يطل علينا شهر يناير مجددًا معلنًا الحداد على رحيل عام , وقارعًا أجراس اللقاء لمجيء عامٍ جديد .
يضطرنا للوقوف , للتأمل والتفكر , يحثنا على الالتفات للوراء لنلقي نظرة ً على الذكريات , كما يدفعنًا دفعًا لنعلي رؤوسنا ونختلس النظر للأيام القادمة . إن بداية السنة فرصة ثمينة جدًا للوقوف على عتبة الأيام , التأمل في ما مضى منها والتفكر بما سيأتي , محاسبة النفس على ما أفنت وقصرت , ومكافئتها على ما أعطت وأجزلت , إنها فرصة لعرض الأوراق ومراجعتها , تصفية ما أنجزنا منها , وفرز ما أهملناه , كما أنها فرصة لترتيب الأوراق وصياغتها من جديد , لنضع خطة ً جديدة مليئة ً بالأهداف , مرصّعة ً بالطموحِ والأمل , متزيّنة ً بحُليّ التفاؤل والإرادة القوية , إنها بداية ٌ لحياةٍ جديدة نُؤمل بها أنفسنا , خالية ً من منغصاتٍ قد آلمتنا ومتجردة ً مشكلاتٍ قد ألمت بنا , مفعمة ً بالتطلعات والأماني .
بداية السنة الجديدة حدثٌ يجب أن لا ندعه يمر بسلامٍ مرورَ الكرام , بدون أن نحتفي به على طريقتنا الخاصة , وبطقوسنا المميزة , وبدون أن نعطيه حقه ونوفيه إياه , أو نبخل عليه بكرم الضيافة العربية الأصيلة .
لن نقيم المآدب في أفخر الفنادق والصالات , ولن نشعل السماء ألوانًا وأشكالاً نارية , ولن نزّين شجرة الأرز بالدُمى والألعاب , ولن ننتظر الهدايا المُغلفة بأجمل الأوراق , بل سنختلي بأنفسنا لمدةٍ من الزمن , ونجلس جلسة مُصارحة , نكشف فيها أوراقنا جميعها , وننشرها أمام أعيننا , لنُبارك الحصاد الذي حصدنا في السنة الماضية , ونداعب الأمنيات التي صغنا للسنة القادمة .
كُل عامٍ وأنتم بخير , وكل وقفةٍ مع السنة الجديدة وأنتم بحالٍ أفضل : )