يشير مفهوم الإدارة الرقمية Digital Management إلى منهجية جديدة تقوم على الاستيعاب الشامل, والاستخدام الواعي, والاستثمار الإيجابي لتقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة في ممارسة الوظائف الأساسية للإدارة على مختلف المستويات التنظيمية في المنظمات المعاصرة. وتسهم الإدارة الرقمية في تحقيق الغاية الأساسية للمنظمات الساعية إلى التميز وذلك بتمكينها من بناء قدرات تنافسية عالية وفعالة تجعلها قادرة على الوصول السريع والمجدي للأسواق واستقطاب معاملات الشرائح المستهدفة من العملاء.

كما تمثل الإدارة الرقمية أسلوب عمل مفتوح لتسيير الأعمال والنشاطات الافتراضية Virtual Activities، وهو ما يختلف عن كل الأسس والمبادئ والآليات في الإدارة الحديثة ذات النهج المكاني الضيق. فالإدارة الرقمية هي إدارة اللاملموس Intangible Management ببراعة وحرفية عالية باستخدام عقول رقمية وتقنيات رقمية وفضاءات رقمية وأحاسيس رقمية.
ولعل أفضل تجسيد لحيوية الإدارة الرقمية وديناميكيتها ودورها في تفعيل نتائج الأعمال وتعظيمها، هذا التحول الكبير الملحوظ الذي تشهده بيئة الأعمال اليوم من الإدارة المكانية الحديثة إلى الإدارة الرقمية/الافتراضية Virtual Management؛ حيث تتسارع خطى الشركات والمنظمات والمؤسسات الكبيرة الحجم والمتوسطة والصغيرة لتنتقل بشكل نوعي إلى عالم الإدارة الرقمية الافتراضية تاركة وراءها كل ما تعلمته عن الإدارة المكانية الحديثة ،" فقد صار من أبرز معايير تقييم رقي المنظمات قدرتها على التحول من الأنماط الإدارية الحديثة إلى الأنماط الرقمية في الإدارة". وتنمو الإدارة الرقمية في بيئة الابتكار والإبداع ، وتستمد قوتها من الفكر التكنولوجي والإبداع المعرفي الذي أصبح سمة من سمات الاقتصاد الرقمي . وكما يؤكد بيل جيتس رئيس شركة مايكروسفت: "فإننا نتعامل مع الومضات الرقمية والفضاءات الافتراضية لإدارة شؤون شركتنا دون أن يكون لكثير منا مكان ملموس نجلس بين جدرانه، فإدارتنا الرقمية تعتمد على التزامنا بالتكنولوجيا والمعرفة، وولاء العاملين لدينا مكرس لاقتصاد المعرفة الذي مكننا من تحقيق أكبر الإنجازات التي نتفاخر بها".
وفي ظل الإدارة الرقمية، يظهر مفهوم التحليل الرقمي Digital Analysis في ظل الحجم الهائل للبيانات المتاحة عن العملاء عبر التطبيقات الرقمية؛ حيث تتنامى حاجة المؤسسات لبناء شراكات مع جهات مختصة في تحليل هذه البيانات ضمن معايير مناسبة؛ بما يساعد هذه المؤسسات على دراسة كافة الإجراءات التي يقوم بها العميل عبر كافة الشبكات الرقمية لفهم السلوكيات والأنماط وتوقعات العملاء بما يتعلق بالمؤسسة؛ وذلك من خلال أنظمة تحليلية؛ مما يمكن المؤسسات من اتخاذ القرارات المناسبة بناء على ردود أفعال وتوقعات العملاء من خلال عمليات تفاعلية ناجحة وتقديم تحليل مقارن للمنافسين، وتوصيات للإجراءات اللازمة لتحقيق أداء أفضل.
ويمكن تقديم مجموعة من الحلول الرقمية التي تركز على العملاء من خلال الاستماع لانطباعاتهم حول خدمة/منتج معين والتفاعل معهم. كما يتم تمكين المؤسسات من فهم هذه المتطلبات، والتفاعل معها وتعزيز ولاء العملاء من خلال استجابة مباشرة عبر كافة منصات التواصل الاجتماعي. كما يساعد ذلك المؤسسات على إعادة صياغة إستراتيجياتها التفاعلية عبر شبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الرقمية وإعادة رسم تجارب العملاء بشكل متكامل، وتعد المؤشرات الرقمية أحد الحلول الرقمية لإثراء تجارب العملاء، والتي تساعد المؤسسات على تقييم العملاء وتحليلهم ومحاورتهم واستهدافهم بطرق ذكية بشكل مباشر، ولقد صممت مقاييس المشاعر الحدسية التفاعلية لإدارة تصورات العميل وقياسها من خلال تفاعلات منظمة، الأمر الذي يؤدي تحسين تجربة العميل مع المؤسسة عبر كافة قنوات التواصل ومختلف المراحل.

كاتب
أستاذ الإدارة العامة بكلية العلوم الإدارية - أكاديمية السادات. محكم بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية لفحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة والأساتذة المساعدين. محكم بدوريات علمية عربية لتحكيم الأبحاث المقدمة للنشر. أشرف ويشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في الإدارة. عضو لجان المناقشة والحكم على رسائل الدكتوراه والماجستير في جامعات القاهرة وحلوان وعين شمس. رئيس تحرير موقع الإدارة العامة والمحلية. تولى عدة مناصب. له العديد من الكتب والدراسات العلمية والمقالات المنشورة.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية