إلى غَزّةٍ أَمْضَتْ جُيوشُ الجَبابِرةْ = وسالَ نَجيعُ الطُّهْرِ لم يَشْكُ غادِرَهْ
لنا اللهُ ما خابَ الرَّجاءُ بنَصْرِهِ = وما يَقْطَعُ الشَّيطانُ في الحَقِّ آَصِرةْ
ومَهْما ظُلِمْنا واسْتَبِدَّ عَدُوُّنا = لهُ جَولةٌ أُولى ونَفْرَحُ آَخِرَةْ
سيَمْكُثُ في الأرضِ الكَريمةِ طَلُّها = ويَخزى يَهودا -لا أشُكُّ- وناصِرَهْ
يَميناً لَخيرُ الأرضِ قُدْسٌ بِصبرِها = تُهيِّئُ للطَّاغوتِ حَتماً مَقابرَهْ
إلى أحِبّائي وَأصْدِقائي؛ القَريبِ منْهُمْ والبَعيدِ..
إلى قُرّاءِ العَرَبيَّةِ وَمُتَذَوِّقي الشِّعْرِ العَرَبيِّ..
أُهْدي مَوْروثيَ الشِّعْريَّ المُتَواضِعَ عَلى نَهْجِ منْ وَصَفَ شُعَراءَ الكِلاسيكيَّةِ بِأصْحابِ (النَّصِّ المُغْلَقِ عَلى إعادَةِ المَوْروثِ).
وَلا أرى في ذَلِكَ ضَيراً، فَلِكُلٍّ نَهْجٌ، وَلا أراني وَقَدْ نَبَضَ فيَّ وَهْجٌ إنْسانيٌّ يُتَرْجِمُ نَفْسَهُ إلى سُطورٍ، إلّا وَقَدْ كَتَبْتُ قَوافيَ لَها صُدورٌ وَأعْجازٌ، مَوازينُ وَبُحورٌ..
لِذا اخْتَرْتُ لِهَذا الجُهْدِ الإنْسانيِّ المُتَواضِعِ عُنْوانَ (بَذَرْتُ لِأيّامي)، وَأنا أرى أنَّها قَوافٍ منْ عَصْرٍ آخَرَ غَيرِ عَصْرِنا اللّاهِثِ الوامِضِ كالبَرْقِ في سُرْعَتِهِ، والَّذي أسْبَحُ فيهِ بِروحي وَفِكْري، وَأُحاوِلُ سابِقَةً إيّاهُ لِأبْعَدَ منْ حُدودِ الزَّمانِ والمَكانِ، بِنَفْسٍ تَميلُ لِلتَّفَكُّرِ والرَّويَّةِ، تُحَلِّلُ بِأناةٍ، مُتَأمِّلَةً مُسْتَهْجِنَةً ما يَجْري منْ حَوْلِها بِديناميَّةٍ واسْتِهْلاكيَّةٍ مُفْرِطَةٍ لا تواكِبُها طاقَةٌ، وَلا يَسْتَوْعِبُها جَسَدٌ مَحْدودٌ.
هوَ نَباتٌ لَهُ فَصائِلُ مُتَنَوِّعَةٌ في الشَّكْلِ وَمُتَّحِدَةٌ في حَقيقَةٍ واحِدَةٍ، وَهيَ البُقَعُ الحَمْراءُ الَّتي تَنْسَكِبُ عَلى وَرَقَةِ النَّباتِ الخَضْراءِ..
لا أعْرِفُ مَنْ كانَ وَراءَ هَذِهِ التَّسْميَةِ، قَدْ يَكونُ داروين (عالِمُ الأحْياءِ) أو فرويد (عالِمُ النَّفْسِ)، أو رُبَّما كبلر (عالِمُ الفَلَكِ).. فَقَدْ كانَ العُلَماءُ في السّابِقِ عُلَماءً في كُلِّ شَيءٍ، عَلى عَكْسِ عُلَماءِ الوَقْتِ الحاضِرِ الَّذينَ يَتَخَصَّصونَ في دِراسَةِ مادَّةٍ ما مُبَكِّراً تَكادُ تَحْجُبهمْ عَنْ مَعْرِفَةِ العُلومِ الأُخْرى في حَرَجٍ.
هُناكَ فَرْقٌ بَينَ صورَةِ الحَياةِ وَحَقيقَةِ الحَياةِ، فَصورَةُ الحَياةِ تَلْتَصِقُ بِالعاشِقِ، أمّا حَقيقَةُ الحَياةِ فَإنَّها لِلمُحِبِّ..
إنَّ الإنْسانَ لا يَدْخُلُ سِجِلَّ اللَّحَظاتِ الأبَديَّةِ في التّاريخِ حينَما يَكونُ عاشِقاً، وَلَكِنَّهُ يَحْصُلُ عَلى مَكانٍ لائِقٍ في هَذا السِّجِلِّ عِنْدَما يَكونُ مُحِبّاً صادِقاً.
وطني على سعة الزمان زمانا
ومكانه فوق المكان مكانا
يحتل في قلبي شغاف محبة
مسترسلا كل الجهات حنانا
من أين ابدأ لا نور ولا أمل
ضيعتُ أزمنتي مذ ضاعت السبل
ياليتني ماتركتُ الحلم في شغفي
وما عصاني فؤادي نازفٌ خضل
يا ميُّ يا ورقاً بالغصنِ قد بانا
جاءَ الخريفُ على الأغصانِ عطشانا
قد هدهدَ الريحَ بالأشجارِ وشوشة
يحكي صداها رفيفٌ بات حيرانا
وقد سقطتِ من الأغصانِ أحجيةً
من القصائدِ كم تشجينَ ولهانا
قِصَّةٌ مُخْتَصَرَةٌ لِلْأَلَمِ
فِي 2 أغسطس 1990 قَامَ الجَيْشُ العِراقيُّ بِأَمْرٍ مِنْ رَئيسِ نِظامِهِ الغاشِمِ يَوْمَها صَدّام حُسين بِغَزْوِ الكوَيْتِ، وَضَمَّها تَحْتَ مُسَمَّى المُحافَظَةِ العِراقيَّةِ التّاسِعَةَ عَشْرَةَ..
وَقَدْ بَاءَتْ بِالفَشَلِ كُلُّ مُحاوَلاتِ الوَساطَةِ العَرَبيَّةِ والضُّغوطِ الدّوَليَّةِ لِتَرْمِيمِ هَذَا الشَّرْخِ وَجَعْلِ الجَيْشِ الصَداميِّ يَتَراجَعُ عَنْ جَريمَتِهِ النَّكْراءِ، إِلَى أَنْ وَصَلَ الأَمْرُ لِتَكْوِينِ ائْتِلافٍ عَسْكَريٍّ مِنْ 34 دَوْلَةً ضِدَّ العِراقِ لِتَطْبِيقِ قَرارِ مَجْلِسِ الأَمْنِ الخاصِّ بِالِانْسِحَابِ مِن الكوَيْتِ دُونَ قَيْدٍ أَوْ شَرْطٍ.
وَبِالفِعْلِ، بَدَأَتْ عَمَليَّةُ تَحْريرِ الكوَيْتِ فِي 17 يَنَايِرَ 1991، وَانْتَهَتْ فِي 26 فبراير مِن العَامِ نَفْسِهِ بِعَوْدَةِ الحَقِّ لِأَصْحَابِهِ.
الصفحة 1 من 69