هل من المقبول أن تتخطى بفظاظة طابور الانتظار في جمعية تعاونية لتدفع ثمن مشترياتك أو في جهة حكومية لرغبتك بإنهاء معاملة ما؟ أو أن تردّ شخصا استأذنك بأدب أن يقف أمامك بالطابور لاستعجاله أو لظروف أخرى؟ أو أن ترد على من أخطأ بحقك دون قصد بالصياح والصراخ والتهديد والوعيد أمام الناس؟ أو أن تزعج امرأة كبيرة بالسن تسير أمامك بتأن لأنها كانت تغلق الطريق الذي تريد المرور منه؟
بالتأكيد أن الإجابة على جميع الأسئلة السابقة ستكون ( لا ) من قبل الغالبية العظمى من الناس فتلك السلوكيات ليست من الأخلاق أو الأدب، إذن لماذا يطبق الكثيرون أخلاقيات احترام الآخرين والصبر والتسامح في حياتهم كلها إلا في حال وجودهم بالسيارة!
نجد الكثير من الأشخاص الذين يؤمنون بأنه من العيب تخطي الآخرين في الطوابير لا يمانعون أبدا عندما يقودون سياراتهم من تخطي طوابير السيارات عند المنعطفات وخصوصا لفات الـ "فوق تحت"! ونراهم يسمحون للآخرين بالوقوف أمامهم بالطابور في المستوصفات مثلا إلا أنهم يفضلون إحداث حادث مروري على أن يسمحوا لسيارة بالانعطاف من الحارة المجاورة والمرور من أمامهم ولو استخدمت الإشارة الضوئية للاستئذان منهم! كما أنهم لا يطيقون الوقوف لبضع دقائق للسماح لبعض المشاة بعبور الطريق!
كما أننا نرى من هم يخجلون أو يترفعون عن الرد على من أساء إليهم وإنما ينبهونه بلطف على خطئه في الأماكن العامة إلا أنهم لا يترددون بالضغط على آلات التنبيه لفترات طويلة باعثين الخوف والهلع في قلب من مال بسيارته عليهم بالخطأ ومزعجين مرتادي الطريق جميعا! بالإضافة إلى أنهم يعيبون على من يزعج من يسير أمامه لكنهم لا يترددون في الالتصاق بالسيارة التي تسير أمامهم دون ترك أي مسافة ثم يبدأون بفتح فإغلاق الأضواء العالية بشكل متكرر لإزاحة تلك السيارة عن طريقهم بأي طريقة حتى لو عنى ذلك الاصطدام بها!
من المؤسف أن يظن البعض أن الطريق هو ساحة حرب ينتصر فيها المسرع المتهور بينما يكون فيها الملتزم بقوانين المرور ضعيفا مهزوما، فيقودون مركباتهم بسرعة جنونية دون اكتراث لشرع أو قانون أو أخلاق معرضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر.
إن من المهم أن يضع الإنسان بالاعتبار أن آداب التعامل مع الآخرين وأخلاق الإسلام كالرفق والأناة والعفو لا تطبق في أماكن معينة فقط بل هي أسلوب حياة للإنسان أينما ذهب وفي كل وقت، فلا يجوز أن نطبق هذه الأخلاقيات عند احتكاكنا المباشر مع الناس ونتخطاها عندما نظن أننا بعيدين عن المساءلة.
فلنكن ممن يجعل مشيه وسطا بين الإسراع والبطء وفق السرعة المحددة ويحترم الآخرين ويميط الأذى عن الطريق ويتجنب المزاح غير المقبول أثناء قيادة السيارة والذي قد يهدد حياة الآخرين، ولنكن ممن يغض البصر ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يرفع صوت المذياع أو يزاحم أويضيق على المارة و لا يستخدم آلة التنبيه إلا للضرورة، ولنتحلى بأخلاق الإسلام وما أجملها من أخلاق.
_______________________________________________
تم نشر هذا المقال في صحيفة الحركة - العدد 76 - 9/7/2007
التعليقات
للكلام بقية مع تنويهي الخاص بالموضوع
محمد عماري/المغرب
طيب وماذا عن تعربف المسلم بأنه من سلم المسلمون والناس من لسانه ويده؟
أختتم بسسؤال: ما هي لفات "فوق تحت" هذه؟
ان الفرد العربي بشكل عام يميل دوما الى نزعة سلوكية كانت في السابق تقتصر على عرش الملك او الخلافة او اي منصب يستطيع من خلاله ان يجد كرسيا يعلو فيه على من حوحوله من البشر وبما ان كراسي الملك والمناصب ليست متاحه لمثل هؤلاء فانهم يتخذون من كرسي السيارة منصبا لهم ليمارسوا من خلاله سلطتهم التي يحلمون بهامن داتفع رغبه دفينة في انفسهم موجودة في مورثات الانسان العربي .. اذا من السؤول عن كل ذلك ؟؟انه فيروس الكرسي الذي لايصيب الا العربي من دون الخلق كافه
غذا كان التنافس على الكراسي من موروثات العرب فماذا تقول عن الحروب التي قامت في أوروبا ما بين عصر النهضة مؤتمر فينا؟
جوزيت خبرا على تعليقك، هي وللأسف ظواهر موجودة في الكثير من الدول العربية وللأسف.
الأخ هشام ماجد
كلام صائب وللأسف هو "الثواب والعقاب الذي سيجنونه من الناس"، فلو كان "الثواب والعقاب الأخروي" لكانت السلوكيات مختلفة تماما.
ايلول 2005 والأخت عبير
قد تكون المواقف المذكورة مشاهدة بكثرة في دولنا العربية ولكن ذلك لا يمنع من وجودها بالدول الغربية، إلا أن استنكارنا لها يكون أشد إن صدرت من إخواننا المسلمين الذين من المفترض أن يكون قدوة للجميع في أخلاقهم واحترامهم للآخرين وللقانون.
لفات "فوق تحت" هي منعطفات الـ U turn
الظاهرة علامتها بالصورة
http://www.absolutvision.com/gallery/gallery/th/2M4231.100.jpg
شكرا جزيلا على المعلومة والرابط.
جزاك الله خيرا كلام صائب، وأؤكد على أن السماح للتجاوز هو لمن استأذن بأدب كما ورد بالمقال.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة