تقول الأديبة المغربية أحلام مستغانمي: لـــ تهرب من حالة عشقية أكتب..لمثل هذا خلقت الروايات !
وأنا أترنم بهذه الحكاية, للتشويق ليس إلا, فهربي ليس إلا من العشق إلى العشق ذاته.
تحكي لنا شهرزاد الأسطورية, في هذه الليلة السنيّة قائلةً:
عندما شقشقت أزهار عمري أكمامها وأبصرت نور الحياة, وجدتني في عشٍ أسري ينضح بالثقافة والفكر والأدب, تسكن المكتبة الآسرة إحدى جنباته, رُبيت بين أب يعشق الأدب حد النخاح, ويهوى المعرفة والحكمة حد الثمالة, ولأم تربوية لا تتوانى عن حث أبنائها في ميدان الثقافة الحقة, إيماناً منها بأن القراءة هي سبيلنا الأمثل نحو استعادة أمجادنا الإسلامية المسلوبة فلا سلاح أقوى من الثقافة الني نجابه بها أعدائنا الذين لا يتورعون دوماً عن إرسال ثقافتهم المعلبة لنا بورودٍ شائكة.
فإلى جانب التربية الإيمانية كانت تحثنا دوماً وتستميلنا نحو المطالعة والقراءة النهمة المدروسة من خلال الزيارات الأسبوعية المقررة الى المكتبة للإطلاع على آخر إبداعات الفكر الإنساني, حتى تُزودنا بالذخائر الحضارية التي يحتاجها المُسلم الحق لصناعة حضارته من جديد ولزرع الابتسامة على ثغر أمته الجريحة بناءً على مرجعية ثقافية راسخة رسوخ الجبال الرواسي, فلا يخفى عليكم أن الحضارة الإسلامية عندما كانت في أوجها ترتكز على دعامتين:
1.الدين والإيمان
2. العلم والثقافة
كونها تُزاوج بين حاجيات الإنسان الروحية والمعرفية العلمية, فالحضارات الآفلة كلها أما أن تُرتكز على الجانب الروحاني, أو الجانب العلمي البحت, أما حضارتنا البهيجة فقد أدركت ضرورة تلازم هذين الضلعين الراسخين فتوهجت وكانت أقوى حضارة شهدها التاريخ .
في هذا البيئة الثقافية الخصيبة نشأت, وعلى تعزيز قيم الإسلام رُبيت, فكان هذا العشق السرمدي مع رفيقي وأنيسُ لياليّ
:: الكتاب ::
أحببته حباً جما ... لي ذكريات جميلة معه ... و حكايات شبيهة بتلك التي حاكتها شهرزاد طيلة ألف ليلة و ليلة... لا أستطيع أن أفارقه حتى في أحلك الظروف و الضروب ... فمعه أشعر بالحماية بل بالإستقرار ... الكل من حولي يتساءل عن سر تلك العلاقة الحميمة التي تكاد أن توصف بالجنون !
نعم انه ضرب من ضروب الجنون لإشباع ظمأ المعرفة , و لكنني بكل إكبار أفخر بتلك العرى الوثيقة التي تربطني به ... فهو يشاركني يومياتي أينما كنت و كيفما صرت...
فكلماته تأخذني معها الى عصور ذهبية خلت ... فتارة أشعر و كأنني اتجول في سوق عكاظ أشهد المبازات الشعرية التي تدور هناك بين فحول الشعر العربي و تارة أخرى أزور دور الفلاسفة و العلماء في بلاد الاندلس للتعرف على فلسفات و نظريات تثري الفكر الإنساني ... و أحياناً أخرى أتجاذب أطراف الحديث مع فناني عصر النهضة حول آخر ابداعاتهم المعمارية الفنية التي خلدها التاريخ ... و مرات كثيرة كنت أزور البلدان للتعرف على ثقافات الشعوب و معالمها الحضارية و التاريخية.
والذي أوقد جذوة العشق هذه وجعلها تتوهج, والدي الحبيب حفظه الرحمن –وكما يقول العرب:كل فتاةٍ بأبيها مُعجبة- ولكن إعجابي به بلغ عنان السماء لثقافته الواسعة التي كانت تبهرني في سن أنوثتي الصاخبة "المراهقة" , ..فكم من جلسات ثقافية طوال كُنا نقضيها في رحاب الأدب والشعر والفكر, فهو عادةً ما يتابع مسيرتي التثقيفية, فما ان أُنهى من قراءة أي كتاب..حتى أهب بالجلوس بين أحضانه الدافئه بغنج الأنثى..لأمطره بوابل المعرفة التي حصدتها مع معشوقي.
وهكذا سار بي الحال..إلى أن نضجت أفكاري بعض الشيء=مازلت صغيرة لم أتجاوز الــ 21 ربيعا مُزهراً= ولكنني إكتسبت مرجعية ثقافية أصيلة وراسخة ولله الحمد, مُستقاة من الدستور الإلهي والهدي النبوي, وأسعى لتحسينها دوماً.
لا أخفى عليكم أن الرياح الهوجاء تعصف بي من كل جانب, ما ان ولجتُ الى الجامعة, لغرابة شخصيتي بين أترابي, فالتربية الإيمانية والثقافة الحقة صنعت مني فتاة مُلتزمة متشبثة بردائها الشرعي, مستمسكة بوشائج ثقافتها العربية الإسلامية, تختال بجذل العربية الفصحى, حالمة باستعادة أمجادها ورونق حضارتها العربية الإسلامية,مُتخذة عائش رضي الله عنها والخنساء وخولة بنت الأزور وشهرزاد كــ قدوات أساسية في حياتها, فأشعر بالإغتراب حقاً في قلب كليتي خصوصاً وأنني في كلية العلوم الإدارية التي يعتنق معظم طلبتها الفكر العلماني المتحرر, والثقافة الغربية الدخيلة, فينظرون إليّ وكأنني قادمة للتو من إحدى العصور الإسلامية التاريخية الخالية!, لا يخطفني بريق الحضارة الزائفة, ولا الشعارات العصرية الرنانة, التي تدعو الى تحرير المرأة وخلعها من رداء الحياء والإيمان, ودعوتها الى إثبات الذات والتمرد على الرجل, ههه ..هرطقات لا تروق لي البتّه, إلا أنها تألمني كثيراً عندما أجدها مُستشرية بين قوارير الأمة!
حتى أنني أفضتُ الى أوراقي بمداد ألمي, مخاطبةً عائشة رضي الله عنها قدوتي الأولى, التي امتازت بالفقه والعلم والأدب والبلاغة والفصاحة قائلةً:
إلــى الأديبة الفصيحة ~ صاحبة الحريرالأخضر~ عائشةرضي الله عنها
لغتكِ الخضراءأينعتْ
وفصاحتكِ أزهرتْ
وبلاغتكِ أثمرتْ
في بستاني الأدبــي المخضوضر جمالاً
فشكراً لكِ
وكم أتوقُ للقاؤكِ الآن
فلكمْ آلمني الزمان !
قهــقهــه!, لا أعلم هم الغرباء أما أنا الغريبة حقاً!, ولكن وعلى الرغم من كل ذلك إلا أنني أسعى أن يتأثروا بي بأي شكلٍ من الأشكال..كُنت أفكر بيني وبين حالي دوماً..كيف أستطيع أن أخترق حصونهم؟؟
إهتديت إلى أن أسير بخطى واثقة, وأجسد شخصيتي كما رُبيت, لا أأبه لنظراتهم وهمساتهم, فمتى ما ناضل الإنسان لأجل الفكرة التي يعتنقها حتماً سيظفر يوماً.
وهذا ما أشهده على التوالي بعد جهد مرير لترسيخ تلك المفاهيم, فكم من فتاة تقترب مني بخجل بعض انقضاء محاضرةٍ ما, لتسألني: من أي نهرٍ تغتسلين..لتسفيضي بتلك الكلمات؟, أُناظرها..ابتسم لها قائلةً بغنج: الكتاب هو سر حياتي, وان استشاط بها الحماس, أشرع برسم خطة لها لتبني ثقافتها, وأظل أتابعها, فتارةً أصحبها معي الى المكتبة , وتارةً أُهديها كتاباً أنيقاً, وكثيراً ما أُناقش معها كتاب قد أُصدر للتو وأثار ضجة, أو أدفعها لمتابعة لقاءٍ تلفزيوني مع أديب أو شاعر أحدث زوبعة فكرية على الساحة الثقافية, وهكذا إلى أن أجعلها إبنة الأوطان الثقافية والمعرفية.
عشقت القرطاس والقلمُ, وبادلني العشق ذاته, وها أنا اليوم أبوح بمكنوناتِ هواي السرمدي معه!
دعوة لأمة إقرأ:
قراءة كتاب " صناعة الثقافة ", لكل من فيصل باشراحيل, ود.طارق السويدان.
وشوشة أخيرة للتسويق :
الأسبوع القادم ابتداءً من يوم الإثنين 10-3-2008
ينطلق مشروعنا الثقافي في أروقة الجامعة, وهو نتاج تعاونٍ بين نادي مدراء المستقبل في الإتحاد الوطني لطلبة الكويت- فرع الجامعه, الذي أُديره هذ العام, و اللجنة الثقافية في الإتحاد الوطني لطلبة الكويت والتي تُديرها الأخت: وفاء الجاسم.
إليكم هوية مشروعنا الثقافي التجديدي, الذي ستشهدونه في المعرض الثقافي المُقام بكلية الآداب-كيفان
اسم المشروع: الكتاب العابر Book Crossing
مُنطلقنا الفكري: لأننا نُؤمنُ بأنّ الكلمة النيّرة لا يليقُ بها أن تكون حبيسةُ ظلام مكتبة, أو خزانة مركونة, بل مُتداولة بين عشاقها, يطربون لهمسِ حروفها, ونبض معانيها, يرتشفون من رحيقها الثّجاج, القوة الثقافية, والبسالة الفكرية, والشجاعة المعرفية , للوثوب في أحضان المجد الإسلامي من جديد.
فكرة المشروع: نفض الغبار عن الكتاب من براثن الزمن الخانق, وجعله رسولاً متنقِّلاً
لا تحدّه الحدود, نتبادله فيما بيننا, لنرتقي معاً في مدارج الثقافة البهيجة.
شعار المشروع: اطلق قيد كتابك .. و شاركنا قراءاتك ..
لماذا نقلنا الفكرة؟
1. لإعادة أمة إقرأ للقراءة, فإحصائية منظمة اليونسكو الصادرة حديثاً, تُشير إلى أن المواطن العربي يقرأ 6 دقائق باليوم, وثلث الرجال ونصف النساء لا يقرأون! .
2. لأن القراءة هي السبيل الأمثل لاستعادة أمجادنا المسلوبة, فلا سلاح أقوى من الثقافة التي نُجابه بها أعدائنا الذين لا يتورعون عن تصدير ثقافتهم المُعلبة لنا بورودٍ شائكة.
3. إيماناً بما قاله المُفكر الإسلامي د.طارق السويدان (( القراءة فرضٌ في هذا الزمان على كل من يحسن القراءة, حيث لا نهضة للأمة إلا بنهضة الفرد, ولا نهضة للفرد إلا بتنمية عقله, وهذا لا يتم إلا بالقراءة)) .
فلسفتنا الإسلامية للفكرة:
مُثلما يُزكي المُسلم المُؤمن عن أمواله ومتاعه كوجه من وجوه حمد الله عزوجل على النعمة الجزيلة, يُزكي عن ثقافته وعلمه بنشر الكتاب النافع بين أقرانه, ليسيروا على هداه, فينال الأجر العظيم, فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن الرسول-صلى الله عليه وسلم- قال: (( من دَعا إلى هُدىً كان له من الأجرٍ مثل أجورِ من تَبِعهُ, لا يَنقصُ ذلك من أُجورهم شيئاً, ومن دَعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مِثلُ آثامِ من تَبِعهُ, لا ينقصُ ذلك من آثامهم شيئاً )) – أخرجه مسلم: 2674-.
وسكتت شهرزاد عن الكلام المُباح, عندما أدركها الصباح .