التعليقات
فالحرب الشنيعة التي شنتها السلفية الحديثة -الوهابية - على الطرق الصوفية المبتدعة أحرقت الأخضر واليابس وشملت التصوف السني دون مبالاة بحقيقة كونه عِلما ومعلماً إسلامياً راقياً يبحث في تهذيب النفس والتدرج فيها من مراتب " الإسلام فالإيمان للإحسان " وساوته بالمعاداة والرفض بالتصوف البدعي الذي نرفضه لما اختلط فيه من منكرات وبدع وانحرافات .
فمن وجهة نظري - القاصرة - فإن فتح باب التبديع والتصنيف والتفسيق خلال العقدين الفائتين كانت له أضرار كبيرة وكان ضعف الجانب الروحاني والإيماني بما يشمله من تزكية للنفس ومجاهدة لنزعاتها واحد منها ، ولكن و " رب ضارةٍ نافعة " أتت الحملة الإعلامية الأمريكية الجائرة ضد الفكر الوهابي - حسبما أسموه - لتفسح مجالاً للمنابر الإعلامية والشعوب الإسلامية إلى أن تتعرف إلى نوع افتقدناه من الوعظ والإرشاد مثلت أبهى صوره كوكبة طيبة كالحبيب علي الجفري من اليمن السعيد والسيد عمرو خالد من مصر الكنانة ، وفقهما الله للثبات بوجه ما يلاقيانه من حملات الحكومات العلمانية والأقلام الليبرالية من جانب والفتاوى المقيدة والآذان المتصيدة من جانب آخر .
كما لايفوتني التنويه إلى أنني أعي ما يمثله الاستاذ / د.الفهيد من كونه رمزاً إسلامياً معتدل ولكن بلا ميوعة وصلب ولكن ليس إلى حد الكسر ، وأنا - وأحسب الآخرين كذلك - في لهفةٍ لمتابعة الجزء الثاني من هذا المقال النافع .
ختاما : ما أحوجنا العالم لمسلم سلفي في عقيدته صوفي في عبادته إخواني في سياسته ... أو فلنقل محمدي الهوى والهوية بلا إفراط ولا تفريط ، مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها " ، وما أحوج المسلم في عصر السرعة والمتغيرات إلى لحظات من التفكير الذاتي الذي أجاد في وصف فوائده كاتبنا العزيز حتى ذكرني بالقول المأثور :
" تفكر ساعة خيرٌ من قيام ليلة " .
1- لقب الوهابية تعبير من الوجهة المنهجية الصرفه تعبير غير محايد ,فإن دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله لم تأت بجديد سوى الدعوة إلى أصول الإسلام النقية وتطهيرها مما علق بها من خرافات وضلالات كانت تملأ الجزيرة العربية في القرن 12 الهجري,وقد كان لهذه الدعوة المباركة أثرها الواضح في بعث روح الإصلاح في العالم الإسلامي أجمع ,ولست بصدد رصد هذه الإنجازات لجلائها أولا ولأن المقام لا يتسع لسردها ثانيا.ما أردت قوله أن خصوم الإمام هم الذين نعتوا دعوته الإصلاحية بالوهابية لتنفير الناس من قبولها,فلا ينبغي استعمال مثل هذه اللغة في البحث العلمي النزيه لإنه ينبئ بموقف مسبق يحمله مستخدم هذا اللقب من تلك الحركة الإصلاحية الجليلة.
2- أتفق مع الأخ الكريم أن السلفية قد ابتليت في العقدين الأخيرين بفكر تصنيفي تبديعي لم يسلم منه السلفيون أنفسهم ولا ريب أن مثل هذه السلوكيات المنحرفة مرفوضة شرعا وعقلا مهما كان الراية التي يرفعها صاحبها.
3- التصوف السني ما دام سائرا في ركاب الكتاب والسنة فهو محمود ممدوح و لا مشاحة في الاصطلاح .
4- القضية الأخطر في التعليق تتمثل في الاعتقاد بأن أمريكا توجه حربها ضد الإسلام الوهابي فقط! ويكفي في نقض ذلك أن الحرب على الأرهاب بدأت بإسقاط حكومة طالبان الإفغانية وهي حركة يغلب على اتباعها المذهب الحنفي في الفروع والمذهب الماتريدي في الأصول,فليس للوهابية المزعومة أي وجود هناك!فالحرب في الحقيقة على الإسلام الذي لا يتمشى مع الإسلام الأمريكاني الذي يلغي فريضة الجهاد من أساسها,وأود أن أشير إلى أن الحملة الأمريكية لا تفرق في حربها بين سلفي أو إخواني أو تبليغي بل ترى أن الجميع في النهاية يشكلون خطرا على مصالحها ,فعلينا ألا نفرح بحرب أمريكا على أي فصيل إسلامي أيا كانت المسوغات والتفسيرات ولنتذكر مقولة (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)
أكرر شكري للأخ أسامة الذي تدل تعليقاته المبثوثة في زويا عديدة من هذا الموقع على انه سيكون بإذن الله مشروع كاتب إسلامي ناجح لينتقل من قسم التعليق إلى كتابة المقالة وفقه الله
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة