حضرت قبل أيام مؤتمرًا مميزًا أقامه مركز الرواد تحت عنوان رائد وتجربة وهو المؤتمر الثاني الذي يقيمه المركز من هذا النوع , وقد سُلط الضوء في المؤتمر على بعض التجارب والنجاحات لأشخاص متميزين في مجالاتهم ومؤسسات ناجحة باتت اليوم من كُبرى المؤسسات الاقتصادية في المنطقة. وكانت بداية جميلة للمؤتمر اختارها القائمين عليه حين حددوا فقرة عن النجاح يتكلم فيها الدكتور أيوب الأيوب بأسلوبه الطريف والممتع , حيث تناول أهم محاور النجاح وكيفية السبيل للوصول إليه مازجًا نصائحه وعباراته بالنُكت الطريفة ورسم البسمة على شفاه المتواجدين بالإضافة لإكسابهم بعض أسرار النجاح , وعقبتها أمسية رائعة بصحبة الشيخ الوقور أحمد بزيع الياسين تحدث فيها عن بداية الاقتصاد الإسلامي في المنطقة من خلال إنشاء بيت التمويل الكويتي , فصحبنا بجولة ممتعة إلى الماضي وبدايات الفكرة والعمل لتطبيقها على أرض الواقع وتحقيق الحلم , وحدثنا عن المعوقات وسبيل التغلب عليها وأهمية فريق العمل المتماسك المتعاون لإنجاز الهدف وتحقيقه على أكمل وجه , فعرض لنا الفكرة والإصرار على تنفيذها بالرغم من تثبيط الكثيرين وتراهنهم على فشل فكرة البنك الإسلامي , ولكن تماسك أعضاء فريق العمل واعتناقهم للفكرة وإيمانهم العميق بتوفيق الله لهم وتأييدهم أدى لتفانيهم بالعمل والجد والاجتهاد لخروج المشروع للنور , ومن حينها وهو بنمو وتطور وازدهار , وأصبح بيت التمويل الكويتي من أكبر البنوك الإسلامية بالمنطقة , ويقدم العديد من الخدمات المميزة لعملائه , فكانت قصة نجاح رائعة لفريق عمل متعاون اعتنق الفكرة وآمن بها فأصبحت واقعًا بعد ان كانت مجرد حلم !
وعقبه بالحديث الأستاذ عصام جناحي رجل الأعمال الذي حقق نجاحات باهرة في مجال الأعمال والاستثمار في دولة البحرين الشقيقة , وتقلد العديد من المناصب المهمة بمجلس إدارة شركات مهمة في بلده , وتركز الحديث حول بيت التمويل الخليجي الذي حقق نجاحًا كبيرًا في قطاع الخدمات المصرفية والاستثمارية بعد مدة وجيزة من إنشائه , وقد اثبت وجوده الفعّال في الحياة الاقتصادية , كما تحدث عن الخدمات التي يقدمها بيت التمويل الخليجي والفرص التي يتيحها لعملائه , و بدأ الحديث بعرض رائع للمشاريع التي تم انجازها , والمشاريع الأخرى التي مازالت تحت الإنشاء والتي تعكس التطور المذهل الذي ستشهده دولة البحرين في السنوات القادمة .
الأستاذ عصام جناحي يُعد يملك شخصية اقتصادية شابة فذّة , ويستحق أن يكون نموذجًا فريدًا يحتذي به شبابنا , وفقه الله تعالى لكل ما يحب ويرضى
أما الأمسية الثانية التي تحدث فيها كلاً من الأستاذ عدنان المسلم رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة دار الاستثمار , و الدكتور خالد المذكور
وبخصوص ثالث وآخر أمسيات المؤتمر , فقد تحدث فيها ابتداءً اللواء صابر السويدان عن تجربته العسكرية , وبعض المواقف التي مر بها في وقت الغزو الغاشم على أراضي دولة الكويت , قدم بعض التحليلات السياسية لوضع المنطقة الراهن في ضوء التغيرات الدولة والتهديدات التي توّجه للمنطقة , ونفى توقعه لنشوء حرب بين ايران والولايات المتحدة مستندًا بذلك على عدد من الأدلة والحجج , كما نقل بعض خبرته في المجال العسكري إلى الجمهور , وتلقى منهم الأسئلة والاستفسارات التي أجاب عليها بكل وضوح وإفادة , وعقبه بالحديث السيد سعد البراك أحد أعضاء مجلس إدارة شركة الاتصالات المتنقلة الرائدة بعالم الاتصالات في دولة الكويت والتي حققت توسعًا مُذهلا في الفترة الأخيرة , تحدث خلال الأمسية عن بدايات شركة الاتصالات المتنقلة وريادتها في سوق الهواتف المتنقلة في دولة الكويت والنجاحات التي حققتها , ومن ثم التهديد الذي واجهته عند وجود منافس لها بالسوق وكيفية تخطيها لهذه العقبة وتحقيقها للأرباح الهائلة والتوسع الكبير في فترة قياسية , كما أوضح الخطة التي رسمها أعضاء مجلس الإدارة وتفانيهم لإنجازها على الوجه المطلوب وبمدة زمنية قصيرة , ومن خلال استماعك لحديث السيد سعد البراك تُدرك بأنك أمام شخص ذو عقلية اقتصادية يندر وجودها .
والكلمة الأخيرة تُقال بحق القائمين على هذا المؤتمر الرائع , وهم شباب مركز الرواد الذين اعتدنا منهم مثل هذه الأعمال المفيدة بعد مؤتمر رائد وتجربة الأول ومؤتمر اليابان الذي أقاموه مؤخرًا ونقلوا من خلاله تجربة النهضة اليابانية .
إن أكثر ما يميز مثل هذه المؤتمرات ويرسم ابتسامة الأمل على شفاهنا , هو أن القائمين على هذه المؤتمرات هم شباب في مقتبل العمُر , تركوا ملهيات الحياة والفراغ الذي يسيطر على الشباب في هذه الأيام , وشمروا عن سواعدهم لتقديم رسالة إلى المجتمع وإفادته بمثل هذه الأعمال المميزة , فكلما التفت يمينًا أو شمالاً وجدتهم يتحركون كخلية النحل المتعاونة لإخراج المؤتمر على أكمل وجه ودون نقصان , ورأيت أثرًا يدل على إتقانه بأنامل شباب هذا الوطن , فهيئًا له هذه الزُمرة القيادية من أبناءه
وكل الشكر لهم على ما بذلوه من جهد وعمل لإنجاح هذا المؤتمر الذي يضعك وجهًا لوجه أمام قدوات عِظام يستحقون الاحتذاء بهم بعدما تشوه مفهوم القدوة في زماننا هذا !
فوجودك بين شخصيات حققت نجاحات ملموسة أمر مهم لتحقيقك النجاح , ولإكمالك المسير من حيث انتهوا وهذا ما قدمه لنا مركز الرواد في مؤتمر رائد وتجربة .
وفي الختام أدعو الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى , ويسخرنا لخدمة هذا الوطن الذي لم يبخل علينا يومًا بالعطاء .