لأننا عرب تقبلنا هذا الدين وكلفنا به وسفكت دمائنا من أجله ،لهذا نجد الجاحدين لحقوقنا يجعلون من القومية العربية باب من أبواب العنصرية إلى أن نتهم بالكفر ،ولا يفرق الأعجمي الذي يحسدنا على هذه الدماء النقية بين العربي الذي كان في الجزيرة العربية بين البادية والحضر الذي تحول داعية الى هذا الدين ويرميه بالتخلف ونسى بأننا أصحاب الرسالة الألهية وهذا في قوله تعالى (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7))الآية 7 سورة الشورى تلك القبائل المتناحرة في الجاهلية يبعث فيها نبي عربي لا يجيد القراءة ولا الكتابة ، ولا تمر ثلاث وعشرون سنة حتى تتشكل دولة أسلامية لم يعرف التاريخ مثيل لها ،تلك السنوات التي لم يختلط فيها الدم العربي بالأعاجم كانت سنوات النقاء بين العرب ، وكانت شمس الحكمة تجعلهم أبطالا وملوك وأمراء لم يكن في تلك الحقبة داعي لتفسير القرآن فالكل يفهمه بالسليقة ،لكن الأعاجم من الفرس تطاولوا على العروبة يقول محمد عمارة في كتابه الإسلام والعروبة (فالشريعة الإسلامية ، التي نزل بها وحي الله ،فقد نزلت على محمد بن عبد الله : العربي ....معجزة هذا الدين وآيته الكبرى ،وهي القرآن الكريم جاءت بلسان عربي مبين .....بل وعلى محو من البلاغة والإعجاز جعل محاكاتها مستعصية على بلغاء العرب ،على مر التاريخ كما جعل فهمها ووعيها وفقهها مستعصيا بأية لغة أخرى غير العربية ،فإذا كانت ترجمة معاني القرآن مجدية في فهم بعض هذه المعاني ،فان ترجمة نصه إلى أية لغة أخرى يشوه هذا النص ويذهب بما لألفاظه من معان ودلالات وإيحاءات )1 ويعرف
الأعاجم مصدر الحديث الموضوع والضعيف فان اتهمونا بالعصبية فاننا لم نتهم بالكذب بل أن الله يحكم على هذه الأمة بانها خير أمة ،ونتعجب من المراقبين والناقدين الذين يهولون بتكفير العرب ونشر الفتنة ويدخلون أنفسهم الجنة ويدخلون المخالفين الى النار وكأنهم نسوا حديث (كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين)الذي رواه ابو داود في ( حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان، ثنا عليّ بن ثابت، عن عكرمة بن عمار قال: حدثني ضمضم بن جَوْس قال: قال أبو هريرة: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهدٌ في العبادة فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوماً على ذنبٍ فقال له: أقصر، فقال: خلِّني وربِّي، أبعثت عليَّ رقيباً؟ فقال: واللّه لا يغفر اللّه لك أو لا يدخلك اللّه الجنة فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند ربِّ العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً؟ أو كنت على ما في يدي قادراً؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار: قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته) فنحن نتعجب من الجماعات الاسلامية التي تجعل من نفسها حارسة للعقيدة ونتعجب أكثر أن كان حراس العقيدة هؤلاء من غير العرب . ويعتقد الأعاجم أن لا فضل لنا عليهم فنحن سواسية أمام الله والتقوى هي المقياس بيننا فنحن عباد الله وهذا كلام معقول يحسب لهم لكن الذي هو الظاهر من قولهم والباطن إفتخارهم بحضارتهم الماضية وعبادتهم الوثنية الباطلة وكل أعجمي يعتز بتاريخ أجداده قبل الإسلام وينكرون الفضل من جهة ويعترفون به من جهة أخرى. أن فضل قريش تفضيل من الله حيث جاء في مستدرك الحاكم في الحديث (أخبرني أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ الأسدي بهمدان ثنا إبراهيم بن الحسين بن أبي مصعب ومحمد بن عبد الله بن رواد قالا ثنا عثمان بن عبد الله بن أبي عتيق حدثني سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة عن أبيه عن جده جعدة بن هبيرة قال سمعت أمي أم هانئ بنت أبي طالب قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى فضل قريشا بسبع خصال لم يعطها أحدا قبلهم ولا يعطيها أحدا بعدهم فيهم النبوة وفيهم الحجابة وفيهم السقاية ونصرهم على الفيل وهم لا يعبدون إلا الله وعبدوا الله عشر سنين لم يعبده غيرهم ونزلت فيهم سورة لم يشرك فيها غيرهم لإيلاف قريش وقد روي عن يحيى بن جعدة بن هبيرة عن جدته أم هانئ) ولقد أحتج ابي بكر الصديق بحديث الأئمة من قريش ،وبقي العرب أسياد هذا العالم لقرون الى أن دخلت الأعاجم في الحكم والخلافة وتحولت الى السلاطين والملوك فتدهورت الأمة الإسلامية لمخالفة هذا النص والوصية التي أوصى بها رسول الله ولن يعرف الإسلام عزته الا بتطبيق هذا النص وهذا الأمر الذي كان أساس من الأسس القومية لحماية الإسلام من الأعداء وقد يحتج القاريء لتاريخ برجال كثر كان لهم الفضل في تاريخ الإسلام كانوا من الأعاجم وهذا أمر لا ننفيه لكن نصححه بأنهم ظهروا في ضعف الأمة وكانوا من المستبدين ولم يعرفوا الشورى بل أن حكمهم هي حكومة استيلاء , ،بل الحقيقة التي لم ينتبه إليها من يكتب في التاريخ أن الإغتيالات السياسية كانت في العرب على أيدي الأعاجم وكانت الإغتيالات تكون في أهل قريش دون تفريق بين السنة والشيعة ولم تظهر الفرقة المذهبية الا بدخول الأعاجم الى هذا الدين وهذا حق كل مكلف فالاسلام جاء للإنس والجن لكن من يدعون بانهم حراس العقيدة لم يقولوا الحقيقة ولم يتكلموا بالسياسة الصحيحة ،والعدالة التي جاء بها الاسلام ،فلا فرق عندهم من يحكم المسلمين سواء كان أبن زنا ولا حتى إبن جارية فعندهم الأفضلية على توحيد الأمة باسم الاستبداد ،فذهبت عدالة الإسلام فحكم الأعجمي العربي المسلم الذي كلفه الله بالرسالة فتحولت الفتوحات الاسلامية الى غزو إستعماري وكثر الصبي والرق ،ثم يمجدون الأجداد بذكر عمر بن الخطاب رضوان الله عليه وحفيده عمر بن عبد العزيز في العدالة ،ويمجدون الأعاجم في رد الأعداءعن دولة الإسلام وتناسوا أن التقليد الأعمي للسلف الصالح سلاح ذو حدين فالسلف الصالح لم يعرف التوحد بل عرف التميز فابو بكر(ض) تميز باللين وعمر (ض)بالشدة وكل صحابي له ميزة وكلهم من قريش هذه الحقيقة التي يجحدها هؤلاء الذين يتغنون بأمجاد الماضي ويحتجون بالأحاديث الغيبية وكأن المسلمين الاوائل جهلوها أو نسوها ،وكأن هؤلاء فهموا الدين رغم بعدهم عن النبوة بقرون وضعف لغتهم العربية مادامت امتزجت بلغة الاعاجم ورأينا العجب حتى أصبح العربي يكتب الكلام بالفرنجية بل تمادوا حتى إنقلبوا على جامع الأزهر وهاهم اليوم كل يوم يريدون الانقلاب على المذهب المالكي والشافعي والسبيل لنجاحهم حاكم مستبد هنا وهناك . والعجب يقولون بأنهم يحاربون عباد القبور الى أن يعبدوا الله وهم في حقيقتهم يعبدون الأرواح الشريرة التي لا تريد لهذه الأمة الا الشر بل يجعلون ما هو كل خير للأمة بدعة حتى المظاهرات التي هي تعبير عن الغضب الشعبي جعلوها تشبها بالغرب وهم تشبهوا بمرحلة صفية من التاريخ مستحيل أن يكون هذا الشبه حقيقة بل هو خدعة كاذبة ظهرت في السابق وتكررت اليوم ،مادام العربي سيتحول إلى تابع الى الدماء المختلطة من أبناء الفرنسية والأمريكية من جهة ، هذا كله مشروع شيطاني لقتل العروبة من الوريد الى الوريد ونقتل باسم الاسلام من قلوبنا ،ولن يتم هذا الأمر إلا إذا قتلوا العقول عندما قتل عثمان رضوان الله عليه ،قتل بيد أعجمية ما عرفت الإسلام ولا عرفت قدره ولا عرفت قدر قريش عند العرب وهم يلعنون الناس ويكفرون، ونسوا بان النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لم يلعن بني قومه عامة مثلما فعل أنبياء بني إسرائيل على لسان داود وعيسى عليهما السلام في قوله تعالى (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79))الآيات78،79 من سورة المائدة . ـــــــــــــــــ محمد عمارة ،الاسلام والعروبة ،دار الشروق ،مصر ،س ط1988نص 11