عندما قامت الثورة الفرنسية فإنها قامت لإرساء ثلاث معاني بالمجتمع و هي (الحرية- العدل- المساواة ) و أعتقد أن أي ثورة أو فكرة في المجتمع منبعها هي المعاني الثلاث... فحركة الحياة البسيطة لا يتحقق الكمال بها إلا إذا تمتع الفرد بحرية تشعره بالأمان... و مساواة تكسبه حقوق متساوية... و عدل فينام قرير العين دون ظلم و بطش من أحد, و جميع الثورات و حركات التحرر  بالعالم جاءت لتعلي مبادئ ضعاف المجتمع و لتبطل القهر و البطش.

فجميع الثورات والصراعات كانت بين طبقة الفقراء و الأغنياء ...إلا الإسلام فهو لم يكن حركة أو ثورة من ضعاف المجتمع إنما حركة من جميع أفراد المجتمع لصالح المجتمع و هذا هو الاختلاف الرباني بين الإسلام كفكرة توحد الوجود و بين باقي الأفكار و المعتقدات .

أصل كل الحقوق و الجزاءات و العقوبات التي أقرها الإسلام هو مبدأ "العدالة" و أساس كل أصول المعاملات و العلاقات التي جاء بها الإسلام "المساواة" ... إذا أراد الفرد أن يقيس مدى إيمانه بالإسلام كدين و عقيدة فلينظر لممارساته لهذه المبادئ , و لنتأمل و نتدبر حديث الرسول – عليه الصلاة و السلام : (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)

فالكبر شعور خفي يكسب الإنسان ممارسات فيها من الظلم و التفرقة , فالمتكبر  يشعر أن فوق الحقوق و الواجبات و المتكبر يعتقد أن أصل الكرامة هي رتبتك في المجتمع في حين أن الله أرجع كرامة الإنسان في كونه من بني آدم "و لقد كرمنا بني آدم ".

الإسلام يبني حقيقة الإيمان على صمود الإنسان في المحن و قدرته على تخطيها بثبات و ثقة بالله لذلك كان البلاء و الامتحان حتى تتمحص النفس الخبيثة من الطيبة و في أي كلية عسكرية أو أي ميدان فإن النفوس الضعيفة و الغير قادرة على الصمود تتراجع و تتساقط و يبقى فقط الأقوياء و المتميزون و هؤلاء هم خلفاء الله في الأرض , و في حياتنا اليومية البسيطة نتعرض لكثير من مواقف التمحيص الخفي الذي إما أن يرفعنا إلى أعلا عليين أو يهوي بنا إلى قاع الدنيا و الآخرة.

و اختبارات الحياة تتعلق بمدى شعورنا بالمساواة مع الآخرين و بقدرتنا على تطبيق العدل في كل شي في أوقات الفرح أو الغضب و في الجرأة  في الحق و إنكار المنكر الذي يتطلب الشعور بالحرية، فمحور الإسلام يدور في فلك هذه المبادئ .  

العدل و الحرية و المساواة مبادئ ذو صدى رنان و مبهج لقائلها و مستمعها و لكنها لا تتحقق إلى بجهاد مع النفس و بإيمان عميق بأن الحياة مرحلة فانية و بأنها دار التواء و ليس استواء, فعظمة الإسلام التي رفعت من قدر بلال الحبشي و خفضت من قدر أبو لهب القرشي هي العظمة التي يجب أن تحل في نفوسنا .. و لينظر الكل في قلبه و ممارساته و أفعالة و قراراته هل هي مبنية على أصول الإسلام أم على موروثات جاهلية لم ينزل الله بها من سلطان.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية