إن تقنية المعلومات قد أثرت بشكل كبير وفعّال على مختلف قواعد النظام القانوني والأسس القائم عليها، وكان أثرها الأبرز على ما يتصل بتوفير الحماية للمصنفات الجديدة التي نتجت عن ثورة المعلومات في مجالي الكمبيوتر والانترنت، وذلك بسبب ما أتاحته هذه التقنية من سهولة الاعتداء عليها . فالتطور المعلوماتي والطفرة العلمية في مجال الحاسب الآلي اسفرت عن ظهور جرائم جديدة لم تكن معروفة لدى المجتمع في وقت سابق، وبالتالي فإنها تشكل خطراً كبيراً على المجتمع بأسره .
الأمر الذي يستوجب توفير حماية جنائية للمعلومات المعالجة آلياً أو ما يسمى (بالمعطيات الفكرية المعالجة آلياً)، علماً بأن هناك دراسة تفيد أن عدد الجرائم الالكترونية على هذه المعطيات في عام 2003 وصل إلى 40 ألف جريمة على مستوى العالم .
ونقصد بالمعطيات الفكرية المعالجة آلياً هى تلك البرامج والبيانات الموجودة في الكمبيوتر والانترنت ، والتي تمثل نتاجاً ذهنياً لأصحابها .
وبناء على ذلك فإن هذه المعطيات تعتبر حقاً من حقوق الملكية الفكرية، شأنها في ذلك شأن النتاج الذهني المكتوب، إلا أن الاختلاف في نوع الملكية الفكرية (فنية أو أدبية أو علمية او تجارية أو صناعية) قد يؤدي إلى اختلاف النظرة إلى هذه المعطيات .
وعلى ذلك فإنه إذا كانت المعطيات فنية او أدبية أو علمية فإن هذه المعطيات يمكن أن تستمد الحماية الجنائية من قانون حماية الملكية الفكرية الكويتي رقم 64 لسنة 1999 متى توافرت شروطها حيث بينت المادة الثانية منه فقرة ( ك ) من شمول الحماية "لمصنفات الحاسب الآلي من برامج وقواعد وما يماثلها ".
أما بالنسبة للمعطيات التجارية المعالجة آلياً ، فإنها تعتبر نوع من أنواع الملكية الفكرية إذا كان موضوعها العلامة التجارية ، وبالتالي فإنها تخضع لقانون التجارة رقم 68 لسنة 1980 ، حيث بينت المادة 61 منه بأن: (كل ما يأخذ شكلاً مميزاً من كلمات وامضاءات أو حروف أو ارقام أو رسوم أو رموز أو عناوين أو أختام أو تصاوير أو نقوش أو اية علامة أخرى أو أى مجموع منها، إذا كانت تستخدم أو يُراد استخدامها في تمييز بضائع أو منتجات للدلالة على أنها تخص صاحب العلامة).
ويتّضح من هذه المادة أنه لا يوجد ما يمنع أن يطلق على العلامة التجارية لفظ معطيات معالجة آلياً، سواء كانت أجهزة الحاسب آلي أو انترنت .
فشركة( googl ) على سبيل المثال تقدم خدماتها على شبكة الانترنت وتتخذ لنفسها علامة تجارية، وبالتالي فإنها تخضع للحماية الجنائية المقررة للعلامة التجارية .
ولكن هذه الحماية مشروطة بأن يطلب صاحبها تسجيلها في إطار الإقليم التي توجد فيه، ويلتزم بالضوابط التي تقررها قوانين هذا الأقليم.
وفيما يتعلق بالمعطيات الصناعية فإننا نجد أن هناك قانون لحماية براءة الاختراع وهو القانون رقم 4 لسنة 1962، إلا أن هذا القانون لا يشمل في حمايته للمعطيات المعالجة آلياً خاصة بعد التعديل الذي ورد على هذا القانون، بقانون رقم 3 لسنة 2001، والذي نص في المادة الثانية على أن هذه المعطيات لا تتمتع بالحماية المقررة في قانون براءة الاختراع، الأمر الذي يجعل هذه المعطيات خارج نطاق الحماية الجنائية.
مما سبق نرى أنه متى توافرت الشروط التي يتطلبها القانون في المعطيات الفكرية المعالجة آلياً فإنها تحظى بالحماية الجنائية، الأمر الذي يجعلنا أمام مشكلة وثغرة قانونية كبيرة، فغياب أى شرط من هذه الشروط من شأنه أن يجرد هذه المعطيات الفكرية المعالجة آلياً من الحماية الجنائية .
وبالتالي تكون هدفاً للاعتداء عليها دون وجود أية مساءلة جنائية في مواجهة من قام بهذا الاعتداء .
فالمشكلة تكمن في قصر الحماية الجنائية على بعض المعطيات المعالجة آلياً تاركة البقية دونما أية حماية ، الأمر الذي يستوجب إيجاد الحلول لسد هذه الثغرة القانونية .
ومن وجهة نظري فإني أرى بأن أفضل الحلول هو لجوء المشرع الكويتي إلى وضع قانون مستقل لحماية هذه المعطيات من الاعتداءات والجرائم الالكترونية، وذلك عن طريق اللجوء إلى القانون المقارن والاستفادة من تجارب القوانين الأخرى .