الأسلوب ابن التاريخ، يتطور مع تطور التاريخ وحيويته، فلكل تاريخ أساليبه التي ترسم ملامحه الإبداعية، غير أن واحداً من هذه الأساليب يتجاوز التاريخ بعمق وثراء صياغته لنصوصه.
كتاب (الفصول والغايات) لأبي العلاء المعري، أحد هذه النصوص التي تجاوزت التاريخ الى الحاضر، ومن هنا، الى المستقبل فالإبداع نهر يتدفق، والمبدعون حاضرون أبداً في مسيرته الجمالية.
تهدف الدراسة الى الكشف عن القدرات الإبداعية لدى أبي العلاء المعري، التي أنتجت الفصول والغايات، والوقوف على ملامح أسلوبه المتفرد الذي جعل منه أحد مراجع (قصيدة النثر) العربية.
منهج الدراسة هو البحث في الأسس الموضوعية للنص، بغية إدراك الموضوعية في إطار رؤية عقلانية أدبية جمالية، تكشف عن تميز النص (الفصول والغايات)، ليس بوصفه كلاماً يبلغ فكرة ما، وإنما بوصفه نصاً يؤدي تأثيراً فنياً في المتلقي الذي أعتنى به المعري كثيراً.. من خلال (اللغة) التي امتلك المعري ناصيتها بكفاءة نادرة.
وكذلك تهدف الدراسة الى تحليل (غايات) أبي العلاء المعري للكشف عن الكامن فيها من جمال وتأثير في المتلقي، والطرق التي قام عليها النص، وكذلك الكشف عن القيم التعبيرية، من خلال وصف النص وسياق قدرته على نقل العواطف والمشاعر والقيم الأخلاقية والدينية، التي جعلت من الكتاب متميزاً عبر التاريخ.
في اليوم العالمي للغة العربية 2019، الذي يحمل محور الاحتفاء به شعار (اللغة العربية والذكاء الاصطناعي) نهدف إلى تعزيز واقع اللغة العربية وحضور علومها بقوة خلافا للصورة السائدة بعرض هذه مقترحات التي جُمعت من تقصي ومتابعة الندوات والمحاضرات التي تداعى لها المختصون والمهتمون والمحبون للغة العربية؛ لدعم انتشار اللغة العربية عن طريق الذكاء الاصطناعي؛ الذي يهتم بالعمليات الإدراكية؛ كالاستجابة والتفاعل، وهذه الأفكار ستعرض تباعا مذيلة بالتوضيح للواقع تارة، ولمجال التطوير تارة أخرى.
1ـ(التصحيح الكتابي)
تطوير برامج التصحيح التلقائي للكتابة بضخّ مواد عربية صحيحة ورفعه إلى مستوى التصحيح الأسلوبي لضمان سلامة التراكيب العربية مثل الكتابة الإملائية
ومحاكاة هذا التصحيح الإملائي ببرنامج تفاعلي يصحح طريقة رسم الحروف العربية؛ من اليمين إلى اليسار ومن الأعلى إلى الأسفل.
2ـ (الأدب التفاعلي)
توظيف التقنيات الحديثة في عرض الأدب بصورة حديثة، يمكن بها التقريب بين الألفاظ والمعاني، والتركيب والأخيلة، وذلك بتوفير مقاطع شعرية فصيحة مناسبة للنظارات الواقع الافتراضي، وإعداد ديوان رقمي تفاعلي يتيح للباحث عما قيل موضوع يحدده أن يعرض القصائد المتقدمة والحديثة، أو الباحث عن القصائد ذات المطلع الواحد، أو الباحث بالقافية، وهذه الفكرة يمكن لقائل أن يقول أنها خدمة توفرها محركات البحث، لكن البحث فيها لا يضمن وجودها في مكان واحد، كما لا يضمن صحة الأبيات، والقائل، ولهذا يعزف الكثير عن توثيق الأبيات من شبكات البحث العالمية، ويؤثرون الدواوين المطبوعة، ويمكن الاستناد إلى (موسوعة الشعرالإلكترونية / كلية اللغة العربية / أم القرى)، للتطوبر.
الشخصيات:
مبارك: رجل وقور كبير السن في السبعين من عمره.
الشيخ: شاب في الثلاثين من العمر ذو قامة طويلة ومهابة.
أحمد: فتى في الثانية عشرة من عمره له مستقبل واعد.
الغريب: رجل غير محدد الملامح، تبدو عليه سمات الغرابة، ملثم دائماً، يريد أن يهدم القلعة ويتربص شراً بأهلها.
الرجل: أربعيني يعتقد أنه الحارس الأمين للرجل الكبير، وللشيخ وللفتى أحمد وللقلعة برمتها يحمل سيفاً عربياً بيده.
سيتفتّت كبدك حين تعرف الامتيازات التي يحظى بها المبدعون في بعض دول العالم. أعرف كاتبة دانماركية حصلت من دولتها على منحة للتفرغ مدى الحياة للكتابة الإبداعية. لا يهم، هؤلاء قوم، ونحن قوم.
من الأمور الطيبة في الكويت إجازة التفرغ للإنتاج الفني والأدبي، والتي تمنح للموظف لمدة 6 أشهر قابلة للتمديد لينجز فيها عملا أدبيا أو فنيا. يُشترط طبعا أن يكون الشخص ممن له "إنتاج معروف ومتميز في مجال العمل المطلوب التفرغ من أجله"، وأن يحصل مشروع العمل على موافقة اللجنة المختصة في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. وتبين أن ثمّة شرط آخر عجيبٌ عُجاب، أخبركم عنه بعد قليل!
كنت أروم هذه الإجازة منذ زمن، وأقدّم رِجلا وأؤخّر الأخرى في انتظار أن يكون لي "إنتاج معروف". وبعد أن رسختُ في الكتابة، وبلغت من الإبداع عتيا، وصار مجموع ما نشرته 13 كتابا ورقيا في الرواية والقصة وأدب الطفل واللغة، هذا بخلاف بعض المنشورات الإلكترونية، وأفواج من المقالات هنا وهناك، تشجّعت وتقدّمت أطلب هذه الإجازة.
جاء الرد بالموافقة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مشكورا، وخاطب جهة عملي جامعة الكويت حيث أعمل مدرّسا مساعدا. بحثتْ الجامعة في أحقيتي لهذه الإجازة، ورجعت لقانون الخدمة المدنية، فوجدت شرطا يقول: "ألّا يكون الموظف من العاملين في سلك التدريس"! إي والله، هكذا تقول المادة، وكأن الإبداع لا يسطيع أن يسلك في عقول "العاملين في سلك التدريس"!
للتو فرغت من كتاب (حياة في الإدارة) لغازي القصيبي رحمه الله، صدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت دون تاريخ، ويقع في 308 صفحات من القطع المتوسط، شدني جدا فيه أسلوب القصيبي الأدبي وبلغة هادئة سلسة شفافة، والكتاب جزء من سيرة ذاتية مكتظة بكثير من التفاصيل، فالقصيبي الذي ولد في الأحساء وتربي ودرس المراحل الدراسية ما قبل الجامعة في البحرين ثم غادر إلى مصر لنيل الإجازة في الحقوق ومن ثم بعدها حصل على البكالوريوس في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا، ثم حصل على الدكتوراه من بريطانيا، يرسم خطاً متوازياً مع الأحداث فلا يتذكر أشياء دقيقة عن حياته إلا بعد أكثر من خمس سنوات حيث فقد أمه وهو ما يزال رضيعاً فتربى في حضن جدته لوالدته يتيماً، ويسرد القصيبي أحيانا التفاصيل بلا طائل، ويدخل القارئ معه في دهاليز الوظائف التي تولاها، ويخرجه ليبقى على ضفاف الكتاب عن شخصية أشبه بالأسطورة.
أحببت رسائل الأدباء والمثقفين، واطلعت على كثير منها مثل رسائل العقاد والرافعي ومي زيادة وغسان كنفاني وغادة السمان، ورسائل جبران وسواها، ذلك لأن الرسائل جزء لا يتجزأ من السيرة الذاتية لأي إنسان كتبت بظروف معينة، وتؤرخ لحقبة معينة أيضًا، إلا أنني وقعت على رسائل الرصافي مع معاصريه في كتاب شيق لكاتب اسمه عبد الحميد الرشودي جمع فيه 100 رسالة من أقارب وأصدقاء ومعارف الرصافي والكتاب يقع في مئتي صفحة ذيلها برسائل توثيقية بخط الرصافي نفسه صدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت في العام 1994، والرسائل تغطي الحقبة الممتدة بين عامي 1906 و1934م، كما وثق الرشودي الرسائل بإشارات وإيضاحات وتراجم للأشخاص الذين وردت أسماؤهم في الرسائل سواء أكانوا مرسلين لها أو مستقبلين لها، مع ذكر بعض الأسباب التي دعت إلى كتابتها أحيانًا، ولعل في تلك الهوامش من الفوائد ما هو أعلى قيمة أدبية من الرسائل نفسها حيث تجد الكتب المفيدة، وأسماء : الصحف والمجلات الصادرة في تلك الفترة مع التعريف بأساليب الأدباء آنذاك.
يالَهذا الواقع المُوجع العديم التهذيب! هذا الواقع نفسه هو مَعْجَن الكاتب؛ منه يستمد حكاياته، وبسببه يكتب. ولأن هذا الواقع لا يخلو من أمراض، ولأنّ جمال الواقع ليس سببا كافيا للكتابة دوما، لا بد إذًا من استفزازٍ يحرّك مياه الكتابة العزيزة. ويمكن لمنظر جميل أن يلهم لوحة أو قصيدة، لكن حين الحديث عن كتابة معرفية فكرية تثير الأسئلة، وتنزع الأعشاب الضارة، فإن الجمال ليس محفزا رئيسا للكتابة "التثويرية"، لأن الكتابة عن الجمال والاتساق احتفال واحتفاء وقتي بلحظة، بومضة، بعارض يعرض على الواقع. أما الكتابة التأصيلية، فمحركها الرئيس استفزاز، قد يكون على شكل تقزز من الواقع أو غضب منه، أو خوف، أو قلق، أو دهشة، وفي بعض الأحيان القليلة انبهار بجمال فائق.
السؤال هنا، كيف يمكن للكاتب أن ينقل هذا الواقع المريض ويعرضه؟ لا يمكن قبول التجميل هنا، وأي تزيين هنا هو تزييف لا محالة، فالأديب ليس مزيِّنا أو خبير "مكياج". لكنّه أيضا ليس صحافيا ينقل الخبر بدقة وتفصيل، فالأديب ليس كاميرا!
وهنا يمكن أن نتفذلك كثيرا، وننظّر، وندبّج، ونتشدق بالماينبغيات، والمفروضات، والمأمولات. سنثرثر كثيرا، وسيُودي الواقع المريض في أثناء ذلك بضحايا كُثر. لكنْ لا بد أن نحسم الأمر، ونرسم خريطة الطريق، ونعثر على الملقط المناسب لاصطياد جرثومة الواقع الموحل، وعرضِها على القارئ دون أن يتسخ أي الطرفين –الكاتب أو القارئ- بها.
الصفحة 1 من 45