يشير مفهوم الإدارة الرقمية Digital Management إلى منهجية جديدة تقوم على الاستيعاب الشامل, والاستخدام الواعي, والاستثمار الإيجابي لتقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة في ممارسة الوظائف الأساسية للإدارة على مختلف المستويات التنظيمية في المنظمات المعاصرة. وتسهم الإدارة الرقمية في تحقيق الغاية الأساسية للمنظمات الساعية إلى التميز وذلك بتمكينها من بناء قدرات تنافسية عالية وفعالة تجعلها قادرة على الوصول السريع والمجدي للأسواق واستقطاب معاملات الشرائح المستهدفة من العملاء.
تختلف طبيعة موقف الأزمة وأبعاد هذا الموقف عن الموقف المعتاد الطبيعي للقيادة، ففي الأوقات العادية تتعدد أنماط القيادة بين التوجيهية والبيروقراطية والأتوقراطية والتشاركية والمساندة والموقفية، وغيرها من الأنماط المتعدة، وقد تنجح هذه الأنماط المتعددة كل في بيئته، حسب ظروف هذه البيئة وخصائصها، بينما في الظروف غير المعتادة وظروف الأزمة، تتفق البيئات المتنوعة في موقف متشابه الأبعاد إلى حد كبير، وتتراجع الأبعاد المختلفة لبيئات العمل في الظروف المعتادة، ومن ثم إذا كانت الأنماط القيادية متعددة يمكنها أن تنجح في الظروف المعتادة تبعا للبيئة، فإن في وقت الأزمة، يتطلب الأمر أنماطا معينة لكي تنجح في الأزمة، أبرزها ما يلي:
1- نمط القيادة الإدارية الموقفية المرنة التي تتغير تبعا لتغير موقف الأزمة، فلا يمكن للقيادة البيروقراطية أن تحقق نجاحا في ظل موقف أزمة متغير ويتطور تباعا.
2-نمط القيادة الإدارية المساندة والمشاركة في التنفيذ وليست القيادة الإدارية التوجيهية؛ فلا يمكن للقيادة التوجيهية التي لا تساند ولا تشارك في التنفيذ أن تحقق النجاح المنشود في ظل ضغوط الأزمة.
3-نمط القيادة الإدارية الابتكارية وليست القيادة النمطية؛ حيث إن الأزمة موقف غير عادي؛ وبالتالي يتطلب التجديد والابتكار وليس النمطية والتقليدية.
لا تزال إدارة الاقتصاد القومي مشكلة في العديد من الدول النامية في ظل التوجه نحو اقتصاد السوق؛ حيث تشهد جدلا حول حدود تدخل الإدارة الحكومية في اقتصاد السوق بين الأكاديميين أو بين الممارسين أو بين كلا الطرفين؛ ويأتي كتاب "الإدارة العامة والاقتصاد" للدكتور أحمد السيد الدقن - أستاذ الإدارة العامة والمحلية المشارك كلية العلوم الإدارية بأكاديمية السادات ومعهد الإدارة العامة - الصادر عن المنظمة العربية للتنمية الإدارية جامعة الدول العربية بفصوله الست ليحاول أن يقدم إسهاما جديدا في علم الإدارة العامة، وبالتحديد في فرع الإدارة الاقتصادية Economic Management؛ بما يمكن أن يعتبر دليلا مرشدا للأكاديميين والممارسين الساعين إلى البحث في علاقات الإدارة العامة بالاقتصاد الليبرالي أو إلى القيام بالإدارة الاقتصادية والإصلاح الإداري.
المقدمة:
يتحدد موقع الإنسان في الإسلام في ضوء مبدأ الاستخلاف ، الذي يقوم على قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ...} البقرة:30، والخلافة في الأرض أرقى مكانة وضع فيها الإنسان على مر التاريخ.
يستمد الإنسان فاعلية هذه المكانة من القرآن الكريم الذي حدد المضامين الأساسية لهذا الدور بوعي الدين والتمسك به، وممارسة العلم ومتابعة المعرفة، فالاستخلاف دين وعلم، وما مشكلات الأمة وتخلفها إلا من التقصير الكبير في إدراك الاستخلاف ومقاصده في إعمار العالم وسعادة الإنسان.
ولأن الاستخلاف دين وعلم، فهو يرسم حدود النهضة الحضارية والسعادة الإنسانية، باعتماد العلم ومنطقه في صياغة نشاطات الأمة المتعددة السياسية والاجتماعية والثقافية.
تحتاج الأمة اليوم إلى إحداث ثورة في المفاهيم كافة، وأهم هذه المفاهيم هو (الاستخلاف)؛ لأنه المفهوم الجامع لقوتين: النهضة والتقدم.
ولذلك فإن (ثورة الاستخلاف) تعد ضرورة شرعية وحضارية، فشرعيتها مستمدة من التمسك بالقرآن الكريم مصدرًا أساسًا للشريعة، وحضاريتها مستمدة من وجوب تطبيق أحكام القرآن الكريم وإعادة إعمار العالم في ضوئه، مستنيرين بهدي الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- في بناء حضارة الإسلام.
ويقف النشاط الاقتصادي في مقدمة النشاطات التي تحتاج الاهتداء بمضمون (الاستخلاف) ، لينضبط أداؤه بالمنهج الرباني والأسس الربانية والأحكام الربانية.
يعتمد (اقتصاد المعرفة) العلم والخبرة والمعرفة، كونها السلع الأكثر تأثيرًا في حركة الحضارة اليوم، وأكثر أدواتها إسهامًا في تحقيق الابتكار والسعادة.
يسعى البحث إلى تحليل أبعاد (اقتصاد المعرفة) وتأثيرها في عملية الابتكارعلى الأصعدة كافة، وصولًا إلى تحقيق النهضة الإسلامية التي تحقق السعادة الحقيقية للإنسان في الدارين بتضافر العلم والدين.
يقوم البحث على فرضية مفادها "اقتصاد المعرفة مطلب شرعي يقود إلى الابتكار وتحقيق سعادة الدارين".
تحدثت في مقالات سابقة عن عوامل تقدم مجتمعات ومؤسسات عامة من وجود فريق للعمل ومن سيادة قيمة المؤسسية، ومن العمل على تطبيق إدارة المعرفة، ومن سيادة الأخلاق، ومن وجود تخطيط استراتيجي ناجح مقترن بتخطيط تشغيلي، ويأتي هذا المقال لاستكمال أسباب تقدم مجتمعات ومؤسسات عامة؛ وذلك بالحديث عن عامل سادس مهم للتقدم، ألا وهو التصنيع الفعال والكفء Effective & Efficient Industrialization؛ فالمجتمعات الصناعية والاقتصاديات الصناعية هي الأكثر تقدما؛ حيث لا تكون أقل عرضة للتقلبات العالمية التي تؤثر بشدة على الاقتصاديات الخدمية التي تقدم خدمات من سياحة ونقل وتجارة وعلى الاقتصاديات الريعية التي تعتمد على مصدر واحد للدخل غالبا ما يكون مصدرا طبيعيا ليس بحاجة إلى آليات معقدة للإنتاج.
ويعني التصنيع الفعال Effective Industrialization تحقيق النتائج المستهدفة من خلال عملية التصنيع؛ وهي بالترتيب، كما يلي:
1- زيادة عدد المصانع في حاجات الاستهلاك المحلي؛ وذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتي؛ أي إشباع حاجات الاستهلاك المحلي؛ بما يؤدي إلى تقليل الواردات من أجل الاستهلاك المحلي؛ وذلك ل أولا لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل الاعتماد على الخارج؛ أي تفليل الواردات إلى أقل قدر ممكن؛ بما يعني تحسن الميزان التجاري وزيادة قيمة العملة الوطنية.
2- بعد إشباع حاجات السوق المحلي؛ يبدأ التصدير، وهو يأتي كأولوية ثانية؛ لتحسين الميزان التجاري، وجلب العملات الأجنبية، وزيادة احتياطي النقد الأجنبي؛ وزيادة قيمة العملة الوطنية.
بينما يعني التصنيع الكفء Efficient Industrialization تحقيق النتائج المستهدفة بأقل تكلفة ممكنة وبأعلى جودة ممكنة، وهو يعني ما يلي:
1- تقديم منتجات محلية رخيصة الثمن بالنسبة لنظيراتها من المنتجات الأجنبية المستوردة؛ فليس من المعقول أن نجد سعر سلعة مستوردة ذات تكاليف نقل عالية تساوي سعر سلعة محلية ذات تكاليف نقل منخفضة، وهنا يجب أن يتم مقارنة أسعار السلع بعد خصم تكاليف النقل لكل منها؛ حتى نستطيع الوقوف فعلا على السعر الأقل.
2- تقديم منتجات محلية ذات جودة معقولة ومقبولة في البداية؛ ثم زيادة هذه الجودة في المراحل التالية للإنتاج؛ لكي تصبح مناظرة لجودة المنتجات الأجنبية الأعلى جودة في العالم؛ وهنا يتم التأكيد على أن هذه الجودة المعقولة والمقبولة التي تمثل الحد الأدنى للمنتجات المحلية تعني عدم الإضرار بصحة وأمان وسلامة الإنسان أو البيئة بأي شكل، فالحديث عن جودة معقولة ومقبولة أقل من جودة المنتجات الأجنبية ذات الجودة العالية؛ يعني وجود مميزات أقل في المنتج المحلي عن الأجنبي في البداية فقط، ولا يعني وجود أضرار لهذا المنتج المحلي على سلامة وصحة وأمان الإنسان والبيئة بأي درجة من الدرجات.
وفي النهاية لتحقيق الفعالية Effectiveness والكفاءة Efficiency المطلوبة في عملية التصنيع للوصول إلى التقدم المنشود على ما تم إيضاحه أعلاه؛ يتطلب الأمر ما يلي:
1- وجود مصانع تعمل بكامل طاقتها وبكفاءة وتقنية عالية وتضع معايير السلامة والصحة والأمان نصب عينها وفي كل مراحل وعمليات الإنتاج.
2- وجود مؤسسات حكومية وغير حكومية لمراقبة جودة المنتجات المحلية وتطبيق معايير السلامة والصحة والأمان لهذه المنتجات.
3-وجود قانون صارم يتضمن عقوبات غليظة جدا على المصانع المخالفة تشمل الإغلاق والحبس والغرامة.
4- وجود قضاء ناجز لتوقيع هذه العقوبات الصارمة على المصانع المخالفة.
5- وجود أجهزة تنفيذية فعالة وذات كفاءة عالية لتطبيق هذه العقوبات.
يمكن اعتبار حماية المنافسة الأساس المنطقي الأول لتدخل الإدارة الحكومية في اقتصاد السوق للحفاظ على استقراره ونموه في الدول المتقدمة؛ ذلك أن حماية المنافسة تؤدي إلى حرية دخول منتجين جدد إلى السوق؛ بما يؤدي إلى زيادة الإنتاج كما وجودة أي زيادة العرض وانخفاض الأسعار، كما تسهم حماية المنافسة في زيادة التشغيل ؛ وبالتالي زيادة القوة الشرائية للأفراد أي زيادة الطلب ؛ بما يسهم في دوران عجلة الاقتصاد القومي من حيث الإنتاج والتشغيل وفي استقرار وازدهار اقتصاد السوق.
وفي الدول المتقدمة، يكمن دور الإدارة الحكومية في حماية المنافسة وتوفير الضمانات لعدالة الممارسات التجارية والتصدي لممارسات الاحتكار والإغراق لتحقيق عدالة الممارسات التجارية بين المنشآت بعضها البعض وبين تلك المنشآت والمستهلكين، فيتركز دور الحكومة في منع قوى معينة من التحكم في السوق وإقصاء المنافسين الآخرين والسيطرة على الأسعار.
تعد حماية المستهلك أحد الأسس المنطقية لنجاح اقتصاد السوق وازدهاره، وتقدم ألمانيا وفرنسا خبرات تاريخية متميزة في هذا الصدد.
فتقدم خبرة ألمانيا منذ عهد طويل نموذجا في حماية المستهلك، وذلك على النحو التالي:
-في عام 1923، صدر قانون حماية الجمهور من إساءة استعمال السلطة الاقتصادية. وتضمن اشتراط عقد كتابي تدرج فيه الشروط التي اتفق عليها المتعاقدون ، وإنشاء محكمة خاصة مؤلفة من أحد القضاة وعضوية ممثلين من التجار والصناع وممثل للمستهلكين ينتخب من بين الشخصيات المحايدة والمستقلة وأحد المستشارين الاقتصاديين للدولة، وتتدخل الحكومة بواسطة وزير الاقتصاد لعرض النزاع أمام المحكمة إذا عرض النزاع الاقتصاد العام والرفاهية العامة للخطر بالمغالاة في رفع الأسعار أو التفرقة بين العملاء.
الصفحة 1 من 6