خرج الإنسان من بطن إمّه لا يعرف إلاّ التنفس. فمنذ تلك اللحظة وهو من تجربة إلى تجربة يتفحص فيها الحياة من حوله. فالطفل في السنوات الأولى من عمره شديد الإنتباه على تفاعل من حوله معه. فإذا بكى أوضحك إنتبه وسجل في ذاكرته ردة فعل أبويه. وكل هذه التجارب التي يمر فيها من طفولته إلى نضجه يكون فيها مفتوح العينين والأذنين لما يجري حواليه. وفي هذه الفترة المهمة يتلقى الإنسان المفاهيم والقيم ويكتسب الصفات التي ستكون عميقة في نفسه حتى يكبر. لاحظ من حولك ، تجدهم يختلفون في شخصياتهم. فهذا كريم وذاك شجاع وهذا أمين وذاك طيب. كل هؤلاء قد مرّوا بتجارب إستنتجوا منها إستنتاجا جعلهم يكتسبون هذه الصفات. مثالا على ذلك ، هناك أب عنده ولدين وهو دائما يصحبهما إلى كل مكان وبما أنه مدخن فهو أحيانا لا يقدر على فراق السجارة فيدخن أمام أبنائه. في هذه اللحظة الإبن الأول يقول في ذهنه " لا بد أن تكون هذه السجارة حلوة لأن أبي يدخنها ، عندما أكبر سوف أدخن " والإبن الثاني يقول " لو أنها مفيدة لما تحرّج أبي بالتدخين أمامي ، ولو أنها حلوة لما أخنقتني ". إذا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. ليست التجارب هي التي تحدد شخصيتك ولكن هو إستقبالك ونظرتك إلى التجارب هو الذي يحدد شخصيتك.
إدخل أي مجلس تجد الناس مصنفة حسب شخصيتهم وحسب تعاملهم مع الناس. سوف ترى في المجلس شخصيات عديدة منها:

1) الشخصية المؤثرة: هذه الشخصية معروفة بطرح المواضيع المفيدة والمهمة. فهذا الشخص صاحب فكر وعقل راجح وحجة دامغة. دائما يتخير أحسن ما عنده من قول وفعل.

2) الشخصية الضاحكة: وهذه الشخصية إتخذت إسلوبا لجذب إنتباه الناس وهو الضحك والتضحيك وهي عادة تجذب الإنتباه ولا تجذب الإحترام. لا يطرح أصحاب هذه الشخصية سوى آخر نكتة وآخر " بدلية ". وتجدهم دائما يضحكون على من حولهم أو يُضحك الناس عليه.

3) الشخصية الخفية: هذه الشخصية ليس لها حس ولا كلمة. أصحاب هذه الشخصية يجلسون ويأكلون وينامون وكأن ليس لهم وجود. هم أناس سواءً كانوا أحياءً أو أمواتا ً لا فرق عند من حواليهم. هم لا يهشّون ولا ينشّون. وجودهم مثل عدمه.

تأمل بمن حولك سوف تجد هذه الشخصيات موجودة وغيرها الكثير. والآن ما هي الشخصية المثالية ؟ هي الشخصية التي لها لون - وطعم - ورائحة.

1. اللون هو أن تكون مصنفا كأن يقال أنك (متدين – سياسي – مثقف – شاعر – تاجر- مفكر ) وغيره من الألوان. اللون هو الذي يميزك عن من حولك. وليس بشرط أن تختار لون واحد فأعرف شخصا هو تاجر وعالم في الدين ومهندس وهو مصنف بهذه الثلاثة ألوان.
2.الطعم هو أن يكون حديثك لهو طعم معين. كأن تتكلم ( بالسياسة أو الإقتصاد أو الدين أو غيره)..فمثلا تجد الداعية " المتدين" يتكلم عن السيرة النبوية أو المواعظ المؤثرة. والسياسي يتكلم عن الإنتخابات أو تطور الحكومات والمثقف يتكلم عن آخر كتاب قرأه أو آخر مقالة قرأها وهكذا.
3. الرائحة هي ما يبقى منك في المجلس بعد خروجك منه. الذي يبقى من المتطيب بالعود هي الرائحة الطيبة. الرائحة هي ما يستفيده منك الناس ويستنشقونه من هواء كلامك ويتأثرون به من أفعالك.
تأمل في حالك مع أصدقائك ، هل لك لون وطعم ورائحة؟
طعم..؟ لون..؟ رائحة..؟ ألا يذكرنا بشئ ؟ نعم... لا تكن ماء ً!

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية