التعليقات
و في الواقع كان مقالكم الكريم يمثل ثاني تلخيص لكتاب أمريكي رديء أقرؤه في يوم الخميس 6 يناير. فقد كان الكتاب الأول بعنوان: جيش من الزهرات.. داخل عالم الانتحاريات الفلسطينيات ‘تأليف: باربرا فيكتور، نشر: دار روبنسون, لندن ، تاريخ النشر: 2004 ،عرض/ كامبردج بوك ريفيوز و تجده في صفحة كتب ضمن موقع الجزيرة نت . " وهذا الكتاب بالغ الرداءة والتشويه ويعج بجهل مؤلفته وانحيازها الفاضح للجلاد على حساب الضحية في سياق الاحتلال العسكري الإسرائيلي لفلسطين والفلسطينيين". وتغفل الكاتبة عمداً أية إشارة للصراع العربي الإسرائيلي أو للمعاناة اليومية للشعب الفلسطيني. "خلاصة الكتاب تقول إن الاستشهاديات الفلسطينيات مجموعة من النساء المعقدات الواقعات تحت ضغوط هائلة من قبل عدد لا يحصى من المشكلات النفسية والاجتماعية المطبقة عليهن من قبل الذكور ولا يجدن وسيلة للتخلص منها سوى قتل أنفسهن!"
ويقول من قام بدراسة الكتاب و تلخيصه أن " سبب مراجعته هو استعراض نموذج من الكتابات التدميرية التي تقلب الحقائق رأسا على عقب ولا تحترم عقل القارئ, ولا الوقائع على الأرض."
..............
حين رأينا ما وقع في أبي غريب قالوا لنا أن هؤلاء (الذين ارتكبوا تلك الجرائم النكراء) تفاحات فاسدة وأنهم يمثلون قاع المجتمع الأمريكي، مدمني مخدرات، وشواذ جنسياً، وما إلى ذلك. فما يمكن أن يقولوه لنا عن أستاذ العلوم السياسية في كلية أركان حرب البحرية الأمريكية السيد (توماس بارنيت) و السيدة باربارا فيكتور؟ أهذه هي النخبة المثقفة الأمريكية؟ ألا يدفعنا ذلك لتبني مقولة ابن لادن : "رئيس منحط و أمة منحطة " رغم أننا لا نوافق على هذا التعميم. وأنا واثق أن أمريكيين سيدينون هذين الكتابين و الفكر المتخلف اللذين صدرا عنه.
..............
يتوجب علينا أولاً شكر الدكتور سعادة خليل على صبره ومعاناته في قراءة هذا الكتاب. وأشاركه الرأي في أن مواجهة هذا العدوان "مع المعرفة والعلم بما يخطط في الجانب الآخر هو أقوى وأنجع من فعل يجهل الحقائق ويتجاهل قوة وأهداف الآخرين".
وأقف معه عند قوله " هل عدم وجود خطة لما بعد الاحتلال هو مقصود أم غير مقصود؟ أم هل عدم وجود خطة هو خطة في حد ذاتها أم لا؟
لقد سمعت من الأستاذ الدكتور ماجد عرسان الكيلاني أنه حضر (أو أن لديه أعمال ووثائق) عشرات المؤتمرات التي عقدت في أمريكا وكانت تبحث في كيفية حكم الشرق الأوسط بعد حكمه و السيطرة عليه.
كما حدثنا الدكتور المرحوم محمد محمد حسين عن مؤتمرين منها في كتابه الإسلام و الحضارة الغربية وكذلك فعل الدكتور محمد عمارة في كتاب له بعنوان الإسلام و التحديات الجديدة.
فإذا كان ما نراه في العراق و أفغانستان هو ثمرة كل هذا التحضير و هذه الدراسات فأقل ما يمكن أن يقال في هؤلاء الخبراء و الباحثون أنهم ضالون مضلون، فاسدون مفسدون.
...............
يترك ذلك كله في النفس مشاعر و تساؤلات عديدة:
- الحمد لله على دين الإسلام الذي يأمرنا أن نحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا. ويأمرنا أن نحسن للخلق جميعاً فهم عيال الله وأحبنا إلى الله أنفعنا لعياله. وما أعظم الفرق بين " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" و بين الداروينية الاجتماعية. آه كم تحتاج البشرية للإسلام اليوم أكثر من أي يوم مضى.
- الحمد لله أننا نرى أمامنا تجربة الحروب الصليبية و قد كانت سوريا فيها ممزقة لأربع وستين دولة، فوحدها نور الدين وأنسى الله أمراء أوروبا و ملوكها وساوس الشيطان برجال مثل صلاح الدين و قطز و الظاهر بيبرس.
- حين يظن توماس بارنيت أن أمريكا هي القوة المطلقة النهائية في هذا الوجود، وأن الأمريكان هم الناس وأن الآخرين ذباب ألم يقرأ هذا الغبي أن بريطانيا كانت في منتصف القرن التاسع عشر امبراطورية لا تغرب عنها الشمس وأنها كانت تحكم ربع اليابسة و تنتج ثلثي الفحم ونصف الحديد و ثلثي الفولاذ وأربعين بالمئة من السلع المصنعة في العالم؟ ثم زالت هذه الإمبراطورية وولت.
- ألا يتوقع أن تكون الصين بعد عشرين أو ثلاثين سنة في نفس موقع بلاده من العالم وأن أمريكا ستصبح في نفس موقع بريطانيا اليوم.
- ألم يع تجربة بريطانيا الفاشلة في الشرق الأوسط رغم أنها استعانت لتحقيقها بفرنسا وروسيا. لقد شعرت بريطانيا عام 1912 أنه لم يعد أمامها سوى الشرق الأوسط ودول آسيا الإسلامية ( التي يسميها بارنيت دول الفجوة) لتغير: "أساسيات وجودها السياسي" . وقد قيّم مواطنه المؤرخ الدكتور ديفيد فرومكين هذه المحاولة بعد ثمانين سنة ووصفها بقلة الفهم للإسلام و التهوين من شأنه و قال: " لو كان بإمكانهم أن يبصروا حال المسلمين في النصف الثاني من القرن العشرين لأدهشتهم حمية المذهب الوهابي في السعودي’ و عاطفة الإيمان الجياش في أفغانستان المتحاربة، و استمرار حيوية الإخوان لمسلمين في مصر وسوريا وغيرها من بلدان العالم السني والثورة الخمينية في ايران الشيعية.
- يعجبني قول تشرتشل : أصدقاؤنا الأمريكان يفعلون الشيء الصواب دوماً، بعد تجربة كل الاحتمالات الأخرى. وقول روجيه غارودي: أمريكا طليعة الإنحطاط ، وقول جورج كليمنصو : أمريكا هي التطور من الهمجية للإنحلال، بدون ملامسة بالحضارة.
- و الحمد لله الذي قال في أواخر سورة الصافات :
" ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين(172) إنهم لهم المنصورون (173) وإن جندنا لهم الغالبون "
أقول للاستاذ الملاح جزاك الله خيراً على أدبك وتواضعك أمام كتاب الله ولكن بقيت فقط كتابة رقم الآية الأولى (171 ) . و لقد رأيت حذف ما كتبته أنا من قبل لأنه فقد الآن أهميته . مع خالص إحترامي لك ولكل من يكتبون ويقرأون في ناشري.
أما سعادة الدكتور سعادة خليل ومقاله الرائع فأرجو أن أعلق عليه في القريب إن شاء الله.
وأنا مدين بالشكر للأخ الكاتب (مظلوم بن مرحوم) الذي نبهني لخطئي فجزاه الله عن كتابه وعني كل خير. وسأقوم بإعادة تحرير تعليقي السابق لتصحيحه.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة