الأصل في معظم اللغات البشرية هو المذكر، والتأنيث فرع منه بزيادة علامات أو تحور في الاشتقاقات.
وفي العربية علامات التأنيث هي ثلاث : التاء المربوطة - الألف المقصورة – الألف الممدودة.
وعلى ذلك يقسم النحاة التأنيث إلى ثلاثة أقسام:
1- اللفظي: وهو.. ما اشتمل على علامة تأنيث، ولكنه يدل على المذكر، مثل: حمزة – طلحة – مصطفى.. وهنا نذكر أن (أسماء) استعمل علما مذكرا في التراث، وأحد ولاة بني أمية هو (أسماء بن خارجة الفزاري)، وكذلك (أمل) عند أمل دنقل.
2- المعنوي.. وهو: ما دل على مؤنث، وخلا من علامات التأنيث، مثل: هند – زينب – سعاد.. ويمكننا أيضا إضافة الأعلام المشتركة بين الجنسين (صباح – أمل – نضال – وسام – كفاح – جهاد).
3- اللفظي المعنوي.. وهو: مادل على مؤنث، واشتمل على أداة تأنيث، مثل: برة – سلمى – عفراء.. .. ويمكننا أيضا إضافة الأعلام المشتركة بين الجنسين (رجاء – صفاء – هناء - أسماء).
- يفيد التأنيث في العربية القلة، والقلة عادة تدل على الصفوة والنخبة؛ فإن " قال العرب " يستغرق جنس العرب بأكمله، أما " قالت العرب " فيقتصر على الفصحاء المعتمدين منهم فقط، بمعنى أن التأنيث يقلل العدد.
يدل التأنيث أيضا على المبالغة - التي يمكن اعتبارها في إطار الصفوة - مثل (نابغة – طاغية – علّامة) على أننا قد نجد صيغا أصلية لا مذكر لها، مثل (داهية) ومن الصيغ الفريدة: الحديث الشريف " لعن الله رجلة النساء".
- كما يدل التأنيث على القلة، يدل حذفه على الكثرة كما في التنزيل وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن يوسف:30. فحذف التاء من (قالت) ليدل على انتشار الخبر وذيوعه.
أما في الإنجليزية فقد كانت الفروق بين المذكر والمؤنث كبيرة في الإنجليزية القديمة Old English ، كما كان هناك جنس ثالث هو المحايد neutral ثم بدأ التمييز للمؤنث يختفى تدريجيا حتى أصبحت معظم الكلمات محايدة تصلح للجنسين، ولا يدل على جنسها الا السياق والإحالات الإشارية co-referencing.
على سبيل المثال
My friend spent a long time with me last night.
لا ندري أصديق هو أم صديقة، بل لا ندري المتكلم مذكر أم مؤنث. ولو درينا جنس المتكلم يتبقى صعوبة معرفة جنس الصديق ما لم يستأنف القائل:
and she left quite late.
فيبين عندئذ جنسها.
وهناك كلمات غلب عليها الدلالة المؤنثة وإن لم تحمل ذك في بنائها؛ ففي مثال:
a teacher married a nurse.
أكثر الناس يترجمها: "تزوج معلم ممرضة"، والنادر يترجمها "تزوجت معلمة ممرض" رغم أنه ليس هناك ما يمنع ذلك.
وكنت دائما أدرب طلابي في محاضرات الترجمة الفورية على ألا يترجموا جملة جملة، بل ينتظروا لتمام معنى عدة جمل معا والا لن يكون استدراك ما فات سهلا. وكنت أقول هذه الجمل:
Last night my friend came to visit me. We studied together. We searched the internet together. We cooked together. We talked the whole night.
والطالب يترجم كل الجمل الماضية مستخدما "الصديق" المذكر. ثم أقول:
Then she suddenly received a call and left.
فيسقط في يديه، ويريد أن يعيد ما مضى من جمل ، ولات حين مناص. بل إن الصورة الذهنية التي تكونت في الجمل الأولى تنقلب رأسا على عقب عند سماع الجملة الأخيرة، ويعاد التصور الجديد وربما الحكم الأخلاقي على المتحدث.
وما بقى من علامات المؤنث في الإنجليزية آخذ في الإندثار؛ فلم يعد أحد يستخدم headmistress لمديرة المدرسة، ولا landlady لمالكة البيت، ولا authoress للمؤلفة. ورغم ذلك هناك إتجاه نسوي feminist قوي للمساواة، فلا تذكر someone ثم تشير إليه ب he بل يجب أن تشير إليه ب s/he وهي علامة تشمل الاثنين. وبعض الكتاب يقرر في المقدمة أنه حيثما يذكر teacher سيشير إليه ب she وحيثما يذكر student سيشير إليه ب he حتى لا يغضب النسويات.
بل ذهب البعض إلى ضرورة استقدام ضمير جديد يدل على الجنسين مثل ne و ze . وبالإضافة للمذكر والمؤنث وما لا يعلم جنسه (المحايد) هناك غير العاقل الذي لا يعامل معاملة العاقل في التذكير والتأنيث ويشار له ب it. وسنفرد مقالا للعاقل وغير العاقل في العربية والإنجليزية لاحقا. غير أن أن غير العاقل أحيانا يشار إليه ب he أو she للتحبيب والتقريب مثل الحديث عن الحيوانات الأليفة pets، ومثل الاستعمال الأدبي. فالشمس عند العرب مؤنث، لكنها مذكر عند الإنجليز، وكذلك القمر عند العرب مذكر لكنه عند الإنجليز مؤنث.
وفي قصيدة كولوريدج "البحار العجوز" يقول:
The Sun came up upon the left,
Out of the sea came he!
And he shone bright, and on the right
Went down into the sea.
و في رواية "كنوز الملك سليمان" يقول هنري ريدار هجارد:
Then, having made our final preparations, we lay down and waited for the moon to rise. At last,about nine o'clock, up she came in all her glory, flooding the wild country with light, and throwing a silver sheen on the expanse of rolling desert before us, which looked as solemn and quiet and as alien to man as the star-studded firmament above.
وما بقي من المؤنث في الإنجليزية لا يعدو بعض الوظائف والعلاقات العائلية، والتمييز بين الحيوانات مثل ما في الصور المرفقة.