يطيب لي أيها القارئ العزيز أن ألتقي معك في المقالة الرابعة التي نتعرف فيها على نماذج حية لأناس اختاروا لأنفسهم طريق الإبداع والعطاء والبذل ، في زمن يحاول البعض صبغه بالقيم الفردية والأنانية بحجة بناء الدولة المدنية تارة أو اللحاق بركب الغرب تارة أخرى أو بناء الاقتصاد الحر تارةً ثالثة ، وهم في دعاواهم الباطلة هذه إنما ينقضون حقيقة أن الحضارة والتقدم لا يتحققان إلا بالتكافل والتعاون وغيرها من الفضائل الحميدة ، وهو ما لخصه الشاعر العربي بقوله :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وهذه أخي القارئ باقة جديدة من سلسة المبدعين التي أقدمها إهداءً بسيطاً لكل مبدع يعمل من أجل بناء مستقبل مشرق لوطني الإسلامي الكبير : د. صلاح الراشد : ذلك المواطن الكويتي الذي التقيته أول مرة في واحدة من أولى دوراته في علم NLP عام 1996 وأنا بالمرحلة الثانوية آنذاك ، ولست أدري أأتحدث عن مركزه النفسي ودوراته التدريبية الرائدة في مجال التنمية البشرية ؟ أم عن أنشطته التوعوية والتثقيفية عبر نشرته الدورية المسماة ( فواصل ) ؟ أم عن عالميته وتجاوزه لحدود الوطن الصغير عبر أفرعه في كل من : الكويت والإمارات والسعودية وقطر والبحرين ومصر وأمريكا ؟ أم عن تسخيره لأساليب التكنولوجيا الحديثة لتحقيق أهدافه مثل : نادي السعادة الدولي happiness-club.com وموقعه الشخصي الإلكتروني المتكامل alrashed.net ؟ أم عن كل ذلك الكم من العطاء الذي يقدمه شخص واحد ! نسأل الله له التوفيق والسداد .
ولكن حسبي أن أقول بأن هذا الدكتور الفاضل استطاع بعون من الله ثم بمشاركة من أساتذة آخرين أن يوجد اهتماماً شعبيا ورسمياً بقضايا التنمية البشرية والالتفات إلى تعمير الذات وتطوير القدرات ، وما دورات : القراءة السريعة والتصويرية والبرمجة العصبية اللغويةNLP والخريطة الدراسية الذهنية وغيرها مما تتنافس على تقديمه عدة جهات ربحية وغير ربحية إلا مظهر من مظاهر هذا الاهتمام بمثل هذه العلوم ، التي ليس ديننا الإسلامي بمنأى عنها بل إن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم مليئة بالإشارات إلى قواعد تلك العلوم الحديثة .
فمثلاً هذه العلوم تدعو إلى التفاؤل والنظرة الإيجابية للأمور ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول : ( إني يعجبني الفأل ) ، وهي تدعونا إلى بناء الجسم السليم لما له من أثر على النفس والروح والنبي عليه الصلاة والسلام قد قال : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) ، وهي توجهنا إلى نقل المعلومات النافعة إلى الآخرين بلا تردد أو انتظار لمقابل والرسول الكريم يقول : ( رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) .
الشاب أحمد عبدالله المطوع : هذا الأخ العزيز الذي لم تمض على تخرجه من قسم الإعلام بجامعة الكويت سوى أيام قليلة بعد أن نهل العلم على يد أساتذتها الأكارم وتعلم من مناهجها الأكاديمية لكنه أبى إلا أن يقدم شيئاً مميزاً بدلاً من الاكتفاء بالأخذ كما يفعل الآخرون ، فتراه يزين صفحات مطبوعة ( آفاق ) الجامعية الأسبوعية بزاويته ( صيد وقيد ) المحببة لي وللكثيرين من متابعي تلك المطبوعة ، وهي عبارة عن زاوية تشدك ابتداء بالصورة الفوتوغرافية المميزة التي تضمها وتبهرك انتهاء بالنثر الجميل المكتوب تعليقاً عليها ، والأجمل من هذا وذاك هو أنهما بعدسة وقلم هذا الطالب المبدع الذي يمكننا أن نطلع على أعماله عبر موقعه الإلكتروني : www.geocities.com/ahmad_photo .
شكراً للأخ المطوع على فنه الجميل التي يمتعنا وينفعنا ، وكيف لا ؟ وهو يقول في إحدى كتاباته : ( إن للفن هدف وموقف إنساني لمعالجة قضايا الإنسان ) ، ولا يفوتني أن أشكر بجانبه الدكتور نادر الجلال مدير جامعة الكويت والدكتور خالد القحص رئيس تحرير ( آفاق ) اللذين فتحا صفحات تلك المطبوعة لكل مبدع في الجامعة سواء أكان مدرساً أم طالباً أم موظفاً لينشر فيهــا مــا لديه من إنتاجٍ مميز ، وأتمنى أن نرى قريباً المجموعـة الأولى مــن ( صيد وقيد ) هذه الطاقة الشابة في ألبوم يضمها أو معرض يكشفها ويجمع شتاتها من الأعداد المتناثرة ، فمن يا ترى سيتصدى لهذه المهمة من محبي الإبداع والتميز والجمال ؟
الداعية عمرو خالد : لقد حرمت فترة طويلة من الاستفادة والاستمتاع بدروس ومحاضرات هذا ( الشيخ المودرن ) كما يحلو لبعض وسائل الإعلام تسميته ، ظناً مني أنه واعظ يتكلم بالعموميات والقصص دون تأصيل شرعي أو تاريخي معتبر ، ولكن ما إن يسر الله لي الاستماع إليه قبل عامين تقريباً على درجات سلم مسرح الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية الممتلئ حتى آخره بالحضور من جميع الأصناف والشرائح ، حتى تغيرت صورتي عنه تماماً فهو واعظ من الطراز الأول يمتلك روحاً حية وعاطفة جياشة إلى جانب علمه الوفير وأدائه المميز وشواهده المبدعة ، وصدقت العرب حين قالت : ( ليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة ) فالإحساس بإيمان هذا الرجل حفظه الله بما يقوله هو السبب الذي دفعني ودفع الكثيرين للتأثر به ، مما يجعله بحق يستحق هذا الإقبال المنقطع النظير على برامجه الفضائية ومحاضراته الجماهيرية وكتبه المطبوعة وأشرطته المسموعة ، بل وحتى موقعه الإلكتروني المميز amrkhaled.net .
أنا لا أعجب من شيء في سيرة هذا الرجل المبدع قدر عجبي ممن ينتقدونه بضراوة ويصورونه بالخطر الداهم على شباب وفتيات الأمة ! فهو ليس من الطراز التقليدي لشيوخنا ووعاظنا الأفاضل الذين دأب الليبراليون على انتقادهم ، وهو حريص على تقديم نفسه كواعظ وخطيب وليس كفقيه أو منظر قد نتفق أو نختلف مع فتاواه وأفكاره ، وهو إلى جانب هذا وذاك لا يتدخل في الأمور التفصيلية أو الخلافية بل نراه حريصاً على ترسيخ قضيتي الحجاب الإسلامي وفلسطين المغتصبة في أذهاننا وأرواحنا ، فما الذي يغيظ أولئك القوم منه ؟ أهو تحجب العديدات على صدى نبرات صوته أم تغير العديدين نحو الأفضل على يديه ! ولا حول ولا قوة إلى بالله .
ختاماً : كانت هذه وقفتنا الرابعة للتعرف على جانب من مبدعي هذا الوطن الكبير الذي يمتد من مشارق الأرض إلى مغاربها ، إيماناً منا بقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين ، بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزاً يعز الله به الإسلام ، وذلاً يذل به الكفر ) رواه ابن حبان في صحيحه .