تمرُّ الشهور والثواني، ومعها الفرصُ والأماني، في كل لحظةٍ في الحياة هناك ملايين الحوافز التي تجعل من الشابِّ شخصاً فاعلاً مؤثراً في مجتمعه، فقبل أن تأتيهِ الفرصة ؛ يترقَّبُها ترقُّب القناص للفريسة، ويبادرُ لها ليطلبها، ويهيئ الظروف لتمشي معه بمرونته، ثم هو يصنعُ الحدث ليكونَ محطَّ الأنظار من الآخرين دون أن يناديهم.
فهذا أحمد طالبٌ مُستجد بعد أن أنهى محاضراته الجامعية؛ نوى أن يصليَّ الظهر، فبحث عن مصلى فلم يجد! فلم يكن ذلك مبرراً لتأخير الصلاة.
فبادر. . وصلى لوحده في ساحة الجامعة، فإذا بالطلاب والأساتذة ينظرون إليه وإلى تصرفه، فبعضهم مستغرب وبعضهم مستهزئ، فلم يزدهُ ذلك إلا إصراراً حتى أنهى صلاته، وفي اليوم التالي كرَّر نفس الفعل، فرآه أحد عمال الجامعة فذهب وصلى معه جماعة، ثم جاء طالبان وصليا معهما، وهكذا أصبحت ساحة الجامعة مصلى للطلاب، ويوماً بعد يوم تكثر جماعة الصلاة وإمامهم الطالب أحمد، وحينها علم عميد الكلية بذلك ؛ غضب !! واستدعى أحمد وسأله عما يفعله ؟ فرد عليه أحمد بكلِّ شجاعة وثقة : "بحثتُ عن مسجد في الكلية فلم أجد فصليت في الساحة فاجتمع الناس وصلّوا معي، ولو كان هناك مسجداً لصلينا فيه بدلاً من الساحة"، ففهم العميد الموضوع ووعد أحمد بأنه سيبني لهم مسجداً ليصلوا فيه، وبعد أيام انتشرت هذه القصة بين كليات الجامعة، وقام طلاب الكليات يطالبون بإنشاء مسجد في كلياتهم، وبالفعل تم تلبية ذلك الطلب وتم بناء مساجد في كليات الجامعة، وكل ذلك بفضل الله ثم بمبادرة من ؟؟ إنها بمبادرة الطالب أحمد، وقد كسب أجر جميع من يصلي في تلك المساجد إلى يومنا هذا، كما أصبح قدوة حسنة للآخرين إلى يومنا هذا.
فالمبادرة تُكسب الإنسان الكثير من الفوائد والغنائم في الدنيا والآخرة، وتبدأ المبادرة من داخل النفس، قال الله تعالى {إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيرا ...} وأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمبادرة فقال: بادروا بالأعمال الصالحة" فالأعمال الصالحة تدخل في كل ما ينفع النفس ويطورها ويقويها وكل ما ينفع الآخرين ويساعدهم من مشاريع وأنشطة تساهم في بناء مجتمع محافظ يسعى نحو القمة، بقيادة شبابٍ واعٍ بأهدافٍ ساميةٍ تركز على المضمون والموضوعية وتتغافل عن العوائق والمحبطات.
ولنجعل من الطالب أحمد قدوة لنا في المبادرة إلى الخير والإحسان بكل ما نستطيع من قوة لأنفسنا وللآخرين ولنحقق السعادة في أنفسنا ومجتمعنا بقيمة المبادرة.