راهنوا، وخسروا. ثبّطوا، وتفاجؤوا. مَن كان يصدق أن الجماهير العربية طويلة النفس إلى هذا الحد؟ وهي الجماهير المجرَّبة قبلا؛ جماهير غضوب سريعة الاشتعال، وسريعة الانطفاء أيضا.
رأينا الجماهير العربية تقاطع البضائع الدنماركية في أزمة "يولاندز بوستن" عام 2005، وتقطع البضائع الفرنسية في أزمة "شارلي إيبدو" عام 2020. ثم عادت ريمة لقائمة التسوق القديمة، تنتهبها الاستهلاكية وتتحكم بها قوى السوق. لكن ريمة -أو الشعوب العربية- أظهرت هذه المرة سلوكا يستحق الالتفات والدراسة، ليس لأنه ينم عن ثبات وإرادة، بل لأنه ينم عن تغير سلوكي طويل المدى، تغير لا يحدث إلا لأن هناك أشياء تغيرت في البنية النفسية للإنسان العربي. مؤشر مبشر يستحق الالتفات.
حينما تتخبط الظروف السياسية وتصل إلى حدّ التعقيد والالتباس، يكون الناتج تدهوراً في نسيج الأمة، وهذا ما آل إليه حالنا في الوطن العربي.
إن المعرفة والاستقامة على توثيق الحقّ هما ثمرَتا الهداية. وقد تاهت الأمة العربية في تحديد أصالة الحقّ الفلسطيني؛ تاركة وراءها ركاماً من المعاناة المرّة.
لم يعِ ديدنُ الخَلق في انتقال المسؤولية وتقسيم الأدوار ليستردّ من وجودها الخطْو المتّزن، وما أصعب الصّبر على الخطو المتّزن!
ما جدوى تلك التضحيات من سيول الدم ورفات الشهداء والنساء والأطفال وزحف جيوش المعاقين وكبار السن الذين يُبادون كلّ يوم؟ لقد ابتعدت الأمة العربية عن تحديد التصور والكليّات الأساسية حتى اختلط عليها الصواب والخطأ. فاسْتوتْ كل التضحيات والتراب، ولقد اختلط عندها اليقين بين حاجة الشعب الفلسطيني لأبسط ضرورات العيش، والوصول إلى تلك الحاجة، فأصبحا أمرين في مفترق طرق.
لو لم أرَ بعينيّ، لما صدقت. ثمة انتفاضة استهلاكية تشهدها الكويت تفاعلا مع حملة مقاطعة الشركات المتعاطفة مع الكيان الصهيوني. ونجد البعض قد توسع في الحملة وبالغ حتى صارت تطال كل ما هو أجنبي حتى ولو لم يتبين دعمه للكيان الصهيوني، وهي خطوة تبين أن سخط الناس قد بلغ مداه.
في المقابل، نسمع أصواتا تثبّط عن المقاطعة بحجج مختلفة أهمها الضرر الواقع على التاجر أو الوكيل المحلي. نعم، نعلم أن التاجر الكويتي هو من يتلقى الضربة الأولى، وهذا ضرر لا نوده لكننا نُضطر إليه. حينما يقاطع المستهلك فهو عمليا يلوي ذراع الوكيل المحلي، ليضغط بدوره على الشركة الأم التي ما حركتها إنسانيتها، لكن قد يحركها احتمال فقدانها لوكيلها المحلي وما يردها من أرباح منه. ما يحدث للتاجر المحلي "أضرار جانبية" إذا جاز التعبير، والتجارة نشاط محفوف بالمخاطرة، هذا ديدنه.
ما أصعبَ أن يقدر الإنسان على كبح جماح مشاعره في هذه الأيام! أمّا مَن يقابل ما يحدث في غزة بقلب بارد أو فم صامت، فعليه أن يعيد النظر في انتمائه للجنس البشري ما دامت الصورة الكاملة قد وصلت إليه. وهذا أمر لا يتحقق دائما، فثمة فجوة بين الشارع العربي والإسلامي الذي يعرف القصة كاملة، و"الشارع الآخر" إذا جاز التعبير. وأزعم أن وصول الصورة الكاملة إلى "الشارع الآخر" سيُحدث انعطافة فارقة. والسؤال، كيف نُحدث هذه الانعطافة؟
منذ بداية عملية طوفان الأقصى، تتخذ الكويت دورا قياديا واضحا وجَسورا على المستويين الحكومي والشعبي، دورا تثبت فيه الكويت أنها -على مر العقود- داعم أصيل للحق الفلسطيني. لكن، من الواضح أن سقف جموح الشارع أعلى من خطط الحكومة. فقد سمعنا في الأيام الفائتة في ساحة الإرادة في الكويت هُتافات تطالب بفتح الحدود، وأخرى تنادي بقطع النفط، وبسحب الاستثمارات الكويتية من الصناديق العاملة في الدول العظمى، وطرد سفراء تلك الدول. الشارع يغلي، في حين أن الحكومة -تفضل ردات فعل محسوبة العواقب. وبين هاتين الإرادتين، علينا أن نبحث عن منطقة وسطى، منطقةٍ يمكننا فيها إحداث التأثير. فنحن نتفق على الهدف، لكننا نختلف على الآلية.
نظرا للمستجدات الحالية على الساحة العربية عامة والفلسطينية خاصة وتغلغل الغدة السرطانية "إسرائيل" في جسد الآمة العربية باسم التطبيع، ارتأيت تذكير المواطن العربي المضلل من قبل بعض "النظام العربي" وبعض "المثقفين" وأنصاف المثقفين باعتبار الكيان الصهيوني طبيعي وله الحق في اغتصاب آرض عربية وتشريد شعب، بأنه لا يزال ذلك العدو الغاشم المحتل المجرم بحق الإنسانية وأنه كيان وظيفي ووكيل الاستعمار الغربي في المنطقة ولا ننسى شعاره هو من "الفرات إلى النيل" ويحظ بدعم الغرب الاستعماري عامة والولايات المتحدة الأمريكية خاصة.
كيف قبل الغرب و"الصحافة الحرة" ووافقت وصمتت عن التطهير العرقي وعنصرية المؤسسة "الإسرائيلية" على المدى الطويل متحدية كل القوانين الدولية وما يسمى القيم الغربية بنفاق والكيل بمكيالين حيال السياسة "الإسرائيلية". إنه شيء "يبرجل" العقل الإنساني حقا.
من الكليشيهات التي أصبحت ممجوجة ومشوبة بالغموض والشك التي يتشدق بها المثقفون والكتاب ومحررو الصحف ووسائل الإعلام المختلفة هي "حقوق الإنسان" التي أصبحت أكثر أهمية عند الولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي حتى أضحت القوة الرئيسة للتأثير على السياسة الخارجية منذ عقود خلت ويتم استخدامها بانتقائية فجة.
العفو يا أهل العفو مِن أبناء الشقيقة قطر بعد أن منّ الله على الخليج بفتح الحدود كإنجاز في البيت الواحد.
ونستسمح منكم حين نشرح للجميع سبب تمسُّك الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيّب الله ثراه بمساعيه المضنية لتفادي الفتنة والحصار والقطيعة وسحب فتيل المشاحنات التي أعقبتها الأضرار الجسيمة على المنطقة بأكملها، وما قام بإكماله صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه.
لا تلومونا في الكويت، ولا تشكرونا، وإن أردتم الشكر فبإمكانكم أخذ خلاصة نصائحنا؛ واسألونا عن ويلات الحرب التي كنّا نخاف عليكم من الوصول إليها.
الأمر لمْ يَكُن بقدر خوفنا عليكم، فنحن مررنا بحرب ضروس شعواء، انتُهِكت فيها الأعراض، وسُرِق الأبناء، وسيقت طواقم العسكريين زمراً زمراً إلى السجون، فمنهم منْ قضى نحبه، ومنهم منْ عُذِّب، ومنهم منْ أُطلِق سراحه بعد تحرير الكويت برحمة مِن الله تعالى، ثمّ بوقوف العالم بأكمله معنا.
رجعت الأرض محروقة تغلي بطوفان بحيرات النفط المسكوبة في الصحراء وفي مياه البحر، وتركت بقعة لَمْ تتمّ السيطرة عليها إلا بعد أمدٍ بعيد.
اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 9 ديسمبر سنوياً يوما دوليا لمكافحة الفساد، وذلك بعدما اعتمدت الجمعية العامة في 31 أكتوبر 2003 اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في ديسمبر2005م .
كان اختيار يوم عالمي لمكافحة الفساد من أجل نشر الوعي عن مشكلة الفساد وعن دور اتفاقية الأمم المتحدة في مكافحة الفساد ومنعه؛ حيث يكلف الفساد الدول واقتصادياتها خسائر جسيمة ويعوق حركة التنمية والتقدم للمؤسسات والدول؛ ذلك لأنه تضيع قيم التقدم من الجد والاجتهاد والكفاءة والأمل والقدرة والتفاؤل والإخلاص والولاء والجماعية والإيجابية والمسئولية، لتحل محلها قيم التخلف من الفردية والإنتهازية والمصلحة الشخصية والواسطة والسلبية واللامبالاة والمحسوبية والإحباط واليأس والعجز؛ مما يلقي بظلال سيئة على الجميع في النهاية؛ فالفاسد لن يستمر على الدوام محتفظا بسلطته أو نفوذه، ولكنه يقتل ويشيع الإحباط والسلبية لدى العموم على مستوى المجتمع أو المنظمة.
ويمكن تعريف الفساد بأنه سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة.
الصفحة 1 من 104