عرفته، فأحببته، فتغير كل شيء!

نعم بكل بساطة، تعرفت إليه حديثًا، لم أكن أعرف كم جميل وحنون وعظيم هو، لم أكن أعرف كم تعب وصبر ليوصل إلي وإليكم أثمن الهدايا، لم أعرف يومًا مدى حبه لي ولكم، ما عرفت يومًا أنه كان أكثر الناس تبسمًا حتى أن صاحبه عبد الله بن الحارث يقول: "ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم." أما عرفتم من هو ذاك العظيم الذي أحدثكم عنه؟ هو أحب الناس إلى قلبي، هو رسولي ونبيي الكريم محمد عليه صلوات الله وسلامه.

عندما كنا صغارًا كانوا دائمًا ما يسألوننا: "من أكثر من تحبين؟" وكان الرد الذي يجب أن نرد به والذي حفظناه عن ظهر قلب: "أحب الله ورسوله أولاً ، وأحب ماما وبابا..." وهلم جرّا. لم أعي يومًا ذاك الجواب، أو بالأحرى الكلمات الأولى من ذلك الجواب، إلا بعدما عرفت -محمد صلى الله عليه وسلم- ومن يكون، هو ذلك الرجل الخلوق الكريم، هو ذلك النبي الشجاع الحليم، هو ذلك الأب القائد العظيم.

أخواتي، فرحتي بمعرفة نبينا -صلى الله عليه وسلم- لا تدانيها فرحة، تلك لذة لم أشعر بمثلها أبدًا، حتى أني حينما أصلي عليه اليوم، أصلي عليه بقلب حاضر ملؤه الحب والشوق والإجلال، منذ أن عرفته وأنا لست بأنا، أو ربما الأصح أن أقول أني وجدت "أنا" التي يجب أن أكون، بعدما عرفت عظمته وعظمة ما ضحّى به من أجل أن يوصل إلينا أعظم الرسالات على أكمل وجه وأتم أداء، بعد هذا، خجلت من نفسي! كيف لي أن لا أكون مسلمة في كل حركاتي وسكناتي؟ كيف لي أن لا أتخلق بأخلاقه؟ كيف لي أن لا أسير على دربه وهداه؟

كنت كثيرًا ما أفكر: إن رآني، هل سيتساءل إن كنت من أمته؟ أم سيعرف ذلك من مظهري وسلوكي وكلامي؟ هل إن رآني سيبتسم فاتحًا ذراعيه ليضمني؟ أم سيقطب جبينه غاضبًا -وهو لم يغضب إلا لغضب الله-؟ هل إن رأيته سأقبِل عليه أحييه وأقبل يديه وقدميه؟ أم سأستحي من كثرة ذنوبي؟ قررت بعد كل هذه التساؤلات، أن لا أكون ممن يترددون ويتذرعون بحجج واهية، قررت أن لا أماطل في تنفيذ أوامر الله، قررت أن لا أستمع إلى هوى نفسي وأن لا أصغي إلى الدنيا، قررت أن لا أكون ممن قال الله فيهم "يا أيها الذين آمنوا مالكم"..." مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض، أفرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة"؟ لا يا ربي، لا أرضى ولن أرض بالحياة الدنيا، أنا مصيري -بإذنك- هناك عندك في عليين، إلى جانب رسولي سيد الأخلاق- عليه الصلاة والسلام-.

من اليوم فصاعدًا أنا تلك الفتاة التي أحبّت رسولها فاتبعت رسالته بكل إيمان وإجلال وهمة وعزم، ها أنا بدأت أحسّن من أخلاقي حتى -أظنني- صرت أكثر صبرًا وحلمًا وعطفًا، ومنذ ذلك اليوم قررت أن أرتدي لباسًا أحب أن يراني رسول الله به، لباسًا ساترًا يرضى به عني، إن رآني فيه فرح واستبشر. قررت أن أكون أكثر برًا بوالديّ، وأكثر صلة لرحمي. قررت أن أتلو كتاب الله أكثر، وأن أقرأ سير أنبيائه وصحبهم أكثر. قررت...

حبيبي يا رسول الله، لك مني حبًا لم أحبه ولن أحبه لبشر أبدًا، لك مني كل الشكر والتقدير والامتنان، لك مني إن رأيتني أن تعرف مِن مسلكي أني فتاة الإسلام التي جئت برسالتك من أجلها ومن أجل إخوانها وأخواتها وأن تفخر بي وتضمَني، يا حبيبي يا رسول الله.


التدقيق اللغوي لهذه المقالة: هبة البشير

 

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية