ما قرأت ولا سمعت و لا استشعرت وصفا كاملا شاملا  للإسلام مثل كلمات الصحابي الجليل ربعي بن عامر  حين قال  "الله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام " و لأن في أبجديات زماننا و في لغة الصحافة و الإعلام فإن الخبر أو القصة لا تكتمل إلا عندما نعرف الإجابة عن كيف و متى و أين و لماذا ؟

 

 و لنبدأ ب متى قيلت هذه الكلمات ؟ قيلت هذه الكلمات  بعهد سادت التقوى محل القهر و البطش  و في أيام كان للحق زهوة و للإيمان سلطان تعدى قوة الأبدان , و جمال الكلمات لا يتجلى في المفردات القوية التي قيلت و لا في عمق الشعور الذي أمتد حتى زماننا فمن يقرأ هذه الكلمات يستشعر أنها اليوم قيلت فهي تزلزل كل المفاهيم الجاهلية و لكن جمال الكلمات أنها قيلت أمام قائد لأكبر إمبراطورية و لعرش استمر  قرون طوال و هنا تكن عظمة الإسلام... فهي ليست عبارات و كلام إنما فعل مقدام, فالحديث و العبرات القوية المزلزلة تقال ليل نهار في مجالس مغلقة و لكن أن تقال أمام أقوى سلطة فإنها تكمن العظمة و هنا يكمن الإسلام.

تخيلوا معي الجرأة و الحرية التي تحدث بها ربعي بن عامر فهو حيي في كل شي إلا الحق و حر في كل شي إلا من الله و الله كل شي... فأول ما يعطينا الإسلام هو الحرية... الحرية التي تكسب النفس استقرارها و هدوئها و كرامتها ف بإسلام الإنسان حر من تعظيم ذات غير الله و من تقديس فكرة في مجتمع و من عبادة رموز و مال و جاه و اسم و أصل... ف بالحرية وصل ملك الإسلام اسبانيا و جنوب فرنسا و بذل الإنسان و عبادته ماديات زمانه احتلت فلسطين و انتشر الظلم في ربوع دولنا .. إنها انعكاسات نفوسنا على واقعنا و أوطاننا ... إن لم تعد نفوسنا حرة من كل أهواء زماننا فإن إسلامنا لم يكتمل و إن كانت ما تزال نفوسنا تهوى الانكسار أمام مال و جاه و سلطة و أصل فمازلنا نحتضر .

و الحرية تقودنا إلى التفكير ... و التفكير يخرجنا من ضيق الدنيا إلى سعتها .. فنحن مطالبون بتفكر في الكون و جمالة و القصص الأمثال و العبر و الآيات حتى في أنفسنا نحن مطالبون بالتفكر أليس هناك حرية أعظم من حقي في التفكير ؟ أليس التفكير هو مفتاح الخروج من بوابة الذات إلى سعة الحياة .. أليس التفكير هو حق المصير و حقي في القرار ؟ و أليس التفكير هو إبداع الله في خلقة لنا ؟ إن عطل التفكير فقد عطل الإبداع و إن عطل الإبداع فقد عطلت الحرية الصارخة المتحدية و التي في جوهرها رحمة للعالمين  ...و للحديث بقية إن شاء الله  عن معنى العدل و المساواة.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية