هناك كثير من الناس ينظر إلى الكويت أنها بلد صغير المساحة وموردها الوحيد هو النفط فقط، وعندما يدور الحديث عن العمل الإنساني يبرز الدور الكبير الذي تقوم به الكويت بلد الإنسانية، فلماذا هذه الدولة الصغيرة بمساحتها أصبحت كبيرة بعطاياها وشكّلت مركزًا إنسانيًّا على مستوى العالم؟ ولذلك لابد علينا توجيه الأنظار إلى هذا الدور الإنساني الضخم الذي تقوم به دولة الكويت أميرًا وحكومةً وشعبًا.
فمنذ أن تولى سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح منصبه كان من أوائل القادة المبادرين أمام كلِّ أزمة من الأزمات الإنسانية التي واجهت الشعوب المتضررة، مثل: (فيضانات باكستان - جفاف الصومال - محنة غزة - أزمة سوريا وغيرها من الدول المتضررة)، فعلى سبيل الذكر لا الحصر كانت التوجيهات الكريمة من سمو الأمير مباشرة في توجيه المنح الإنسانية المباشرة لتلك الشعوب المنكوبة، بل زاد الخير والبركة إلى استضافة سمو الأمير لمؤتمرات المانحين التي جمعت دول العالم لمساعدة الشعب السوري والشعب السوداني وغيرهم من الشعوب المنكوبة، ويكون نصيب الكويت عادةً هو الأكبر في العطاء والمنح في المجال الإنساني لتلك الدول، وكان لها الدور الأثر الكبير في تنافسها وإبرازها أمام الدول المانحة على مستوى العالم.
وكذلك الدور الحكومي الكويتي لم يتأخر لحظة عن دوره في مساعدة الأشقاء في الإنسانية أثناء الكوارث والأزمات، حيث تنوّعت الجهود الحكومية التي تبذلها وزارة الأوقاف، وبيت الزكاة الكويتي، والأمانة العامة للأوقاف، والهلال الأحمر الكويتي، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، وكذلك التنسيق والمتابعة من وزارة الخارجية لتنظيم وحماية العمل الإنساني الكويتي، ولا ننسى جهود السفارات الكويتية في أنحاء العالم، فهم سفراء الإنسانية كما هم سفراء دولة الكويت؛ لما يقومون به من دور جبار في تسخير إمكانياتهم لخدمة وتسهيل العمل الإنساني الكويتي، مثل: المشاريع التنموية والإغاثية.
أما المؤسسات الإنسانية الكويتية التي يشرف عليها رجالات الكويت الخيّرين حيث يعملون ليل نهار في ميدان الكويت من خلال التواصل مع أهل الخير واستقبال تبرعاتهم، ثم يذهبون بها إلى مناطق الضرر والأزمات لسد الحاجات وتخفيف المعاناة عن المتضررين والمشردين هناك، وكفالة الأيتام، وعلاج المرضى، ومساعدة الأسر المتعففة، وعملهم هذا كان بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية والعالمية كالأمم المتحدة وغيرها، ويرجع هذا العمل إلى عشرات السنين كالهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وجمعية الإغاثة المشتركة التي أطلقت مؤخرًا حملة النداء الموحد لإغاثة اللاجئين السوريين بمشاركة المؤسسات الخيرية الكويتية.
أما عن دور الأفراد في الكويت: مواطنين ومقيمين فمنذ أن تبدأ أيُّ أزمة إنسانية يبادرون للتواصل الاجتماعي، والتطوع لعمل حملات تطوعية وشعبية لعمل أيِّ نشاط يخفف من معاناة إخوانهم المتضررين، حيث أن أغلب المبادرات الفردية يقودها الشباب، وتبلغ نسبة الشباب في الكويت (60 %) تقريبًا، فبعض الشباب يبادر لجمع المال من أهله وأصدقائه ويوصله للمؤسسات المختصة بالعمل الإنساني، وبعضهم مجاله إعلامي فيخدم الأزمة في توضيح حقيقة الأزمة ودواعيها واحتياجاتها، وبعضهم يتطوع للسفر مع المؤسسات الإنسانية الكويتية لمساعدة إخوانه وغالبًا هم الأطباء والإعلاميين والمعلمين، ومن الفِرَق التطوعية الكويتية البارزة في العمل الإنساني في المجال التعليمي المشروع الشبابي لمحو الأمية في العالم "ادفع دينارين واكسب الدارين" وفي المجال الطبي "حملة ليان لعلاج الإنسان"، وفي المجال الإغاثي "حملة البنيان لإغاثة اللاجئين"، وغيرها من الفرق التطوعية المتنوعة.
وهذا كله ليس وليد اللحظة بل هو غيض من فيض، حيث بدأت الكويت نهضتها بالتطوع من أهلها، فأول مدرسة كويتية كانت مساهمة تطوعية من أهل الكويت، وهي مدرسة المباركية وتأسست في عام (1911م)، وامتدت تلك المساهمات الإنسانية إلى دول العالم، ففي الثمانينات ساهم أهل الخير لبناء كلية تعليمية لبناء الإنسان في السودان، ثم تطورت لتصبح جامعة عالمية يتخرج منها آلاف الطلبة من أفريقيا وغيرها.
هذا نموذج من قصص الكويت بلد الخير والإنسانية، والتي تفوّقت على الدول الكبرى في عطائها وسخائها ومدِّ يد العون للمستحقين في شتى بلدان العالم، فاستحقت لقب المركز الإنساني واستحق أميرها لقب القائد الإنساني، وكلنا أمل في أن تحذو الدول الإسلامية وتتعاون وتستفيد من خبرة الكويت ودورها المميز في المجال الإنساني على جميع المستويات: الحكومي والمؤسسات والأفراد.
ونحن على يقين أن شعور كلَّ متضرر ومحتاج وصلته المعونات الكويتية لسان حاله يقول:
شكرًا أمير الكويت...
شكرًا أهــــل الكـويت...
شكرًا شبــــــاب الكويت...
التدقيق اللغوي: خيرية الألمعي