يسيطر العلمانيون على مفاصل القرار والتأثير في الكويت منذ تأسيس الدولة الحديثة عام 1962، وبروزهم الإعلامي والصحافي المبالغ فيه إحدى صور سيطرتهم هذه، وتشويه حقيقة التصريح الصحافي الذي أدلى به  د. عبد الله سليمان العتيقي أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي مثال على ذلك.

 

أنطلق بداية من بيان حجم اعتزازي بالتتلمذ في المدرسة الإسلامية الشاملة والمعتدلة، التي يعتبر العم أبو قتيبة أحد رموزها، وتعد جمعية الإصلاح الاجتماعي أحد أركانها في وطننا المسلم.

 

وقد كانت للدكتور العتيقي جهود واضحة أثناء الغزو العراقي البعثي (العلماني) لدولة الكويت، من خلال الهيئة العالمية للتضامن مع الشعب الكويتي، التي اعتبرت النسخة الخارجية من حركة المرابطين بجناحيها العسكري والمدني داخل الكويت في تلك الفترة.

 

وهو ذو شخصية إيمانية وتربوية وقورة تشرفت بمعرفته عن كثب بحكم الجيرة في منطقة (مشرف)، التي تتميز بسكن عدد كبير من الفقهاء والسياسين والمثقفين فيها.

 

أقول هذا الكلام لتبيان مدى فداحة الخطأ الذي وقعت به الأقلام والأفهام، التي حاولت النيل من الدكتور العتيقي بشكل أو بآخر، دونما تثبت رغم أن الله عز وجل أمرنا به فقال: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا، أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}.

 

وقد حرصت فور سماعي بالضجة الصحافية والإعلامية العلمانية، على طلب نسخة أصلية مما صدر عن جمعية الإصلاح الاجتماعي بشأن اقتراح النواب الثلاثة بإلغاء مواد من قانوني فصل الاختلاط بجامعة الكويت والجامعات الخاصة.

 

فأنا أعرف – بحكم تجربتي النقابية – التزوير الذي من الممكن أن يمارس في شارع الصحافة مع الأسف الشديد، حيث أصبح شرف المهنة الصحافية شيء من الماضي ألقاه البعض وراء ظهورهم! وهو ما انعكس سلبًا على ثقة القارئ الكويتي بالصحف والمجلات المحلية.

 

وبالفعل صدمت من الفرق الكبير بين التصريح الذي أرسله العم أبو قتيبة العتيقي للصحافة وبين ما نشرته تلك الصحف من اجتزاءات وافتراءات علَّق عليها كتابها بسرعة كبيرة ومريبة! وسأبين أمثلة من هذا فيما يلي:

 

1- زعموا بدايةً بأن العبارات المختلف حولها وردت في بيان لجمعية الإصلاح الاجتماعي:

 

والصواب أنها وردت في تصريح أمين السر باسمه وصفته ومؤرخ 7/2/2008، والجمعية لم تصدر بيانها إلا في 17/2 أي بعده بعشرة أيام كاملة، وهو بيان جامع ومانع لا يختلف حوله اثنان.

 

2- صوروا للقارئ أن د. العتيقي في تصريحه اتهم الطلبة في المدارس والجامعات المختلطة، بأنهم سيؤوا الأخلاق ومعرضون لأمراض جنسية وغيرها من العبارات المشينة:

 

والحقيقة بأن أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي لم يسىء للدارسين هنا أو هناك، وكل ما احتواه تصريحه كان عبارة تساؤلات وتنبيهات للمطالبين بفرض الاختلاط، ومقارنات بحال المدارس المختلطة في الدول العلمانية الغربية، ومطالبات بإيقاف التجاوزات على القوانين في المدارس والمجامعات المختلطة.

 

3- قالت إحداهن بأن العم أبو قتيبة تخرج من مدارس مختلطة وحاز الدكتوراة بلجنة تحكيم تضم إمرأة، وهذا تناقض على حد فهمها:

 

وأتساءل هنا: هل المطلوب من المسلم ترك التعليم لأنه قد يكون مختلطًا؟ وترك الديمقراطية لأنها قد تشرع خلاف ما أنزل الله؟ وترك رواتب الحكومة لأنها قد تختلط بأموال ربوية محرمة؟ والامتناع عن مشاهدة التلفزيون لأن عينه قد تقع على منظر محرم؟

 

إن هذا الإقصاء للمسلمين الملتزمين عن مناحي الحياة هو بالضبط ما يريده العلمانيون، فهم يطالبون المحافظين بالانزواء في بيوتهم أو الاعتكاف في مساجدهم، وترك الحياة من حولهم ليصنعها الغربي هناك ويستنسخها العلماني هنا بسلبياتها.

 

بينما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالمشاركة في توجيه دفة الحياة فقال: (الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)، ووجهنا لدورنا تجاه المنكرات عندما نراها فقال عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).

 

4- نشروا بأن تصريح د. العتيقي احتوى كلامًا متطرفًا وبعيد عن الموضوعية:

 

وافتراؤهم هذا هو التطرف واللا موضوعية بأوضح صورها، حيث أنني قرأت التصريح مرات عديدة، فما وجدت فيه غير استشهادات قرآنية، ومقدمات منطقية ومشاهدات واقعية، ودعوة موجهة للسلطتين التنفيذية والتشريعية لتطبيق قوانين فصل الاختلاط بالمدارس والجامعات.

 

ثم تطرق أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى ندوة (التعليم المشترك حق دستوري)، والتي بين أنها لا تمثل إلا قلة من المجتمع الكويتي، وأن القائمين على الندوة والاقتراح بقانون يعطلون مشاريع التنمية باقتراحاتهم الشاذة عن رأي الأغلبية.

 

وهذا الكلام غاية في الاعتدال والتعقل، فعلى سبيل المثال لا يؤيد فرض الاختلاط إلا ثلاثة نواب في البرلمان من أصل خمسين أي نسبة 6% فقط، ولم يؤيد  مبدأ الاختلاط بين الجنسين داخل الجامعة سوى قوائم طلابية تحصل على 10% من إجمالي المصوتين بالانتخابات، فهل الديمقراطية تحترم عندما تأتي بما يوافق هواهم، وتصبح نوعًا من التخلف عندما تأتي بما يوافق شرع الله عز وجل!

 

          ختامًا فإن ما يحدث الآن ما هو إلا جولة جديدة من صراع الحق والباطل القائم منذ الأزل، علينا الانحياز فيه للصواب دون تردد أو مداهنة، منهيًا كلامي بالآية الكريمة التي بدأ بها د. عبد الله العتيقي تصريحه، وهي قوله تعالى:

 

{قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والإثم، والبغي بغير الحق، وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} صدق الله العظيم.

 

 

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية