صباح العيد .. يا وطني .. ايهذا الكبير ولا اكبر منك . ايهذا المفدى وهل غيرك انت المفدى ؟ . ايهذا المكرم وهل غيرك انت المكرم ؟ . انت كل هذه المعاني النبيلة ، وانت اكبر من هذا وذاك . انت كبير لانك ما زلت ترفض الانقسام . تتحداه ، تثور عليه ، تقاومه . وانت مفدى ولن يكون الا لوجهك الفداء والتضحية . صباح العيد المجنح بالاصرار ، الملون بالتحدي ، المعطر بالمجد ، الفواح بالذكرى . ما هان ابناؤك يا وطن الثوار والأحرار والأبرار . يا وطن الاطفال الذين عمدوا كل ذرة من ترابك بدم يفوح منه شذى الأريحية والفداء . ها هم أطفالك توحدوا بترابك الحالم بصباح الحب والأمل ينزل مدرارا يروي ظمأك للحرية ، يغتسل بسناه القدسي كي تشرق شمس لا تعرف الغروب تعانق كل الآفاق ، تقبلها ، تلثم جبينها الشامخ فتصحو على نهار جديد وعرس وعيد .

      صباح العيد يا وطني . ما هاض جناحاك ، ولا اعياهما التحليق . تصحو كل فجر تتوضأ بندى الحرية ، ولا تصلي لغير الله . جبهتك الوضاءة لا تمتهن الانحناء ولا تسجد إلاّ لجلاله وجبروته ، إلاّ لتقبل شهيدا ، إلاّ لتمسح جرحا مكابرا مسافرا في ركاب العلى لا يعرف الرجوع . وها أنت تتحدى غربان الليل الناهشة أحلامك الخضراء بغد مورق الرؤى ما زال جنينا في رحم الأيام . تصنع من أحزانك نارا مقدسة يصطلي بجحيمها كل من تتطاول يداه على شموخك . وتضيء مشاعل الاباء لأجيال لم تولد بعد بين احضانك ، وتفرش الدرب أزاهير على وقع خطاها الواعدات .

      صباح العيد يا وطني . يا وطن الأسرى والجرحى والشهداء . يا ترنيمة على كل فم . أنت الاضاءة الخالدة في فضاءات كل عاشق ربوعك ومغانيك . وبرغم الأيام المثخنة بالعتمة المثقلة بالأحزان ، ستظل الشمس تشرق على وجهك الصبوح . ستظل العصافير تصحو بين يديك تغسل عيونها بنداك الطهور تشدو لك ترنيمة العشق الخالد . وستظل أزاهيرك تمطر عطرا . ولن تغيب الضحكة من أعين أطفالك . فأنت لهم وهم لك . يا عيدهم الكبير الى الأبد حتى نهاية الدرب والمشوار .

      صباح العيد يا وطني . كبير أنت . أكبر من كل المكابرين . يا أسطورة ديمومة الرفض وتواصلها مع الأجيال . عنيدة حريتك لا تعرف الرجوع ولا الخضوع ولا الركوع ولا تساوم. حريتك هدية الأجيال للأجيال فالأجيال .

      صباح العيد يا وطني .. أيها الشامخ الجبين . مكلل أنت بغار الكبرياء ، معطر بأريج الاباء . رائحة التاريخ فواحة الشذى تتسامى من ذرات ترابك أمجادا . تضيء فضاءات أيامك السابحات في العلى . أيها العاشق لون الحرية راية ترفرف في سمائك .. وشعلة خالدة من اضاءاتك .. لأنك حالة عشق تتحدى الانطفاء .. تنتفض جوارحك على كل يد غارقة بالاثم تمتد لتسرق ألوان طيف رؤاك وتدفنها في غياهب النسيان والظلام .. فانت اقوى من الظلام والنسيان .

      صباح العيد يا وطني .. هذا الدم الطهور مطر أخضر يتوضأ بقطراته ثراك الحالم بصلاة الحرية . هذا الدم الطهور كأس مترعة بالعشق قربانا لمغانيك . لعل شقائق النعمان والنسرين. لعل الياسمين .. لعل كل الأزاهير تصحو من غفوتها فترسم من جديد خارطة وجودك الحتمي . لعل الاطيار المهاجرة ترجع الى أفنان أشجارك الواقفة في وجه الريح السوداء . لعل الشمس تطل على نهاراتك المتمردة على عتمة الليالي السود . لعل الابتسامة التي غادرت عيون أطفالك ذات يوم تورق مرة أخرى في أحداقهم وتزهر أملا بالحياة . لعل العيد الذي حلمت به الاجيال يرجع الى احضانك .وهل عيد غير ظلالك يتفيؤها العاشقون الساهرون انتظارا لصباحاتك السابحة بالسنا .

      صباح العيد أيها الوطن الساكن في العيون ، المحفور على شغاف القلوب . أنت الحب ولا حب الا أنت . ذرات ترابك . أنسامك . صيفك شتاؤك . ربيعك خريفك . أطيارك أزهارك . لياليك نهاراتك ملحمة عشق لعشاقك . بلسم لجراحات المنافي والشتات . عيد يلون فضاءاتك أعيادا وأكاليل غار .

      صباح العيد أيها الوطن الساكن في وجدان انسانك . والمسكون فيك هذا الانسان . مازال عشاقك يدخلون محرابك أفواجا أفواجا يرتلون لك أنشودة الحرية . هاماتهم ترنو الى السماء بكبرياء .  تتوج جبين زمانك بغار التمرد . تملأ الكؤوس أنخاب انتصار ، وتقيم أعراسا لعيد حريتك الموعودة به الاجيال . ويومها تسترجع الأعياد لونها المضمخ بالحرية ، المتفيء ظلال المجد والفخار .

      صباح العيد ياوطني .. انشودة اجلال واغرودة اكبار نصوغهما في هذا الصباح من عناقيد ابجدية جراحات ثراك الدامي . من اريج نسائم مغانيك الموجعة . من بوح اطيارك الجريحة .. من فوح ازهارك الدامعة العيون . من اشجان ايامك ولياليك الملونة بالكبرياء . من آهات نجومك واقمارك المسافرات في مدارات علاك . من آلام انسانك الساهر ما نام على ذل ولا هوان حتى يطلع صبحك المجنح بالحرية واللقاء .

      صباح العيد يا وطني .. يا صرخة الاصرار والتحدي على شبابة الوعد .. دم انجالك المدرار مطر يروي ارضك عشقا .. يلونها شوقا وفداء ينهمر شآبيب على محياك فتصحو على صباح واعد يخضوضر في احضان ثراك ويزهر غابة حرية . ايها الواعد الموعود . ما زلت ملهما لابنائك الميامين المنزرعين بين ذراعيك كصخور جبالك الشماء . واعدا باللقاء الاخير على ثراك الطهور . موعودا باسراب طيورك تعود من منفاها الى عشك الدافئ الحنون . واسراب شامخة الجبين خلف القضبان شاءت فلا بد لقيدها ان ينكسر يوم تشرق شمس نهارات الحرية . واجيال اسراب في رحم الغيب سـتولد في احضانك كما ينبت الربيع ويخضوضر بعد ليل خريف وشتاء طويل .

      صباح العيد يا وطني .. لا تحزن اذا لم تعد هذا الصباح  الاطيار الضاربة في المنفى الى احضانك . لا تحزن اذا لم تتنسم رائحة الحرية عندما تفتح عينيك هذا الصباح فالحرية ما زالت تشق غبار الشتات لتلقي برحلها بين يديك . لا تحزن اذا لم يحمل هذا الصباح لك العيد فعيدك ما زال على اجنحة وعد العشاق . وغدا ستصحو على مغناتهم تعطر المدى . تعيد لك العيد تتوج به هامتك البهية وتزرعه على محياك ابتسامة لا تمحوها الايام .
 
شاعر وكاتب فلسطيني

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية