فاطمة المرنيسي إحدى الباحثات المغربيات التي لا تخشى أن تنبش في الطابوهات لتحريتها والكشف عن خباياها تعمدت تجاوز مختلف العتبات المفروضة قسرا لتسليط الأضواء على كل ما تعتبر أنه يكنفه ظل ما. فاطمة المرنيسي أكدت نفسها كباحثة بجرتها إلى أن تجاوزت شهرتها حدود المغرب، وحصلت مؤخرا على الجائزة الإسبانية " أمير أستورياس للآداب" في أكتوبر 2003. لقد كرست نفسها وعلمها ومعرفتها لتصحيح المفاهيم الخاطئة السائدة حولها ، من أجل كشف الحقيقة أولا ، والمساهمة ثانيا في خلق عالم أكثر احتمالا في أفق تحقيق عالم أجمل.
لقد ساهمت بأعمالها الجريئة في الكشف عن عالم الجلادين وساهمت بذلك في تكريس الذاكرة الجماعية رغم كل ما يسكنها من ألم وفواجع ما زالت إنسانيا.ئمة رغم كل شيء، أدلة مثل تازمامارت ودرب مولاي الشريف والكوربيس وأكدز وقلعة مكونة والكومليكس.. وكلها أماكن ما زالت تفوح برائحة المعتقلين جبرا لأنهم حلموا يوما لهندسة مغرب الغد مخالف لمغرب الماضي، مغرب أكثر احتمالا ومغرب أجمل إنسانيا .
وفاطمة المرنيسي من الجيل الذي عاين الاستقلال وعاين أحلام وانتظارات المغاربة كما عاين إحباطهم. إنها من جيل النساء اللواتي عشن في عالم فرض حدودا لرقابة صارمة للمرأة كسرت كل تلك الحدود وطارت إلى جامعة السربون لنيل الإجازة في علم الاجتماع، وقررت منذ البداية أن تنصب نفسها للدفاع عن حقوق المرأة وحرمة وكرامة النساء، حرمة وكرامة كما يحفظها لها الإسلام.
درست القرآن الكريم لتدافع عن بينة عن حقوق المرأة وهذا ما قادها إلى تأليف كتاب " الحريم السياسي: النبي والنساء " الذي نشر سنة 1987، وهو الكتاب الذي صادرته الرقابة آنذاك. ولم يكن هذا الكتاب هو الوحيد الذي طالته الرقابة، بل صادرت كذلك أطروحتها المعنونة الجنس كهندسة اجتماعية، وكذلك كتاب "الحجاب والنخبة الذكورية ".
ورغم ذلك استمرت فاطمة المرنيسي في التأليف من أجل المرأة ودفاعا عنها بكل ما أوتيت من قوة. وفي سنة 1991 صدر كتابها " المغرب عبر نسائه" وهو مؤلف ارتكز بالأساس على مقابلات حية أجرتها مع نساء قرويات وعاملات وخادمات بيوت ابتداء من عام 1983. إنها بكتابها هذا مكنت من إسماع صوت النساء اللائي يتحدثن لكن لا أحد كان يستمع إليهن.
وفي سنة 1992 صدر كتابها " الخوف من الحداثة : الإسلام والديمقراطية " وهي دراسة نقدية للقهر الديني.
ولفاطمة المرنيسي مؤلفات أخرى، منها " شهرزاد ليست مغربية " و "سلطانات منسيات " و " هل أنتم محصنون ضد الحريم" و " الجنس والإيديولوجيا والإسلام" ويعتبر كتابها " نساء على أجنحة الحلم" الصادر سنة 1995 بمثابة سيرة ذاتية ومتابعة لتجربة شخصية منذ الطفولة والصبا، كشف عبرها النسق الثقافي السائد في العالم النسوي منذ الأربعينات مع رصد التحولات بفعل المؤثرات الخارجية إلا أن فاطمة نفسها أكدت أن هذا الكتاب ليس بسيرة ذاتية وإنما هو تجميع لأحداث متخيلة على شكل حكايات تروى لطفلة صغيرة السن.
ومهما يكن، فإن كتاب " نساء على أجنحة الحلم" يعد تشريحا مشرطيا للعالم الذي تعيش فيه المرأة العربية عموما، وهو عالم مطبوع بسيادة المجتمع الذكوري المعتمد على إقصاء المرأة المعتبرة كعورة وقاصرة ومبتورة، إلا أنها مثيرة للشبق.
ولازالت فاطمة المرنيسي الأستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط سائرة على الدرب، على ذات النهج للمزيد من الكشف على ظلال عالم المرأة.