أعرف أنني قلت في الفول أكثر وأسوأ مما قاله بوش في صدام حسين، ولعل القاسم المشترك بيني وبين بوش، هو أننا نذم شيئا أو شخصا ينبغي أن نحفظ له الجميل، فلولا الفول لكان أبو الجعافر في ذمة الله، ولكان أهلي يذكرون محاسني طوال الثلاثين سنة الماضية على الأقل، ولولا صدام لبقي بوش بلا قضية يلهي بها الشعب الأمريكي ويتنمر ويتعنتر على بقية الشعوب، وأترك بوش في حاله، وأقول عن نفسي إنني فطمت على الفول بل ورضعت ماء الفول مع حليب أمي، والسوداني "قد ينسى المسيء المفتري والمحسنا/ والماء والحسناء والوتر المرنّح بالغنا/ ومرارة الفقر المذلّ، بلى ولذات الغنى/ لكنه مهما سلا هيهات يسلو "الفولنا"،.. وهذه الكلمة الأخيرة المقصود بها "الفول" وقد اقتضت ضرورة عدم العبث بقافية البيت الشعري لإيليا أبو ماضي في رائعته وطن "النجوم"، إضافة "نا" في آخرها،.. باختصار فقد ظل الفول عنصرا ثابتا في حياتي، على الرغم من أنني أعرف أنه مخدر حميد لأنه يسبب لي النعاس فور أكله، وياما ضربوني في المدرسة لأنني نمت خلال الحصة الثالثة لأنني فطرت بالفول في الفسحة التي تعقب الحصة الثانية، وأعرف أيضا أنه ينبغي لمن يأكل الفول أن يبتعد عن الناس طلبا للستر وحماية للبيئة، إلى أن يهدأ مصرانه الأعور الذي يصاب بحالة هيجان، ويتقمص دور شرطة مكافحة الشغب فيطلق الغازات على بقية أعضاء الجهاز الهضمي بل ويضغط على الرئة فيوهم المتفوّل أي من أكل الفول بأنه يعاني من مرض القلب، وبالنسبة لأبناء جيلي من السودانيين فإن العدس يحتل المرتبة الثانية بعد الفول في قائمة الأطعمة المفضلة، لأن الحكومة كانت تطعمنا فولا وعدسا طوال مراحل الدراسة في الفطور والعشاء - عندما كانت لدينا حكومات قادرة على إعاشة المواطنين- والمعروف عن العدس أنه من فصيلة الخرسانة، فإذا هبط في البطن تحس بأنك تحمل جنينا في شهره السابع، ويعني هذا أن من يأكل العدس لا يحس بالجوع لمدة 18 ساعة!! وأذكر أنني وعلى عهد الدراسة في جامعة الخرطوم - وكانت على أيامنا توأم كيمبريدج فعلا لا مجازا - كنت على استعداد للتضحية بثلاث محاضرات حتى لا تفوتني وجبة الغداء يوم الأربعاء لأنه كان يوم الفاصوليا البيضاء تعقبه تحلية بالباسطة التي هي البقلاوة، وبداهة فإن قولوني الذي نال به العديد من الأطباء درجات علمية رفيعة لا يتحمل الفاصوليا لأنها تسبب له أشياء أستحي أن أذكرها، ولكنني أتوكل على الله وأتعاطى الفاصوليا بنهم ثم أتناول بضعة أقراص من الدسبتالين او الأساكول لأطيب خاطر قولوني كي لا يفضحني!
والفول والعدس والفاصوليا تنتمي إلى البقوليات، وقد أكدت بحوث علمية على نحو قاطع أن تناول البقوليات يكسب الإنسان مناعة ضد مرض الزايمر (الله يخليكم اسمه ليس الزهايمر على الرغم من أن هناك حرف أتش يظهر في كتابة الكلمة باللغات الإفرنجية)، ومن علامات هذا المرض الخرف، ولأنني أتعاطى البقوليات بكميات تجارية فان هذا يفسر لماذا تخلو مقالاتي من التخاريف وتبدو في منتهى الرصانة والتعقل!! فعليكم بالفول وأخواته لأنه يقلل من تركيزات مادة الهوموسيستين في الجسم ويكفل بذلك الحصانة ضد الزايمر!.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية