ليس كل مثقف يبرق ويرعد ويتقعر في الكلام وصَّافًا لعورات النظام العربي ،فهو بالضرورة صادقا فيما يقول .. فما أكثر المثقفين الذين كنا نحسبهم على الأنظمة العربية في الظاهر والشكل والكلام .. وهم في حقيقة الأمر مع هذه الأنظمة قلبا وقالبا.. بل يتقاضون مرتبا على شتمهم وإجهادهم الكبير من أجل خلق جو تنفيسي جماهيري تحبذه الجماهير الحانقة حقا على هذه الأنظمة العربية.ولا يكفي فقط أن نسمع أو نقرأ لمثقفين قذفت بهم الأقدار إلى مرتبة مخاطبة الناس بالقلم ، ،والقول حتى نحسبهم إلى جانب الحق.فالكلام المنمق والجميل النغمات لا يعني على الإطلاق أنه الحق الذي يتوجب الانسياق وراءه،والذود عن حياضه باستماتة كبيرة.. فكثيرا ما يكون السم في الطعام الدسم .. وما أكثر الضحايا الذين لقوا حتفهم بلذة الأكل من مترد يترائى تَريده لذيذا وفيه يكمن السم القاتل . فكل واحد يتوخى مكانة سامية في قلوب الجماهير إلا و ينحو منحى شتم الأنظمة العربية والظهور بمظهر المظلوم .. وربما المشرد في أصقاع الدنيا كما يفعل البعض .فكثير هم المثقفون الذين فهموا لعبة الكذب وكيف يروجون لإسمهم حتى تكون لهم مكانة ضمن النسخة الثقافية العربية.. فتراهم يتعمدون إثارة الفوضى عند الكلام والتقعر بكلمات هم لا يؤمنون بها.. ولو سألتهم لماذا تتيرون الفوضى الكلامية والتهريج المقيت لأتهموك بأنك موال لهذه الأنظمة العربية .. وهذا المثقف نفسه لو كان يعيش بين ظهراني الأنظمة العربية لخشي من العطس حتى لا يقال أنه يشتم النظام العربي.. لأن المثقف الرصين هو الذي يملك نظرة ثاقبة وفكر نير يجيد فن الحديث ويعرف كيف ينقل فكرته البناءة لا اللقيطة إلى الجماهير حتى يتبنونها.عندما سنَّت الدولة الجزائرية قانون الوئام المدني كنت من السبَّاقين لمحاورة أحد الشعراء الكبار شاءت الأقدار أن يعيش سنينا في الجبل تحت لواء الجيش الإسلامي للإنقاذ.. هذا الشاعر هو عيسى لحيلح الذي ألف روايته المرشحة أن تكون عالمية " كرَّاف الخطايا" وهو في الجبل بعد الهدنة بين الجيش الشعبي الوطني والجيش الإسلامي للإنقاذ.. لقد وجدت هذا الشاعر على ما كان فيه متفائلا لا يحمل ضغينة لأحد .. بل يعترف أن الإنسان يخطئ.. فلم يجرِّم حتى الذي شتمه على قناة الجزيرة مع الدكتور فيصل القاسم ووصفه بأنه رجل جبل و لا يفهم شيئا ..وهو الذي يفهم كل شيء أو هو الكل في الكل.. على الرغم من أن الشاعر عيسى لحيلح يحمل شهادة ماجستير في الأدب العربي من جامعة القاهرة.وكما قال لي شخصيا أنني كنت أستطيع أن أهرب إلى الخارج كما هرب الكثيرون.. ولكن اخترت أن أكون هنا في الجزائر أموت مع الشعب الجزائري ومع الأدباء الأفذاذ كالطاهر وطار .. وللعلم فالشاعر عيسى لحيلح صديق حميم للبابطين،وقلمه لو يخرج إلى الخارج كما هو حال بعض المثقفين العرب الذين يعيشون على مرتبات من السفارات العربية نفسها.. ويتظاهرون بأنهم فرسان أسود.. لكان له مكانة كبيرة .. ولظهر زيف بعض المثقفين الذين استولوا على الساحة الثقافية بالكذب والبهتان والتمظهر بالشجاعة وهم في واقع الأمر مجرد ضباع همهم فقط التهييج.. والتنطع وقول الزور .والكثرة الكبيرة من المثقفين الذين نقصدهم من هم موجودون بالخارج تحت حماية الأوروبيين ومتزوجون من أجنبيات عن جنسيتهم الأصلية.وتأكدت من واحد مؤخرا يظل يشتم الأنظمة العربية ،ويريد أن يبدو عارفا بكل الخبايا مغالطا الأكثرية من الناس .. وهو في الحقيقة مجرد كذَّاب لا يحسن سوى التملق للغير الأجنبي.. وخلق المواضيع الواهية لأناس محترمين أخلاقهم تدفعهم بأن لا يلجئوا للتمحيص عما يقوله ويفعله. وحتى أنه يبدو معارضا سياسيا لنظامه لكن حقيقته أنه غير معارض ولكن تابع لجهة معلومة توظفه من أجل أن يقول كلاما رنانا لكن الآن أصبح يصم الآذان.. ولم يعد مرغوبا فيه.. ولقد قال أحد الحكماء: تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت، وتستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، ولكنك لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت!