. ربما لم نقرأ في صفحاتِ الماضي .. عن مدينةٍ حُوصرت أشهراً طويلة .. وأُغلقت عليها كلُّ المنافذ ..؟!
وُطوًّقتْ بالحديد والإسمنت .. فلم يعد أهلها يملكون من أمرِ أنفسهم شيء .. ؟!
لكننا بالطبع .. َسنقرأُ على صفحاتِ التاريخ القادمة .. عن مدينةٍ عظيمةٍ ” كغزة هاشم” .. والتي طَوَّقها العدُّو الإسرائيلي سبعةَ أشهر .. 

و ” التاريخ صفحاته قليلة .. لا تكتب فيه إلا حكايا العظماء” .. وغزة .. مدينةُ عظيمةُ .. برجالها .. بنسائها .. وحتى بأطفالها .. ؟!

ولعل ما  يدعوا للعجب .. أن غزةَ .. تعني باللغة العربية ” القوي” .. إذْ هي مدينةٌ تمتلكُ تاريخاً مجيداً .. في مقاومةِ المحتلين ..

بالإضافة لموقعها الجغرافي .. فهي من أقدم مدن العالم .. وصلة ُالوصل بين آسيا وأفريقيا .. وبقعةٌ غنيةٌ للتجارة ..

وفي غزة دُفن جَد ُّالرسول صلى الله عليه وسلم ” هاشم بن عبد مناف بن عبد المطلب ” .. و لذلك أطلق عليها العرب .. ” غزة هاشم ” ..

والمدينةُ ” القوية “  توالتْ عليها سنونٌ عجاف .. برغم ذلك صمدت .. لم تستسلمْ .. ولم تخضعْ .. حينما سيطر عليها الأوربيون في فترة الحملاتِ الصليبية ..

حتى أنقذها ” صلاحُ الدين ” في معركةِ حطين .. ثم احتلها الأتراك .. حتى عام 1917 .. ثم استولت عليها بريطانيا خلال الحرب العالمية الأولى ..
 وقامت مصر بدخول غزة بعد قرار التقسيم 1947 .. إلى أن احتلتها إسرائيل 1956 ..  ثم انسحبت منها .. لتعود لاحتلالها مرة أخرى ..

وبقيت تحت سيطرتها حتى عام 1994 ..

والمتأملُّ لتاريخِ ” غزة ” .. يرى كم  كان لها  من اسمها النصيب الأكبر .. والحظَّ الأوفر .. فهي كانت ومازالت قوية ..

حتى بعد أن حاصرها العدو الإسرائيلي .. سبعة أشهر .. فقطع عنها الكهرباء .. ومنع دخول الغذاء والدواء ..

من معبر رفح الذي يعد المنفذ الوحيد لغزة بالعالم الخارجي .. ؟!

.. ” غزة هاشم ” التي يقطنها مليون ونصف فلسطيني .. لم تعد تجدُ حتى الكفن لشهدائها .. وبلغَ الفقر والجوعُ والمرضُ بأهلها مبلغه ..

وأحيط بهم من كلِّ جانب ..  فرفعوا أكف الضراعة .. وعلت أصواتُ البكاء .. حتى بلغتْ عَنانَ السماء ..؟!

 فلم يكد الفجر يبزغ .. حتى تَحطمتْ الأسوار .. ولانَ لهمُ الحديد .. وكأن الجدران الإسمنتية  لم تكن يوماً قائمة .. ؟!
وإذ بآلاف الفلسطينيين .. بين مريضٍ وجائع .. ورجلٍ وامرأة  .. يجتازون الحدود .. بلا رقيب ولا عتيد .. ؟!

أما الأطفال .. فاتخذوا الجدران الحديدية  التي منعت عنهم الحياة ذات يوم .. وحرمتهم من النظر إلى الأفق البعيد .. هي الآن ليست إلا لعبة مسلية ..

يقضون بها ساعات يومهم .. ويتسابقون بالركض عليها صعودا ونزولا .. ؟!

خيالاتٌ من الصوِّر تمر أمامك .. وأنت تتأمل الجدار المحيط بغزة .. كيف له أن ينهار .. وهو بهذه القوة .. والعلو .. والمتانة ..

بينما جِدارك .. أقصدُ الجدار الذي يحاصُر أفكارك .. أمانيك .. أحلامك .. مازال واقفاً .. غير قابل بعد على الكسر ..؟!

 

 

تنظر إليه .. تَتبعُهُ بنظراتك .. تحتاج لأن ترفع رأسك .. فهو لم ينتهي بعد .. ُيشقيك علوه .. وارتفاعه .. ؟!
تَتلمسهُ .. تبحثُ عن كُوةٍ صغيرة .. تُضيء الظلام الدامس .. والمُخَّيمْ منذُ وقتٍ بعيد .. فلا تجد ..؟!
 تُسند رأسك .. تُفكر في حل .. تبحثُ عن منفذ .. تسعى لإيجاد طريقة لتحطيم هذا الجدار .. فلديك الكثير من الأفكار الإيجابية .. ؟!

.. قد تحيط بك الظلمة من كل اتجاه .. وتعلو أمام ناظريك .. جدران اليأس .. ويطول عليك الطريق .. في وسط الظلمة ..

تتلمس بيديك ما حولك .. بخوف .. وترقب .. علَّكَ تجدُ منفذاً .. تستطيعُ من خلاله .. الوصول .. إلى مرادك ..

تتعثرْ .. تسقطْ .. ربما تضربُ بيديك الأرض ..  تبحث عن تلك العثرة التي أسقطتك .. تلقي بها بعيداً .. بغضب ..

وربما تلقي بنفسك .. على الأرض باكياً .. تندب حظك .. وتشكو دهرك .. فتعود مرةً أخرى بيأس .. إلى إحدى الزوايا المظلمة ..

التي اعتدت أن تقيم فيها أفكارك المحبوسة منذ زمن بعيد ..

لم يعد يجدي الوقوف .. كل يوم .. أمام الجدار الذي يمنع عنك الهواء .. كالضعيف .. العاجز ..

ولم يعد في الوقت متسع .. فأفكارك .. وأحلامك .. لا بد أن ترى النور .. ؟!
تسلَّح بالقوة وتحَّلى بالصبر .. وثقْ أن الجدار سينهار .. تقدم إلى الأمام .. حطم  أفكارك السلبية .. التي ُتشكلُّ من حولك هذا الجدار الوهمي ..

حطمه بقبضةٍ من إرادة .. واهزم الظلام المحيط بأفكارك وأحلامك ..
 .. وابتسم وأنت تشاهده ينهار .. ويتحول إلى ركام .. تتطاير بقاياه في كل اتجاه .. ؟!
هاهو الضياء يُطلُّ بعد الظلام .. وطريق النجاح أمامك .. َضعْ عليه أولى خطواتك .. بثباتٍ وأمل .. والأفقُ أمامك .. اصعدْ نحوه ..

وارسمُ على مُحياهُ  لوحةً ملونةً  من صنع أفكارك ..

        وتذكر دائماً قول القائل :
“ نحن نريد نفوساً قوية فتية .. وقلوباً مؤمنةً خفاقة .. ومشاعر غيورةً ملتهبة ..    وأرواحاً طموحةً متطلعة ..

تتخيل مثلاً عليا .. وأهدافاً سامية تسمو إليها ثم تصل .. ” .. 

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية