تقدمت مجتمعات الدول الصناعية الكبرى نتيجة لأسباب أخذت بها ، وتحدثت في المقالين السابقين في سلسلة هذه المقالات عن سببين رئيسيين وهما: فريق العمل ، والمؤسسية. ويأتي هذا المقال كاستكمال لهذه السلسلة؛ حيث يتحدث عن سبب ثالث رئيسي ، وهو المعرفة والعلم .
فالمجتمع الذي يسعى إلى التقدم  ينبغي أن يتحول إلى مجتمع المعرفة ، أي مجتمع يتوافر لديه كم هائل من نظم المعلومات في شتى المجالات ؛ بما يؤدى إلى تكامل هذه النظم لتؤدي إلى المعرفة الكاملة للمجتمع بنقاط القوى والضعف الكامنة فيه وبالفرص والتحديات التي تواجهه من البيئة الخارجية ؛ ومن ثم ينبغي أن يسعى المجتمع في البداية إلى أن يصبح مجتمع المعلومات الذي يقود بدوره إلى مجتمع المعرفة عبر طريق اقتصاد المعرفة وإدارة المعرفة .


ويعني اقتصاد المعرفة بالأساس أن تكون المعرفة هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. ويعتمد اقتصاد المعرفة على توافر تكنولوجيات المعلومات والاتصال واستخدام الابتكار والرقمية، وذلك على العكس من الاقتصاد المبني على الإنتاج؛ حيث تلعب المعرفة دورا أقل؛ وحيث يكون النمو مدفوعا بعوامل الإنتاج التقليدية، وباستخدام الأفراد باعتبارهم عنصر العمل في الإنتاج، وليس كموارد بشرية أو رأس مال بشري ، مثلما هو الحال في اقتصاد المعرفة؛ ومن ثم يقوم اقتصاد المعرفة على: الابتكار، والتعلم الموجه نحو الإنتاجية السلعية أو الخدمية، والبنية التحتية المعلوماتية، والأطر المؤسسية القانونية والاقتصادية والسياسية الدافعة نحو زيادة الإنتاجية.  
ويرتبط نمو اقتصاد المعرفة  بتوافر إدارة المعرفة  التي تعني استخدام التقنيات والأدوات والموارد البشرية لجمع وإدارة ونشر واستثمار المعرفة ضمن مؤسسة ما ، كما تعني إدارة المعرفة تعظيم كفاءة استخدام رأس المال الفكري في نشاط الأعمال ؛ مما يتطلب إقامة شبكة تربط بين أفضل العقول للوصول إلى المشاركة الجماعية والتفكير الجمعي، كما تتطلب إدارة المعرفة وجود إدارة معلومات من خلال نظم معلومات إدارية فعالة وذات كفاءة عالية لتطوير الأداء الفردي والمؤسسي.
وترتبط إدارة المعرفة بقوة بتعظيم إنتاج البحث العلمي جودة وكما ؛ وذلك من خلال: تشجيع الباحثين، وإقامة الندوات والمؤتمرات وورش العمل، وإقامة مراكز بحثية عالية المهنية والاحتراف؛ حيث يتحقق مجتمع المعرفة الذي يقودنا إلى مجتمع العلم ؛ بما يوصلنا إلى التقدم والازدهار المنشود لمجتمعنا.
    ويمكن القول بأن دورة إدارة المعرفة قد تمر بثمان مراحل، كما هو موضح في الشكل أعلا المقال؛ حيث تبدأ بتحديد المعرفة المستهدفة ثم جمعها ثم تنقيحها ثم تخزينها ثم تصنيفها، ثم تقاسمها وتوزيعها، ثم إيجاد معرفة جديدة، ثم بدء الدورة من جديد.

 

كاتب
أستاذ الإدارة العامة بكلية العلوم الإدارية - أكاديمية السادات. محكم بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية لفحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة والأساتذة المساعدين. محكم بدوريات علمية عربية لتحكيم الأبحاث المقدمة للنشر. أشرف ويشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في الإدارة. عضو لجان المناقشة والحكم على رسائل الدكتوراه والماجستير في جامعات القاهرة وحلوان وعين شمس. رئيس تحرير موقع الإدارة العامة والمحلية. تولى عدة مناصب. له العديد من الكتب والدراسات العلمية والمقالات المنشورة.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية