منذ نشأة مكتبة البلدية 1892 والمكتبات المصرية في حالة تطور وتطوير: في أعدادها وأنواعها وأشكالها ومقتنياتها.
وتزامن مع نشأة المكتبات –تقريباً- نشأة حركة العمل التطوعي في مصر ومساهمة الجمعيات الأهلية في تنمية المجتمع بكل قطاعاته، ، ففي القطاع الصحي كانت مستشفى المواساة بالإسكندرية، وفي القطاع التعليمي مستشفى ومدارس الجمعية الخيرية الإسلامية منذ عام 1892، وإنشاء مجموعة من المدارس الإبتدائية عام 1897، والجامعة الأهلية أو فؤاد الأول بالجيزة عام 1908 والتي جاءت من خلال جهود ومساهمة من الأميرة فاطمة إبنة الخديو إسماعيل (حالياً تسمى جامعة القاهرة)، بالإضافة إلى جهود الأمير يوسف كمال في إنشاء مدرسة للفنون الجميلة عام 1911، وفي القطاع الرياضي تأسيس النادي الأهلي .. إلخ من السجل الطويل والمستمر والمشرف للعمل التطوعي، إلا أنه في فترة الستينيات إنحسر نشاط العمل التطوعي إبان قيام الدولة بكل الأدوار بما فيها الأدوار التطوعية، ثم جاءت فترة السبعينيات والثمانينيات وشهدت تنامياً ملحوظاً في هذا المجال.
وبالطبع فإن قطاع المكتبات شهد تطويراً من خلال العمل التطوعي سواء من خلال أفراد مثل تبرع الأميرة سميحة بنت السلطان حسين كامل بقصرها الكائن بالزمالك ليكون مكتبة عامة بعد وفاتها، وبالفعل تحول إلى مكتبة القاهرة الكبرى، وقبله كان إسهام الأميرة فاطمة في إنشاء مكتبة تعرف الآن باسم مكتبة مصر الجديدة، أو سواء من خلال جمعيات أهلية مثل: الجمعية المصرية للتنمية الثقافية والتي شاركت بنك مصر وصندوق التنمية الثقافية في إنشاء مكتبة طلعت حرب بالسيدة نفيسة، وجمعية تنمية حي مصر الجديدة ودورها في إنشاء مكتبتي مصر الجديدة والمستقبل، أما جمعية الرعاية المتكاملة –فالقائمة تطول- حيث أنها قامت بمفردها بإنشاء وتجهيز وتشغيل ما يقرب من 23 مكتبة عامة في خمس محافظات مصرية بالإضافة إلى شراكتها مع جمعية أهلية ألمانية وصندوق التنمية الثقافية في إنشاء وتشغيل مكتبة مبارك العامة (الجيزة سابقاً)،هذا عدا مشاركتها وزارة التربية والتعليم في تطوير العديد من مكتباتها المدرسية.
ونظراً لمحدودية العرض، فسوف تقتصر هذه الورقة على استعراض دور جمعية الرعاية المتكاملة –كنموذج رائد للجمعيات الأهلية- في تطوير المكتبات العامة بمصر ، وذلك بدءً بدورها المتميز في إنشاء مكتبات عامة للأطفال والكبار، ومروراً بدورها في الشراكة مع جمعية أهلية ألمانية لإنشاء وتجهيز وتشغيل مكتبة مبارك العامة (الجيزة سابقاً) وفروعها، وإنتهاءً بدورها في المشروع القومي "مكتبة عامة بكل محافظة" على غرار مكتبة مبارك العامة وبنظام الفرانشيز.
وسيجد المتصفح لهذه الورقة أن دور جمعية الرعاية المتكاملة في تطوير المكتبات العامة في مصر قد شمل أضلاع مثلث المكتبات العامة ، وهو : ضلع المبنى المجهز، ضلع القوى البشرية المؤهلة، وضلع المقتنيات الحديثة المطلوبة، وشمل أيضاً كيفية موائمة الجمعية بين ضراوة تحديات مجتمع المعلومات وبين احتياجات مجتمعنا النامي والطموح لغد أفضل.