إذا كان مهر الدم الذي يدفعه العراقيون اليوم هو الصداق المؤجل لتخليص البشرية من حكم جورج هولاكو بوش، فإن المسألة تستاهل، وستشكر شعوب الأرض أهل الفلوجة والمدن الأخرى التي يتقدم مقاتلوها موجة إثر موجه لوقف طغيان القوة... فمن مصلحة كوكب الأرض والمريخ وزحل أن تتم زحلقة بوش والطغمة التي تقف وراءه من مسرح الأحداث، ليعود إلى تكساس ليصبح أول رئيس أمريكي يعجز عن كتابة مذكراته لأن العداء بينه وبين اللغة الإنجليزية أكبر من العداء الذي بينه وبين أسامة بن لادن، ولأن أمره افتضح سلفا كرئيس احترف الكذب لتبرير جرائم بلاده ضد الإنسانية، وحتى لو استأجر كاتبا ليصوغ له مذكراته فلن يجد مادة يمليها على الكاتب المستأجر، لأنه ما من حكومة في تاريخ أمريكا القصير حالها مفضوح ومكشوف مثل حكومة هولاكو هذا الذي أصابت سنوات حكمه الولايات المتحدة بالخَرَف المبكر، فالإمبراطوريات الرومانية والفارسية والإسلامية واليونانية استمرت قرونا قبل أن تتهاوى تدريجيا، بينما دشن بوش الحقبة الإمبراطورية بنشر أكثر من ثلثي قوات بلاده خارج الحدود لتجعل من الشعوب الأخرى فئران تجارب للأسلحة الجديدة،... ومع كل صاروخ توما هوك أو كروز أو قنبلة ذكية تصيب هدفا في العراق أو أفغانستان يتصدع ركن من أركان الإمبراطورية الأمريكية الوليدة،... فالإمبراطورية لا يبنيها "طور" أو "طورية" وهي الفأس، بل تبنيها حضارة وثقافة ملهمة قد تسبق السيف أو تتبعه... ورسل الحضارة والثقافة لا بد أن يتحلوا بالمصداقية والاحترام... بينما رسل حضارة بوش المفترضون كذابون ومخاتلون ومراؤون ومانعون للماعون وناشرون للطاعون، ويحسبون أن مال قارون وغطرسة فرعون تكفي لغرز أوتاد الإمبراطورية المنشودة في أركان الدنيا الأربعة... هجمات الحادي عشر من سبتمبر تسببت في إقامة سرادقات عزاء في عدد محدود من البيوت في مدن قليلة، وهجمات بوش جعلت بلدانا بأكملها سرادقات عزاء ومقابر... نعم صدام حسين كان طاغية دمويا وقتل الآلاف من أبناء بلده، ولكن ضحايا صدام وحكم البعث في ثلاثين سنة أقل من ضحايا طغيان بوش في سنة واحدة... وصحفنا البلهاء التي نشأت على الحليب الصناعي المستورد تسمي بول بريمر الحاكم المدني للعراق! ومن هو حاكم العراق العسكري يا بلهاء يا أغبياء؟ من الذي يأمر بضرب الفلوجة بقاذفات أف 16؟ من الذي يأمر وينهى تنابلة مجلس الحكم في بغداد؟ بريمر هو الحاكم بأمره وبيده الحل والربط، وهو وزير المال ووزير الدفاع والداخلية والبلدية وهو البرلمان والقضاء وعشماوي! ولا يستطيع مسؤول عراقي أن يذهب إلى الحمام وهو يعاني من إسهال دون إذن من بريمر! قال حاكم مدني قال! هل سنجاريه لو سمى نفسه "المنصور الثاني"؟ قبل وصول عسكر بوش كان العراقيون يعانون من إرهاب الدولة كما هو الحال في الكثير من الحظائر العربية، ولكن عسكر بريطانيا وأمريكا والسلفادور وآلاف المرتزقة الذين بعثت بهم حكومات بلادهم تحقيقا لرغبة بوش في تفريق دم العراقيين بين قبائل العالم،... هؤلاء حولوا كل ركن في العراق إلى حاضنة لتفريخ الإرهاب النظامي الذي تمارسه جيوش حسنة التدريب والتسليح... ومن فرط قلة حياء هؤلاء فإنهم يسمون أهل البلد الذين يكافحون من أجل تحريرها من الاستعمار إرهابيين... على كل حال نسأل الله أن يطيح بحكومة بوش بعد سبعة أشهر كي يتسنى لجون كيري دخول التاريخ بإخراج بلاده من العراق.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية