رغم كون القانون المعدل لقانون الانتخاب رقم 35 لسنة 1962 والذي تم بموجبه منح المرأة حقي الترشح والانتخاب، قد قرر بوضوح أن "يشترط للمرأة في الترشيح والانتخاب الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية"، وهو نص جامع ومانع بحسب مصطلح الأصوليين.

إلا أن البعض لم ينتظر جفاف المداد الذي صيغ به النص السابق ليجاهر بمخالفته له بشكلٍ أو بآخر، ومن أبرز صور تلك المخالفات ما يلي:
أولاً – الزعم بأن تفسير الضوابط في النص السابق الصريح تعني عاداتنا وتقاليدنا:


ولست أفهم حقيقة هل هؤلاء المفسرين الجهابذة يجيدون قراءة اللغة العربية وفهم معانيها أم أنهم من الناطقين بلغات أخرى لا تمت للغتنا الفصحى بصلة؟ لأن القواعد الشرعية المعتمدة تعني بوضوح لزوم اتباع ما تستوجبه الشريعة الإسلامية من أوامر وما تقرره من أحكام، ولو ظن البعض أنها غير ملائمة للعصر بزعمهم أو مسايرة للأمركة بخوفهم.

أما ماهية تلك الضوابط الشرعية فمناط بالعلماء الأجلاء تبيانها، وعلى مجلس الوزراء الكويتي عدم التردد في إحالة فتوى لقطاع الإفتاء في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لبيانها، فهي مختصة قانونيًا في (الإفتاء فيما يطلب من الوزارة من استفسارات دينية وفقهية) بموجب المرسوم الأميري الصادر بشأنها في 7/1/1979.

فإذا جاءت – بعد ذلك – تلك الضوابط منسجمة مع العادات والتقاليد فأهلاً وسهلاً، وإن جاءت بإضافات على تلك السلوكيات الاجتماعية فإن النص القانوني واضح بضرورة الانحياز لضوابط الشريعة الإسلامية على حساب أي معيار آخر.

ثانيًا – الإدعاء بأن النص السابق بشأن لزوم اتباع الضوابط الشرعية مخالف للدستور الكويتي:


وهذا جهل محض أو تجاهل متعمد لحقيقة كون دولة الكويت مسلمة والإسلام هو دينها الرسمي، بل إن الشريعة الإسلامية هي مصدر تشريعها الرئيسي، وكل هذا مسطر في دستور الكويت منذ إصداره في 11/11/1962.

أما الحريات العامة والمساواة القانونية واحترام الأديان الأخرى المنصوص عليها في جوانب أخرى من ذات الدستور، فلا يوجد تعارض بينها وبين المادة الثانية المشار إليها آنفًا، لكون الإسلام الحنيف يتضمن تلك القواعد الإنسانية العامة وأتى ليحث عليها.

وها هو الصحابي الجليل من أعراب الجزيرة يخرج بوجه كسرى الفرس ليقول: (أتيناكم لنخرج الناس من جور الأديان إلى سماحة الإسلام)، ولكن مشكلتنا تكمن في مترجمي الثقافة الغربية من أبناء جلدتنا وديننا، الذين يحاولون جبرًا وقسرًا نقل كل حيثيات صراع الدين والدولة في أوربا إلى العالم الإسلامي، بينما ديننا الحنيف بحكم كونه الخالد والخاتم للرسالات السماوية جاء محفوظًا من تحريف البشر ومنزهًا عن قصور الأحكام.

ختامًا:
إننا نعيش في دولة مؤسسات يحكمها الدستور والقوانين المنسجمة مع معانيه السامية، أما آراء هذه الإعلامية أو تلك الصحافية وغيرهما فيما هو مخالف للشرع الصريح والقانون الصحيح فلا وزن لها ولا قيمة، وقد نفذ النص القانوني محل المقالة في 4/6/2005 متسقًا مع رأي شرعي معتبر ومنسجمًا مع البناء القانوني، مما لا يدع مجالاً للتنصل منه أو مبررًا للتحايل عليه.

وإن كنت حقيقة لا ألوم العلمانيين على مجاهرتهم بآرائهم المعروفة سلفًا، ولكن العتب – كل العتب – على الإسلاميين المؤيدين لمطالب المرأة السياسية من عضوات الجمعيات النسائية وأعضاء البرلمان والكتاب الصحافيين، لأن صمتهم في هذه المرحلة بعد نضالهم المستميت قبلها يشكل علامة استفهام كبيرة؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية