انساق الحديث بسلاسة وبهجة من الطقس، إلى المحاصيل، إلى الأدب، ومن الأدب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى الدين، وظلّ يتنقل بسرعة وبشكل عشوائي من موضوع إلى آخر، إلى أن استقر على موضوع جهاز الإنذار من اللصوص. وكان السيد ويليامز قد أظهر حينئذ وللمرة الأولى بعض التجاوب.

كنت كلما لمحت مثل ذلك التعبير الذي ارتسم على وجه ذلك الرجل، أفهم ما يعنيه، وبذلك كنت ألتزم الصمت لكي أترك له فرصة تحرير قلبه من العبء الذي يُثقل عليه.

قال بانفعال لم يكن بإمكانه السيطرة عليه:

- سيد توين، لن أنفق سنتاً واحداً على جهاز إنذار من اللصوص، ولا حتى سنت واحد وسوف أعلمك لماذا:

كنا ونحن نستكمل إكساء منزلنا قد وجدنا , بعد سدادنا  حساب السمكري، بأنه قد توفر لدينا بعض المال ، وهو ما لم نكن قد توقعناه. كنت أرغب في أن نستخدم ذلك المبلغ في وضع "هيثن" (تمثال وثني لطرد الأرواح الشريرة)، لأنني كنت أميل دوماً وبشكل كبير إلى وضع مثل ذلك التمثال. لكن السيدة ماك ويليامز قالت دعنا نضع جهازاً للإنذار من اللصوص، وكنت قد وافقت على تلك التسوية، وسوف أقوم بتفسير الأمر- إن ما نفعله دوماً، كلما ترغب السيدة ماك ويليامز بأمر ما، وأكون أنا قد رغبت بشيء آخر، هو أن أُقرّر في النهاية تنفيذ الأمر الذي ترغب به السيدة ماك ويليامزـ وهذا ما كانت زوجتي تُطلق عليه تعبير التسوية بالحلّ الوسط.

حسناً، جاء الرجل من نيويورك وقام بوضع جهاز الإنذار، وطلب منا لقاء ذلك ثلاثمائة وخمسة وعشرين دولار. وقال لنا حينذاك بأن بإمكاننا من الآن فصاعداً أن ننام دون أي قلق. وكنا قد فعلنا ذلك لفترة، ولنَقل أن ذلك كان لفترة شهر واحد. لكنّا شممنا ذات ليلة رائحة تبغ. طلبت مني زوجتي أن أنهض من فراشي لكي أستطلع الأمر. أشعلت شمعة وتوجهّت نحو السلالم، وإذا بي أشاهد لصاً كان في طريقه للخروج من إحدى الغرف، وهو يحمل بين يديه سلّة تحتوي على بعض الأواني التي كان، على ما يبدو، قد اعتقد في الظلام بأنها من معدن الفضة الصافي. كان يدخن الغليون لذا قلت له:

- نحن لا نسمح بالتدخين في هذه الغرفة يا صديقي.

قال لي بأنه غريب عن المنطقة، لذا فليس من المفروض أن يكون على علم بالقواعد المُطبقة في هذا المنزل، وبأنه كان قد دخل سابقاً إلى عدة منازل بمثل هذا المستوى، ولم يكن أحدهم قد اعترض على ذلك. ثم أضاف بأنه يعتقد, كما أن ذلك حسب تجاربه السابقة، لم يسبق أن اُعتبرت مثل هذه القواعد مما يُطبق على اللصوص.

قلت له:

- فإذاً بإمكانك أن ستمر في التدخين لو كان هذا هو العرف، رغم أنني أرى بأن منحك مثل هذا الامتياز يعتبر تنازلاً من أسقف مثلي للص. وهو من الأمور المرفوضة، وبأن فيه ما قد يشير بوضوح إلى نوع من التراخي مع مرور الزمن. ولكن لو تركنا كل ذلك جانباً، فما الذي جعلك تدخل إلى البيت خِلسة وبهذه الطريقة الخفية ودون أن تقرع جرس الإنذار؟"

بدا لي مضطرباً وخجلاً وقال بارتباك:

- ألف معذرة، لم أكن أعلم بأن لديكم جهاز إنذار من اللصوص، وإلا فكنت سأقرعه. أتوسل إليك ألا تذكر ذلك أمام أحد لكي لا يصل إلى مسامع والداي، فقد تقدمت بهما السن وأصبحا ضعيفين، ومثل هذه الخرق الجلي وهذا الاستهتار بالعادات المُقدسة المُتعارف عليها في حضارتنا قد يؤدي إلى تقويض ذلك الجسر الواهي الذي يقع بين الواقع الباهت السريع الزوال وبين الأعماق المَهيبة للأبدية. ثم قال هل يُضايقك لو طلبت منك عود كبريت؟

قلت له :

- من شأن مشاعرك هذه أن تشرّفك، ولكن لو سمحت لي بالقول، هذا المجاز في الحديث ليس أفضل ما تستند عليه، احتفظ بذلك لنفسك فهو يشتعل بواسطة العلبة فقط، هذا لو كنت تثق بتجربتي. ولكن دعنا نعود إلى موضوعنا:

- كيف دخلت إلى هنا ؟

قال:

- دخلت عبر نافذة الطابق الثاني.

لابد أن الأمر كان كذلك. وبذلك قمت باسترداد الأواني منه وفق التعرفة المتعارف عليها في دفع قيمة المُرتهنات، محسوماً منها تكلفة الإعلان. ثم تمنيت لذلك اللص ليلة سعيدة وأغلقت النافذة خلفه وعدت إلى الداخل من جديد لكي أروي لزوجتي ما حدث.

وكنا في صباح اليوم التالي قد أرسلنا بطلب الخبير الذي قام بتركيب جهاز الإنذار. وعندما جاء إلينا كان تفسيره لما حدث  بأن ذلك كان بسبب ربط جهاز الإنذار بالطابق الأول فقط . كان ذلك بالطبع من البلاهة، فقد لن يكون لدى المرء في المعركة أي درع على الإطلاق، لو كان كل ما لديه هو ما يحمي ساقيه فقط. قام الخبير بوضع القطعة الثانية على جهاز الإنذار وذهب في طريقه بعد أن حصّل منا لقاء ذلك على ثلاثمائة دولار...

ثم كنت بعد مدة قد شاهدت ذات ليلة ذلك اللص في الطابق الثالث. كان على وشك نزول السلالم وهو يحمل مجموعة مُتنوعة من الممتلكات العائدة إلينا. كانت ردّة فعلي الأولى أن أقوم بتحطيم رأسه بمضرب البيلياردو، ولكن ردّة الفعل الثانية كانت بأن أمتنع عن ذلك، لأنه كان يقف بيني وبين المضرب. وبذلك كنت قد امتنعت عن القيام بذلك لأنني وجدت بأن ردّة الفعل الثانية هي الأسلم، واتبعت أسلوب التسوية بالحلّ الوسط, وذلك بأن استرددت الممتلكات منه بذات القيمة السابقة بعد أن خصمت من المبلغ عشرة بالمائة لقاء استخدامه السلالم، بما أن السلالم من ممتلكاتي.

وكنا في اليوم التالي قد أرسلنا من جديد بطلب الخبير الذي قام بتثبيت الجزء الثالث على جهاز الإنذار لقاء ثلاثمائة دولار أيضاً.  وبذلك كان حجم الجرس قد أصبح هائلاً. كان يشتمل على سبعة وعشرين شريط معدني سُجل على كل منها أسماء الغرف وفتحات المواقد. وكان بذلك قد شغل أيضاً مكاناً يُعادل حجم خزانة للملابس. كان قد تثبيت الجرس الذي هو بحجم قِدر الغسيل على رأس سريرنا., كما كان هناك سلك يمتد من المنزل إلى مكان إقامة الحوذي في الإصطبل، يرتبط بقرص الجرس الذي ثُبت على طرف وسادته.

وكان من المفترض أن نشعر حينذاك بالراحة، لولا خلل واحد.، ذلك لأن جرس الإنذار كان يرنّ كل صباح عندما تأتي الطاهية وتفتح باب المطبخ.  وعندما حدث ذلك في اليوم الأول كان قد خُيّل إلي بأن ذلك اليوم هو بالتأكيد يوم نهاية العالم. ولم أكن قد فكرت بذلك وأنا في السرير، لا،  وإنما عندما غادرت السرير ذلك لأن التأثير المُفزع الأول لذلك الجرس كان أشبه بمن يقذف بك عبر المنزل، ويضربك بعنف على الجدار ثم يلفّ بك ويلويك كالعنكبوت على غطاء الموقد إلى أن يقوم أحدهم بإغلاق باب المطبخ. والحقيقة أنه لايمكن أن تكون هناك جلبة قد تُقارن بتلك الجلبة التي كان يُحدثها ذلك الجرس.

حسناً، ثم كانت تلك الكارثة تحدث بشكل مُنتظم في الساعة الخامسة من كل صباح، وبذلك كانت تُضيع علينا يومياً ثلاث ساعات من النوم. لأنك عندما تستيقظ بسبب مثل ذلك الشيء لن تستيقظ فقط على الفور وفي الحال، وإنما سوف يؤدي ذلك الصوت إلى أن يَتنبّه كل ما فيك، عقلك وكل شيء., وإلى أن تبقى بذلك الوضع ثمانية عشرة ساعة - ثمانية عشرة ساعة من اليقظة التي تفوق التصوّر والتي لم يسبق أن تكون قد مرّرت بها طوال حياتك.

وحدث ذات مرة أن توفي أحد الغرباء بين أيدينا، واضطررنا لإخلاء غرفتنا له، وإلى لاحتفاظ به فيها طوال الليل. فهل كان ذلك الغريب ينتظر يوم الحساب؟... كلا، سيدي، كان قد نهض في الخامسة من صباح اليوم التالي بأكثر ما يمكن من سرعة, وكنت دون فخر أعلم جيّداً بأنه سوف يفعل ذلك. لأنه قام بعد ذلك بتحصيل بوليصة التأمين على الحياة وعاش بسعادة،  فقد كانت لديه العديد من الإثباتات التي تؤكّد وفاته تماماً في منزلنا.

حسناً، ونظراً لأننا كنا نُحرم يومياً من النوم، فقد بدأنا نتوجه بالتدريج للبحث عن طريقة أفضل قد يكون بإمكاننا أن نرسو عليها، وبذلك قمنا أخيراً باستدعاء الخبير من جديد. كان ذلك الخبير قد وضع سلكاً يمتد إلى خارج باب المنزل، كما وضع هناك مفتاحاً كهربائياً. إلا أن توماس كبير الخدم لدينا كان يخطئ ويُغلق ذلك المفتاح قبل ذهابه للنوم، ثم يقوم بفتحه من جديد مع فجر اليوم التالي، في الوقت الذي كانت فيه الطاهية ستفتح باب المطبخ تماماً، وهذا ما كان يجعل جهاز الإنذار يصدح بعنف في المنزل، ويتسبب أحياناً بكسر أحد النوافذ. وبعد أسبوع  كان قد تبيّن لنا بأن موضوع المفتاح الكهربائي لم يكن سوى شِرك وتضليل., وكنا قد اكتشفنا بأن مجموعة من اللصوص، كانت تُقيم طوال الوقت في منزلنا، ولكن ليس بهدف السرقة بالتحديد، فلم يكن قد تبقى لدينا الكثير مما يمكن أن يُسرق، وإنما للاختباء في منزلنا نظراً لأنهم كانوا ممن تلاحقهم الشرطة. وكان قد خطر ببالهم بكل دهاء، بأن رجال التحرّي لن يتوقّعوا على الإطلاق أن يتخذ مجموعة  اللصوص لأنفسهم ملاذاً في منزل كان من المعروف بأن يحتوي على أكثر أجهزة الإنذار تطوّراً وفعالية في أمريكا.

أرسلنا من جديد بطلب الخبير، وكان هذه المرة قد توصّل إلى أكثر الأفكار إبهاراً، بأن وضع ذلك الشيء الذي كان يجعل الجرس ينفصل فور فتح باب المطبخ. كانت تلك فكرة جيّدة، وكان أيضاً قد فرض علينا التكلفة التي تتناسب مع تلك الفكرة... وبإمكانك بالطبع أن تتوقع النتيجة. كنت أفتح جهاز الإنذار كل ليلة قبل النوم لأنني لم أعد أثق بذاكرة توماس الضعيفة, لكن اللصوص كانوا يدخلون من باب المطبخ فور إطفاء الأضواء في المنزل ويغلقون جهاز الإنذار حتى دون أن تكون هناك حاجة لأن ينتظروا أن تفعل الطاهية ذلك في الصباح.

وهكذا ترى كيف أن الوضع الذي كنا فيه كان يزداد خطورة... لم يكن بإمكاننا استقبال أحد لعدة أشهر, ولم يعد لدينا أي سرير إضافي، فقد شغل اللصوص جميع الأسرّة. وكنت وفي نهاية الأمر قد قرّرت أن أعالج الوضع بنفسي., استجاب الخبير لطلبي بأن وضع سلكاً آخراً في الإصطبل مع مفتاح كهربائي يُتيح للحوذي القيام بفتح وبإقفال جهاز الإنذار.

كان الأمر قد نجح في المرحلة الأولى. وتلت ذلك فترة من الأمن والسلام، تمكنّا خلالها من دعوة بعض الأصدقاء مُجدّداً، ومن الاستمتاع بالحياة.

لكن ذلك الجهاز غير القابل للضبط، كان من حين لآخر يتسبب بشيء غريب. كنا في إحدى ليالي الشتاء قد قفزنا من فراشنا على صوت تلك الموسيقى المفزعة للجرس. ركضنا بسرعة إلى تلك اللوحة وأشعلنا المصباح. وشاهدنا عليها كلمة غرفة الأطفال. وكان أن فقدت السيدة ماك ويليامز على الفور وعيها تماماً لشدة الهلع، كما كنت على وشك أن أفعل ذات الشيء.

ثم أمسكت ببندقية الصيد التي كانت لدي، ووقفت بانتظار الحوذي، في الوقت الذي كان فيه رنين النداء مُستمراً. كنت أعلم بأن صوت الجرس قد نبّه الحوذي أيضاً، وبأنه سوف يأتي إلي وهو يحمل بندقيته فور انتهائه من ارتداء ملابسه.

وكنت عندما وجدت بأن الوقت قد حان، قد تسللت إلى الغرفة المجاورة لغرفة الأطفال., ونظرت من النافذة. شاهدت في ذلك الظلام شبح الحوذي الذي كان يقف في الباحة السفلية في وضع التأهّب بانتظار فرصة القبض على اللص، ثم تسللت بعد ذلك إلى غرفة لأطفال وأطلقت النار، وقام الحوذي أيضاً بإطلاق النار في الهواء بذات اللحظة. نجح كلانا، إلا أننا كنا قد تسببنا في إصابة إحدى الخادمات بالشلل، كما كان الحوذي قد أصابني في مؤخرة رأسي.

أشعلنا المصباح وطلبنا الطبيب., ولكن لم يكن هناك أي أثر لأي لص., كما لم تكن أية نافذة قد فتحت., وإنما كان قد تم تحطيم أحد ألواح الزجاجية فقط في المكان الذي كانت فيه طلقة الحوذي قد أصابته. كان ذلك بالفعل أشبه بلغز غريب لم نتمكن من تفسيره ـ أن ينطلق جهاز الإنذار من نفسه وفي منتصف الليل ودون أن يكون هناك أي لص في الجوار!

لبى الخبير الذي قمنا باستدعائه طلبنا كالعادة، وكان تفسيره للأمر بأن ما حدث كان عبارة عن إنذار كاذب حدث بالخطأ، وبأن من السهل إصلاح ذلك. قام بذلك بإصلاح نافذة غرفة الأطفال وكان أن طلب منا أيضاً مبلغاً مُجزياً لقاء ذلك ثم غادر.

ليس بإمكان أحد أن يصف مقدار ما عانيناه خلال السنوات الثلاث التي تلت من جراء تلك الإنذارات الكاذبة. كنت خلال الأشهر الثلاث التالية، أركض دوماً وأنا أحمل بندقيتي إلى الغرفة المشار إليها في اللوحة، كما كان الحوذي يهجم إلى الخارج وهو يحمل مصباحه الكهربائي لكي يُساندني. ولم يكن هناك دوماً ما يحتاج لأن نطلق النار بسببه، وإنما كنا نجد جميع النوافذ مغلقة وآمنة.... وبذلك كنا نقوم في اليوم التالي باستدعاء الخبير لكي يُصلح تلك النوافذ التي كانت تبقى هادئة لمدة أسبوع فقط أو أكثر... أما الخبير فلم يكن ينسى بالطبع أن يرسل إلينا الفاتورة بقيمة الإصلاحات.

وكان أن حدث مع مرور الوقت ما هو من الطبيعي جداً، فبعد أن كنا قد أجبنا على ثلاثمائة أو أربعمائة من تلك الإنذارات الكاذبة، كنا على سبيل الدعابة قد توقفنا عن الردّ على الإنذارات. نعم، كان كل ما أقوم به عندما ما يصدح جهاز الإنذار بعنف هو أن أنهض بكل هدوء وأن أقوم بتفحّص اللوحة بكل هدوء أيضاً وأن أسجل رقم الغرفة، وأن أقوم بفصل ذلك الرقم عن جهاز الإنذار، وأعود إلى سريري كما لو أنه لم يحدث شيء. إلا أنني كنت بذلك بحاجة لأن أخرج باستمرار من فراشي، لكنني لم أعد أرسل بطلب الخبير. حسناً ولا حاجة لأن أقول،  بأنه مع مرور الزمن، كان قد تم فصل جميع الغرف عن جهاز الإنذار، وبأن الجهاز بكامله لم يعد صالحاً للعمل.

وفي الوقت الذي لم تعد لدينا فيه حماية حدثت لنا الكارثة الأكبر، كان اللصوص قد دخلوا ذات ليلة وقاموا بسرقة جهاز الإنذار! نعم، سيدي ! كانوا قد انتزعوا كل جزء من أجزائه "الأسنان والأظافر" (تعبير مجازي) الزنبرك، الأجراس، قرص الجرس، البطارية وكل شيء، كما سرقوا مائة وخمسين ميلٍ من الأسلاك المطلية بالنحاس. قاموا بإزالته برمته، ولم يتركوا لنا أي أثر له لكي نُقسم به أعني لكي نشتمه.

وكنا قد أمضينا بعد ذلك وقتاً طويلاً لاستعادته، لكن ذلك كان لقاء المال. ثم أعلمتنا الشركة التي تُصنّع أجهزة الإنذارات، بأن ما يلزمنا الآن هو تركيب الجهاز بشكل صحيح، وربطه بالنوافذ بنوع حديث من الأسلاك وبذلك سوف تكون الإنذارات الكاذبة مستحيلة. وبأن ذلك الاختراع الجديد سوف يجعل عمل الجهاز آلياً، بحيث يعمل بشكل آلي كل مساء، ثم ينفصل في الصباح دون أن تكون هناك حاجة لأي شخص لإتمام هذه العملية.

اعتقدنا حينذاك بأنه قد تم التخطيط لكل ذلك بشكل جيّد. وكان الخبراء قد وعدوا بإنهاء الموضوع خلال عشرة أيام على الأكثر. وكان العمل قد بدأ بالفعل قبل مغادرتنا المكان كعادتنا خلال فصل الصيف. إلا أن الخبراء كانوا قد تركوا العمل بعد بضعة أيام بسبب العطلة الصيفية. وبذلك جاء اللصوص على إثِرهم لكي يُمضوا عطلة الصيف في منزلنا.

وكنا عندما عدنا إلى المنزل في الخريف، قد وجدنا بيتنا فارغاً تماماً أشبه بخزانة في بيت يتم طلائه بالدهان. قمنا بتأثيث البيت من جديد وأرسلنا بطلب استعجال لقدوم الخبير. جاء الخبير واستكمل العمل وقال لنا  " لقد تم تثبيت هذه الساعة بحيث يعمل جهاز الإنذار اعتباراً من الساعة العاشرة مساء، ثم ينفصل آلياً في الساعة السادسة إلا الربع صباحاً، وكل ما عليكم هو أن تقوموا بربط الساعة مرّة واحدة في الأسبوع ثم تتركوها  بعد ذلك وهي التي ستتولى أمر الإنذار.

مررنا بعد ذلك بثلاثة أشهر من أكثر الأوقات هدوءاً، لكن فاتورة الأتعاب كانت هائلة.  كنت بالطبع قد قلت لهم بأن الموضوع لا يستحق كل ذلك المبلغ ما لم يَثبت لنا خلو جهاز الإنذار الجديد من العيوب., وكان الوقت المحدد لذلك هو ثلاثة أشهر فقط. وبذلك قمنا بسداد الفاتورة بعد انتهاء المهلة المحددة. ولكن... وفي اليوم التالي تماماً من قيامنا بسداد فاتورة الأتعاب، كان جهاز الإنذار قد انطلق في الساعة العاشرة صباحاً، بطنين أشبه بأزيز عشرة آلاف من حشرات النحل. كنت قد قمت بفصله حوالي الساعة الثانية عشرة ليلاً وفق التعليمات، وهذا ما جعل جهاز الإنذار يتوقف عن العمل، ولكن تشابكاً جديداً كان قد حدث بين الأسلاك بعد ذلك، وكان علي أن أقدّم الساعة لمدة اثنتي عشرة ساعة لكي يعمل الجهاز من جديد. ثم استمرت تلك السفاسف لمدة أسبوع أو لمدة أسبوعين، إلى أن جاء الخبير واستبدل الساعة بساعة جديدة.

وخلال السنوات الثلاث التاليات، كان ذلك الخبير يأتي إلينا كل ثلاثة أشهر لكي يستبدل الساعة بساعة جديدة. لكن ذات العيب كان يظهر دوماً في الساعات التي يُركبّها: فإما أنهم كانوا يضعون الإنذار للفترة النهارية، أوأنهم كانوا لا يضعونه للفترة الليلية. وحتى لو قمت بذلك بنفسك، فسوف يقومون وعلى الفور بفصله من جديد عندما تُدير ظهرك.

هذه هي قصة جهاز الإنذار كما حدثت تماماً دون أي زيادة أو نقصان، ودون أن أجعل منها قصة تُروى على سبيل التهكم. نعم، سيدي !. وبذلك كنت قد نمت تسع سنوات مع اللصوص، وأنا أقوم بصيانة جهاز الإنذار المرتفع الثمن على نفقتي الخاصة، لحماية أولئك اللصوص وليس لحمايتي أنا، فهم لم يساهموا في كل ذلك بالطبع ولو بسنت واحد. إلى أن قلت للسيدة ماك ويليامز بأنني تعبت، وبذلك قمت بموافقتها بنزع جهاز الإنذار بكامله وببيعه لقاء كلب حراسة، لكنني بعد ذلك قمت بإطلاق الرصاص على ذلك الكلب.

لست أدري ما هو رأيك في كل ذلك سيد توين؟، لكنني أعتقد بأن مثل هذه الأشياء تُصنّع لصالح اللصوص فقط.. نعم،سيدي , أعتقد بأن جهاز الإنذار يشتمل في حدّ ذاته على كل ما هو ضدّ الحريق، أو الإخلال بالأمن، أو لحماية بيت الحريم (الحرملك)، لكنه بذات الوقت، وبشكل أو بآخر، لا يحتوي على أية ميّزات تعويضية ترتبط بذلك. والآن وداعاً

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية