مقدمة: اذا كان الفكر المغربي في شقه الفلسفي ، قد حقق تقدما كبيرا ( الجابري-العروي-طه عبد الرحمان...) فإن الفكر الإسلامي المغربي ما زال يراوح المكان بين التقليد والتجديد.
I- العلماء والفكر الإسلامي المغربي
اذا كان العلماء في المشرق العربي ، قد ساهموا في إثراء الفكر الإسلامي ، باجتهادات جديدة في مختلف مجالات الحياة .
حيث واكبوا مختلف التحولات الإجتماعية ، الإقتصادية ، والسياسية . وعلى رأسهم نجد مثلا: الشيخ القرضاوي ، العلامة حسين فضل الله ، جودت سعيد ، سعيد رمضان البوطي ، حسن الترابي...
فإن العلماء بالمغرب الأقصى قد ساهموا في تخلف الفكر الإسلامي المغربي: وبدل أن يجددوا الفكر الإسلامي ، وأن يبحثوا عن أجوبة لأسئلة العصر ؛ نجد أن مهمتهم اقتصرت على الأمن الروحي وتنشيط الساحة الدينية ، والإجتهاد من أجل خدمة السلطان ، هذا مع استثناءات قليلة : علال الفاسي ، المختار السوسي ، عبد العزيز بن صديق ، عبد الله كنون ، احمد الريسوني ..
فالتطورات التي يعرفها المغرب ، تستدعي وجود نخبة دينية معاصرة ، قادرة على استيعاب دلالة هذا التطور ، ومسايرته في جوانب متعددة .
فالعالم ليس ذلك الرجل ،ذي اللباس التقليدي المنشغل بالأساس بتفسير أركان الإسلام والتعريف بنواقض الوضوء وما شبه ، بل إن تطورات العصر وما تطرحه من تحديات على جميع الصعد ؛ تستوجب منه أن يكون متسلحا بالعلوم الشرعية والنظريات الحديثة في العلوم الإنسانية ، وغير ذلك للإ جابة عن التحديات الداخلية والخارجية ، وبلورة هذه الإجابات في شكل أطروحات فكرية اسلامية ، تجدد بها الفكر الإسلامي المغربي خاصة والفكر الإسلامي عامة .
فالمطلوب من علمائنا اليوم ، الخروج من أبراجهم العالية ، والدخول في معترك النقاش حول القضايا المجتمعية الكبرى : الأمازيغية ، الملكية ،ا لمرأة ، المواطنة .. ومقاربة هذه القضايا من وجهة نظر اسلامية معاصرة وتقديم اجتهادات ملائمة لخصوصيتنا المغربية .
II- الحركة الإسلامية وعقدة الإنتاج الفكري الإسلامي
اذا كانت الحركة الإسلامية المغربية ، منذ انطلاقتها قد حققت توسعا تنظيميا كبيرا ، فإنها بالمقابل لم تستطع مواكبة هذا التوسع بانتاج فكري ، يلبي حاجيات هذا التوسع ومتطلبات العمل الإسلامي المعاصر .
صحيح أن، هناك بعض الإجتهادات : عبد السلام ياسين ، عبد الكريم مطيع ، احمد الريسوني..
لكن ، ما يميز الفكر الإسلامي المغربي ، بشكل عام هو تبعيته للفكر الإسلامي المشرقي وخاصة الإخواني منه : حسن البنا ، سيد قطب ، القرضاوي ، محمد الغزالي ، محمد قطب ....
والملفت للنظر ، هو أن الحركة الإسلاميةالمغربية وهي تتهم اليسار بالتقليد وغياب الإبداع الفكري ، فإنها وقعت في نفس الخطأ ؛ حيث عملت على استيراد الفكر المشرقي وتقديمه يطريقة أخرى .
وبعد دخول الحركة الإسلامية المغربية إلى العمل السياسي ، من بابه الواسع ؛ بات عليها أن تفعل الشعار الكبير : الإسلام هو الحل في شكل طروحات اسلامية معاصرة ، تجيب على مختلف الأسئلة الثقافية ـ، والإقتصادية والإجتماعية : الأمازيغية ، الملكية ، التعليم ، المواطنة ، الشغل ...
ولنا في حزب العدالة التركي ، خير نموذج للحركة الإسلامية المعاصرة . فسيطرته على البرلمان والحكومة ليس بفضل خطاباته وشعاراته ، بل بفضل برامجه الواقعية وادارته الجيدة للمدن والبلديات : أردوغان مع بلدية اسطمبول .
فالحركة الإسلامية المغربية ، دخلت عقدها الثالث فبات عليها التحرر من الفكر المشرقي ، وابداع فكر اسلامي يلبي حاجيات الشعب المغربي.
والإنتقال من خطاب تربوي ، دعوي إلى فكر اسلامي منفتح على هموم وقضايا الناس .
ليس من الممكن للحركة الأسلامية المغربية أن تلعب دور المعارضة دون أن تقدم بدائل واقعية وبرامج محكمة لقضايا الناس . فالحركة الإسلامية المغربية الان أمام مفترق طرق إما أن تكون أو لا تكون .