجموعه من ناشطين السلام الأمريكيين، وضعوا خطة محكمة لكل من يريد ان يقف بوجه إسرائيل وسياستها "القذرة" ، يدخلون أي متطوع أمريكي إلى إسرائيل ، ويتجمعون في فندق معين، ويقومون بتجهيز النشرات وأدواتهم، ثم يدخلون غزة بالأنفاق، وأحياناً بوسائل أخرى !
دخلت "أختنا" راشيل، وفي آخر فيديو لها "مصور" تتحدث عن المآسي التي تراها منذ "شهر ونصف" في غزة، وهي مصرة بالاستمرار "بالمقاومة" لتوصل رسالة لحكام العالم ، بالظلم الذي يتعرض له الفلسطينيين !
ومن ثم ينتقل المصور إلى مشهد لها وهي تقف أمام البلدوزر ممسكة بمايكروفون، ويقف من مسافة ليست بعيدة المصور الخاص بالمجموعة، يقترب منها البلدوزر أكثر فأكثر ، فأكثر ، فأكثر ، ولم تتحرك ساكنة ، ولم تكف عن الحديث، حتى أسكتها فولاذ البلدوزر وهو يقف على جثتها، لم تتحرك من أمامه !
يا عرب يا مسلمين ، يا كويتيين ، يا من تلومون وتسفهون وتضحكون على من يتظاهر أو يتبرع ، أو يدعو أو حاول نصرة أخوانه في غزة وفي فلسطين ، هذه فتاة أمريكية مسيحية، لم تتجاوز ال 30 من عمرها ، ضحت بنفسها من أجل قضيتك وأرضك وشرفك وعرضك ، ومالك ونساءك وأبناءك، ومقدساتك !
ما تزال تدور في مخيلتي لقطات من برنامج "جاهل" لإحدى القنوات "التعبانه" وهي تسخر وتستهزئ ، من أحد أعضاء مجلس الأمة ، الذي دخل غزة بالأنفاق ، وهو الذي تخلى عن رغد الحياة، ليشارك إخوانه وأهله مآسيهم .
كيف تنام في الليل ؟ كيف تلاقي ربك ؟ ماذا تقو لنبيك إن سألك عن دورك في الدفاع عن شرفك ودينك ؟ ماذا ستقول للطفلة التي ماتت خنقاً تحت التراب، إن سألتك ماذا فعلت لأجلي ؟ ماذا ستقول لأم ولأب هذه الطفله؟ ماذا ستقول لـ RACHEL CORRIE التي ستقف على شارب كل متخاذل، هذا "إن كان الشارب يعبر عن الرجوله" !
أكتب هذه الكلمات، في وقت إنفعال عاطفي وعصبي وعقلي، أستسمحكم عذراً إن أكون أخطأت في العبارات، واخترت ألطفها، ولكن ما رأيت أشد وأقسى مما أكتب.
من الأمور اللطيفة، أني شاهدة فيديو مصورلنفس الفتاة وكانت في العشرة من عمرها تقريباً تتحدث في محفل عام، عن رسالتها في الحياة، وماذا تريد أن تقدم للبشرية، طفلة في 10 تريد السلام وتحقيق العدالة للناس، كان تتحدث كأنها حفيدة أحد الصحابة، أو مقاتلين بدر ، هكذا تقوم الحضارات، وتستعاد الحقوق، أن يتربى كل طفل من أطفالنا على رسالته، ودوره في نهضة هذه البشرية. " قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين "
رسالة أخيراً لكل خائن عربي ومسلم، إذا كنت تعتقد أنك بهذه "الفهلوة" تستطيع ان تعيش حياة رغيدة، فعشها، ولا تنسى أن إسمها "دنيا" فعش مع دنياك "غانماً" ، وارض الدنية في نفسك، واترك ما هو أغلى لمن هو أعلى منك.
وكلمة للأنظمة العربية: جبروت أمريكا لم يسمح لها أن توقف RACHEL CORRIE ومجموعتها عن "الجهاد" في سبيل رسالتها بل تركتها تصل إلى قلب تل أبيب وتفعل ما تريد، وفسادكم، عطل جهاد الله في أرضه. فليت العالم كله أمريكا.
ملاحظة مهمة: هذه المجموعة قدمت "4" فدائيين، لفلسطين، ولم تكن RACHEL CORRIE، الأولى , ولا الأخيرة.
إن كان حبي للقدس جريمة ، قولوا لكل الناس أني مجرم
أليس من عجب الأمور عجائب ، فتاة مسيحية تفدي مسلم !
التعليقات
إنه حقا لعجب عجاب ما ترى أعيننا الآن،وماتسمع أعيننا كذلك
كيف للمسلم العربي ان يلجا الى السكوت عن الحق،في حين ينادي الناس من ديانات اخرى بحرية الوطن المحتل
ففلسين وطننا جميعا
نرجوا ان يكون من هذه القصة الاثر المطلوب ليحرك مشاعر الامة العربية أجمع
ونسأل الله أن يمن على أهلنا في غزة بالفرج القريب
وجزال الله خيرا على طرح الموضوع
نعم ، نحن بحق محتاجون إلى تربية أجيال تعتد بنفسها وأنها قادرة كل بمفرده أن يكون له دور ريادي في هذا العالم وأولى قضاياه العادلة ، وترسيخ عدم انتظار المخلص والنوم معها إلى حين .
شكرا للكاتب الكريم ، ومزيد انتصار منا جميعا لكل قضية عادلة .
ابراهيم الملحم-0السودية
لكن قدر الله ما شاء فعل، وأود أن أوضح أنه كما كان للبيت رب يحميه فللقدس .. قدس الله رب يحميه، وفلسطين هي .. أرض العرب وأرض الإسلام وأرض الأمة سواء شأنا أم أبينا.
فأسمعوا يا معاتيه العرب.
ماشاء الله عليك
كم سعدت بهذا القلم الرائع
وكم سعدت حين أنهيته ورأيت صورتك والتي لها ذكريات خاصة
أنت انسان تستاهل كل خير
ربي يوفقك يارب
لأمر ما أبدأ كثيرا قراءة أغلب المقالات دون أن أقرأ اسم كاتبها(وهذه تجربة شخصية حتى لا احكم على المقال بناء على حكم قديم على هذا الكاتب) ثم أقرأ اسم كاتب المقال ثم أعيد قراءة المقال إن كان قد أعجبني،
وأنا أقرأ هذا المقال شعرت أني أقرأ مثلا لفهمي هويدي أو عبد الله السناوي حيث أنهما يناقشا مثل هذه القضايا بنفس الأسلوب والطرح
حقيقي أسلوبك رائع جدا يا "ناصر الجميل"،
أكثر الله من أمثالك وجعلك فعلًا "ناصر" لكل "جميل".
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة