بدأ المئات من الأسرى الفلسطينيين الاثنين إضرابا مفتوحا عن الطعام في السجون الإسرائيلية تحت عنوان "الحرية والكرامة"، احتجاجا على اعتقالهم ومطالبين بتحسين ظروفهم داخل السجون، تزامنا مع يوم الأسير الفلسطيني الذي يأتي في 17 أبريل من كل عام.

وتمثل مطالب هؤلاء الأسرى حقوقا مشروعة نصت عليها اتفاقيات دولية، من بينها: تركيب هاتف عمومي في كافة السجون لتواصل الأسرى مع ذويهم، وانتظام زيارات الأهالي وزيادة وقت الزيارة، وتقديم الرعاية الطبية للأسرى، وإطلاق سراح الأسرى من ذوي الإعاقة والأمراض الصعبة.

وطالب الأسرى أيضا بمعاملة إنسانية خلال تنقلاتهم عن طريق حافلات نقلهم عبر السجون والمحاكم، والسماح بدخول الصحف والكتب والمواد الغذائية والملابس، وإنهاء سياستي العزل الانفرادي والاعتقال الإداري، وإعادة التعليم الجامعي والسماح بتقديم امتحانات الثانوية العامة.

لم تكن هذه المطلوب غير مشروعة لهؤلاء الأسرى الذين يقبعون في سجون الكيان الصهيوني منذ سنوات، حتى يخرج مسؤولو الكيان ويعلنوا أن هؤلاء الأسرى "قتلة وإرهابيون"، أي إرهاب يقصد مسؤولو الكيان المحتل للأرض الفلسطينية والذي يمارس إرهابه ليلا ونهارا دون محاولة من المجتمع الدولي بردعه والضغط عليه لتطبيق قرارات الشرعية الدولية؟

لم تقف مصلحة سجون الاحتلال صامتة إزاء الإضراب، بل سارعت باتخاذ بعض الإجراءات منها نقل المضربين من سجونهم الى سجون أخرى، ومصادرة ممتلكاتهم وملابسهم والإبقاء على الملابس التي يرتدونها فقط، وتحويل غرف الأسرى إلى زنازين عزل، وإقامة مستشفى ميداني في صحراء النقب لاستقبال الأسرى المضربين ورفض استقبالهم في المستشفيات المدنية الإسرائيلية.

إزاء هذا الاضراب والمطالب المشروعة، يتعنت مسؤولو الكيان ويرفضون الاستجابة لمطالب السجناء الذي يقبعون داخل السجون لأنهم يحاولون الدفاع عن أرضهم المغتصبة والمقدسات التي تنتهكها قوات الاحتلال باستمرار، أمام أعين العالم والصمت الدولي.

تعليقا على الإضراب الذي أزعج سلطات الاحتلال، وصف رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو هؤلاء الأسرى بأنهم "قتلة" وقال "إنهم إرهابيون، ونحن لن نخسر وضوحنا لأننا الطرف العادل والأخلاقي، وهم الطرف غير العادل وغير الأخلاقي"، وفق تصريح تسملت وكالة الأناضول نسخة منه.

وعقّب وزير النقل والاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس على الاضراب قائلا: "يخوض مروان البرغوثي إضرابا من أجل تحسين ظروف اعتقاله، بينما تتواصل معاناة عائلات الضحايا الإسرائيليين. الحل الوحيد هو فرض عقوبة الإعدام على الإرهابيين"، على حد تعبيره.

وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد اردان في حديث مع إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الدولة العبرية "لن تتفاوض" مع المعتقلين الفلسطينيين الذين يخوضون إضرابا جماعيا عن الطعام. وأكد اردان أن "هؤلاء إرهابيون وقتلة ونالوا ما يستحقونه وليس لدينا سبب للتفاوض معهم".

اجتمع كل مسؤولي الكيان الإسرائيلي على أن الأسرى قتلة وإرهابيون، ونسى هؤلاء المغتصبون أنهم هم الذين يقومون بالإرهاب والقتل والعنف في كل الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى حملات الاعتقال للمئات، والتصفية الجسدية والقتل العشوائي، والتعذيب داخل السجون، وبناء مزيد من المستوطنات، وتجريف المزارع والأراضي، وغيرها من الممارسات.

نسى هؤلاء المغتصبون للأرض أنه ينتهجون إرهابا منظما ضد الشعب الأعزل ويقومون بترويع المواطنين، شهادات العشرات من المعتقلين والمسجونين تثبت وحشية السلطات الإسرائيلية في التعذيب والقمع ضد الفلسطينيين لأنهم يرفضون احتلال أراضيهم، رغم أن العالم ليس بحاجة إلى مثل هذه الشهادات حتى يعرف العدوان الإسرائيلي الوحشي ضد الفلسطينيين لأن الكاميرات تنقل بشكل مستمر هذا العدوان.

يصف هؤلاء المغتصبون الاسرى بصفات هم أولى بها منهم، فهم القتلة والمغتصبون والمحتلون الذين يعيثون في الأراضي المحتلة فسادا...

هل يخيفكم حجر يرميه طفل عليكم لأنكم اغتصبتم براءته حينما اغتصبتم أرضه وأرض آبائه، وقتلتم أسرته بدم بارد، فلم يجد هذا الطفل بُدا سوى النزول إلى الشارع ليعبر عن رفضه وغضبه والظلم الذي وقع عليه؟

هل يخيفكم صوت النساء اللاتي خرجن ينادين بأعلى أصوتهن أنكم سجنتم واعتقلتكم أزواجهن وأولادهن وآبائهن وإخوانهن ظلما وزورا، هل يخيفكم الصوت الذي يزلزل الأبنية والميادين؟

أخرجوا الأسرى، واستجيبوا لمطالبهم فهم لا يطلبون المستحيل، هم أناس أطهار، قلوبهم مليئة بالحب والعدل والحياة، إنهم غيركم لأنكم تنتهجون العنف والإرهاب منذ سنوات وارتكبتم، ومازلتم، جرائم ضد الإنسانية التي لن تسقط بالتقادم وسيظل يذكرها التاريخ وسيلعنكم الزمان على مثل هذه الجرائم.

تحية لكل أسير يقاوم سلطات الاحتلال وتحية للآلاف من القوى والفصائل المختلفة الذين خرجوا إلى الشوارع والميادين العامة لدعم الأسرى الذين يواجهون ظروفا سيئة داخل سجون الاحتلال.

تحية للمدن الرئيسة في الضفة الغربية وقطاع غزة التي نظمت مسيرات وتظاهرات شعبية واسعة تضامناً مع هؤلاء الاسرى، التي شارك فيها عدد كبير من أعضاء قيادة منظمة التحرير والفصائل بما فيها حماس والجهاد الإسلامي.

تحية لهذا الدعم الذي لم يقتصر على المستوى الشعبي فقط، بل كان على المستوى الرسمي أيضا، حيث وجه الرئيس محمود عباس التحية الى الأسرى المضربين عن الطعام، وجدد التأكيد على مواصلة العمل حتى الإفراج عنهم ووقف معاناتهم "باعتبارهم القضية المركزية الحاضرة بشكل دائم للشعب الفلسطيني وقيادته".

وأعلن رئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله أن "الحكومة تعمل على كل المسارات لإعطاء قضية الأسرى الزخم والدعم الحقوقي والدولي الذي تستحق، للوصول بمعاناتهم وأبناء شعبنا إلى أبعد مكان في هذه الارض، لضمان إنهاء الاحتلال وكسر قيوده والإفراج عنهم من دون قيد أو شرط".

حسب إحصاءات حديثة، يوجد في السجون الإسرائيلية 6500 فلسطيني، 3000 ينتمون إلى حركة فتح، و2000 إلى حماس، و500 إلى الجهاد، و300 إلى الجبهة الشعبية، وحوالي 200 إلى الجبهة الديموقراطية، والباقي ينتمي الى فصائل أخرى.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية