يجب أن يؤمن العرب بعروبة التاريخ، وهذا أسميه بالمصطلح الجديد الذي هو الحل، ألا وهو: التعريب السياسي. وهذا بنشر فكر عربي معادٍ يقوم على عداء اليهودية بمفهوم عرقي. يجب علينا أن نعامل اليهود على أنهم أجسام متحركة لا روح فيها (زونبي)؛ لقد احتلوا أراضي عربية، وقتلوا الكثير من جنسنا، أعلنوا الحرب على كل ما هو عربي. ولأن التاريخ يثبت لنا أن القيم تبعث من جديد. عندما يبدأ رجال مثلي في التفكير في مشروع ومبادئ جديدة مضادة للفكر المعادي للقيم التي فرضت علينا الوجود، فالكتابة هي الخطوة الأولى في مسيرة الفكر الثوري؛ لأن عملية البناء تبدأ بالكتابة من العقول المحاربة لأفكار معادية للعروبة، لأن الصراع الفكري هو مقدمة كل حرب دموية. فالرسالة الإسلامية احتاجت دومًا للعرب لنقلها من مكان إلى مكان، فالصراع الحضاري هو بداية تاريخ جديد.
من المستحيل أن نتوقع حضارة عربية تسيطر على العالم بدون أن تفدي نفسها بالأرواح. إن الحضارة تبنى بالدماء والدموع، وهدفنا لا ينتهي؛ فهو عملية بناء مستمر إلى أن يتحول هذا العالم الى اللون الأخضر.
بحثت سنين عن هذا السبب القاتل الذي يمزق أمتنا العربية ما مصدره؟ وأصارحكم القول بأنني لم أتمكن من معرفة المصدر إلا برجوعي إلى التاريخ، فوجدت عدة عناصر مشتركة، هي السبب القاتل لكل ما هو عربي. ولا ترتبط هذه العناصر بالجهات المعادية، ولكن ترتبط بنا. كما أعتقد أن الخوض فيها يستحق كتابة كتاب مستقل على هذا المقال، وفي نفس الوقت شعرت بأن المسؤولية تزداد عليَّ كل مرة، فالبحث عن الحقيقة من خلال نقد التاريخ أمر بسيط، لكن التعقيد يكمن في إخراج النتائج والعمليات الصحيحة من تاريخنا العربي الإسلامي الذي لم يتجدد لغياب الإرادة، ولأن الجميع يرفض سماعنا، نحن الذين نحلم بعروبة أفضل. أعتقد أن العروبة من أجل أن تنهض يجب عليها أن تتذكر أن الله تكلم بلغتها ثم سكت، ومن هنا يبدأ التاريخ من اللغة العربية، من الكتابة التي يجب عليها أن تنقل جميع الرسائل الثورية، وأن تحيي التاريخ بحروب جديدة متنوعة بأبطال جدد تكون فيهم الرياسة والسيادة. إن هذه الشعوب العربية لا تثق إلا في الأبطال؛ تريد بطلاً تمشي وراءه بدون خوف من الفناء. ومن الأسباب التي تستوجب علينا الكفاح من أجلها، هي صناعة الأبطال في كل شبر من هذه الأرض. ومن أجل تبسيط الفكرة، لنقل أن عربياً رُمي في جزيرة ولا يمتلك معه إلا لغته وإسلامه، ويكتشف أن في هذه الجزيرة معبدًا يهوديًا فيه عشيرة يهودية يتعبدون فيه، يمتلكون الغذاء والأسلحة. الإشكالية والسؤال، ما هي نسبة بقائه حيًا في هذه الجزيرة؟ يمكن أن يتغير الدين والثقافة، لكن الدم العربي والتوحيد مستحيل. هذا السؤال وما يحمله من احتمالات كثيرة وعديدة، من بينها أن يتحول هذا العربي إلى اليهودية وينتهي المشكل وبالتالي يستطيع أن يتعبد معهم في المعبد. لكننا نطرح سؤالاً ثانيًا بعد إشكالية الانضمام إلى العشيرة اليهودية: هل سيمكنه اليهود من أسلحتهم. وإذا لم يتمكن من الوصول إلى هذه الأسلحة، فهل سيمارس حياته بنفس المعاملة التي يتعامل بها اليهود مع بعضهم؟ أو سيكون مجرد عبد لهم يخدمهم في المعبد اليهودي؟ يكاد القارئ يجيب عن هذه الأسئلة بأنه يستطيع بدل أن يطاوع اليهود العشرة، عليه أن يمارس معهم الحيلة، ويصنع سلاحه، ويتعلم كيف يستولي على أسلحتهم ويقضي عليهم، وهذا بتفريقهم ومحاولة جميع الطرق للقضاء عليهم. وهذا المثال يطبقه اليهود بجدية في زرع أنفسهم في فلسطين وكأنهم ذلك الناجي من الكارثة الذي يريد البقاء على قيد الحياة مهما كلفه الثمن. عندما يرتبط العقل بقاعدة البقاء ووجود سبب قاتل، ينتج العقل السبب للحياة من أجل البقاء، هذه الفكرة البسيطة التي يجب على العرب أن يفهموها. علينا استعمال العقل لتدمير كل خطر محتمل؛ فنحن ذلك العربي الذي قبِل أن يكون يهوديًا أعزل ويعامل كعبد خادم في ذلك المعبد اليهودي. لكن العربي المحارب هو الذي يسعى دائمًا لاكتساب المعرفة التي هي قوته في محاربة الأعداء.
التدقيق اللغوي : أنس جوده.