هل سألت نفسك يوما من هم مدراء هذه العملية المنظمة ؟ من الذي صمم ذاك الإعلان وتابع مرحلة طباعته وتوزيعه في ممرات الكليات؟ من الذي حجز القاعة من إدارة الكلية وأحضر أستاذ الندوة وحدد معه أدق تفاصيل النشاط من الزمان والمكان والمادة العلمية؟ من الذي اهتم بعمل تلك الأقلام والدفاتر والملفات التي حصلت عليها وأنت جالس على مقعدك في الندوة ؟
إنها جهود مجهولة من قبل جنود مجهولة ، هم طلبة مثلكم .. إخوانكم وأخواتكم العاملين في لجان الاتحاد الوطني لطلبة الكويت أو الجمعيات والروابط الطلابية في مختلف الكليات، ويحملون على عاتقهم مسؤولية أداء هذه الأمانة بكل صدق وإخلاص، رغم ما يواجهون من الصعوبات ابتداء من ضعف الميزانية وانتهاء بقلة الخبرات والأيادي العاملة.
لا يمكنكم تصور حال هؤلاء الطلبة الناشطين في العمل الطلابي التطوعي في جامعة الكويت إلا إذا راقبتم العمل عن قرب أو خضتم معهم تلك التجربة الممتعة المتعبة.
تجربة مثيرة
فما بال من يعشق المغامرة ويهوى المخاطرة متحديا ظروف أكبر وعقبات أكثر،هم طلبتنا الكويتيين الدارسين في الخارج، لم أفهم تفاصيل معاناتهم إلا عندما خضت تجربة جديدة ومثيرة مع اتحاد طلبة بريطانيا وايرلندا وقبلت دعوتهم لأكون ممثلة ملتقى همم وقمم في الكويت والذي أقيم في منتجعات ويلز تحت رعاية أبوية من سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، عشت شهور جميلة كأول تجربة عملية دولية بعد الكثير من التجارب المحلية والخليجية، حيث كنت أتابع الترتيبات التفصيلية مع منسقي الملتقى، ورأيت عن قرب آثار تلك المشقة مرسومة على ملامحهم، فليس من السهل إقامة فعاليات طلابية وطنية، في بلاد الغربة وعلى أرض أجنبية تحت سماء غير كويتية، حيث لا تتوافر الكثير من سبل الراحة ومظاهر الدلع التي أنعمها الله علينا، ولا توجد أحضان الأم الدافئة.. وإرشادت الوالد الصائبة لتنير دروب العمل، ولا لمة الأهل والأخوة الذين لا يتخلون عنا إن احتجنا لهم ، ناهيك عن القوانين الصارمة واللوائح الدولية المستقيمة التي لا ينفع معها مال ولا بنون، ولا مجال للواسطات من قريب أو بعيد كما تعودنا عليها للأسف في ديرتنا.
أشكر الهيئة الإدارية السابقة لاتحاد بريطانيا على مجازفة إقامة ملتقى في غابات ويلز، وجمع شمل طلبتنا الكويتيين بين بحيرات وأشجار أويسس من مختلف الكليات والمناطق في المملكة المتحدة ،ودعوة ضيوف الملتقى الحاضرين من الكويت من نواب مجلس الأمة والمحاضرين وغيرهم، وبشهادة الجميع حاز هذا الملتقى على إعجاب جماهيري كبير واهتمام إعلامي مميز.
وأتيت لكم قرائي الأفاضل ( صوغة ) خاصة من مدينة الضباب، فجمعت لكم من ذاك الجو البارد الممطر بعض القطرات المتناثرة في ربوع مدن بريطانيا والتي تركت أثرا طيبا في نفسي
منشدو الخليج (استار أكاديمية أزهر) في شرق لندن
رقص قلبي فرحا عندما وقعت عيني على أشرطة أناشيد لمنشدي الكويت والخليج والتي تزينت بها رفوف مكتبة أكاديمية أزهر في شرق لندن، سألت الأخت المرافقة لي في هذه الجولة : هل يكثر عندكم زبائن من العرب الذين يستمعون لهذه الأناشيد ؟ فأجابت: سماع الأناشيد الدينية في بريطانيا لا يرتبط بالعرب فقط، فهناك الكثير من البريطانيين المسلمين وغيرهم من الجنسيات الغيرعربية يستمعون لهذه الأناشيد الإسلامية ويحفظونها ويرددونها ، ولاحظت الأخت علامات الإستغراب علي كادت تتحول إلى سؤال مهم وهو هل يفهمون العربي؟ ولكنها رأت السؤال في عيني قبل أن تسمعه، وأجابت قبل أن أطرحه : رغم أنهم لا يفهمون اللغة العربية باتقان، إلا أنهم يجدون أنه الحل البديل عن الأغاني التي تحوي على الموسيقى والكلمات البذيئة.. تابعنا الجولة وأنا أتربع على عرش السعادة أشكر المولى عزوجل على هذه النعمة وأشكر إخواننا المنشدين على جهودهم وتواصلهم.
بدأت هذه المكتبة خطواتها الأولى من 6 إلى 8 كتب وحاليا تحوي على 3500 كتاب، توزع في جميع المكتبات الصغيرة في المملكة، بالإضافة إلى الوسائل التعليمية المرئية والمسموعة ومستلزمات العمرة والحج، وتعتبر من أكبر المكتبات الإسلامية في لندن.
الإبتسامة والقراءة أعظم فيروسين منتشران بين الشعب الإنجليزي
لو كانت تباع بالمال لاشتريتهما وأحضرتهما هدية لأبناء الكويت والخليج، لو كانت توزع مجانا لجمعتهما من كل قرية ومدينة ، لأنهما .. القراءة والابتسامة .. منتشرتان على أرض المملكة المتحدة كظاهرة شعبية تمثل واجهة المجتمع بأكمله ، الكتاب بين أنامل الشعب البريطاني ملازم وضروري مثل هاتف النقال في مجتمعنا ، والابتسامة على وجوه الأغلبية العظمى مثل ظاهرة الخز التي ينفرد بها أبناء شعبنا بكل أسف.
كم جميل حين ترى الشيخ الكبير والطفل الصغير والمرأة العاملة وغيرهم من مختلف أطياف المجتمع يتبعون أول كلمة نزلت في قرآننا الكريم ( اقرأ)، الذي نزل على خير البشرية محمد في شبه الجزيرة العربية ، وتطبق بالحرف في أوربا ، فيستغلون كل دقيقة في محطات القطارات والباصات، وكذلك في حال التنقل والترحال بل وحتى في طابور ((الكاشيير)) أثناء التسوق بالمحلات، تجد الرؤوس منحدرة والأعين ضائعة بين الكلمات المكتوبة في الكتب أو المجلات أو الصحف ، لعلهم يصيدون معلومة أو خبرا أو حتى صورة بدلا من ضياع الوقت ، تتخيل لثواني وكأن الشعب كله لديه اختبارات الثانوية العامة.
وهم نفسهم الرجال والنساء والأطفال رغم أن معظمهم من الديانة المسيحية أو اليهودية لكنهم يتبعون قول نبينا الكريم على الصلاة والسلام : (تبسمك في وجه أخيك صدقة) هذه النصيحة الغالية التي لم نعرف إلى الآن تطبيقها السليم ، وتؤخذ غالبا بالمفهوم السيئ لمن يحاول العمل بها بيننا، فهم هناك لا يبتسمون من باب الأجر والثواب، لكنها أصبحت العادة المعتادة، ومفتاح لعبور قلوب السائحين والزائرين من مختلف دول العالم، ثم الدخول إلى عقولهم وتشكيل أفكارهم حسب مبتاغهم .
همسة ختامية
ذكر المحاسن وعدم التطرق إلى المساوئ لا يعني إطلاقا أن المجتمع الأوربي هو المجتمع المثالي الخالي من دسم السلبيات ، بل على العكس تماما فكما نعلم من خلال عالم الفضائيات حتى لو لم نزر الدول الغربية ، بأنها تعاني من كثرة الجرائم وانتشار الفواحش وحجب الحريات وظلم المسلمين والغلاء المعيشي وصعوبة روتين الحياة وضعف الروابط الأسرية وغيرها الكثير والكثير من السلبيات التي تلازم هذه المجتمعات ، ولكنني فقط أردت أن أنقل إليكم الجزء الممتلئ من كأس الحياة لا أكثر.