بعد مرور أكثر من أربعة عقود على وفاته؛ ما زالت أفكار ومواقف الدكتور طه حسين تثير الجدل حتى اليوم، إلى الحد الذي دفع بأحد الباحثين إلى عنونة كتابه باسم: (طه حسين مطلوب حياً أو ميتاً) ، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل بلا شك على عمق تأثير الرجل في الثقافة العربية، وعلى أهمية الدور الذي اضطلع به كأحد أعلام النهضة الثقافية التي عاشتها مصر منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. لذا يمكننا القول بأن قراءة فكر رجل في هذا الموقع وبهذا الحجم لا تخلو من خطورة، وأن تجرد الباحث فيه من الأحكام المسبقة يبدو أكثر إلحاحاً من أي بحث آخر، وهو ما أزعم أني سعيت جاهداً لتبنيه، خصوصاً مع ما أحمل في ذاكرتي من المحاكمات التي أدانت هذا الرجل فضلاً عن تكفيره، إلى جانب قدر مماثل -أو يزيد- من أعمال أتباعه المعجبين والمنافحين عنه إلى حد التقديس، وهو ما يشير إليه (حسن أحمد جغام) ناشر الكتاب الذي نحن بصدد دراسته بالقول: "وهكذا جرت العادة بطه حسين، فكلما طرح أفكارًا جديدة تقوم الأرض وتقعد، فيندفع الكتاب والنقاد هذا يمدح ويهلل، وذاك يهاجم بعنف وقسوة" [طه حسين، مستقبل الثقافة في مصر، دار المعارف للطباعة والنشر، سوسة- تونس، 2001، ص6].