القانون هو تنظيم إنساني لمظاهر الحياة الفردية والجماعية والدولية من حولنا، قائم على مبادئ الحرية والحق والعدالة والمساواة القانونية وغيرها، يقوم على تطبيقه وتفسيره رجال القضاء والنيابة العامة، بينما يقع على الجميع من أشخاص طبيعيين ومعنويين وسلطات عامة ودول واجب الالتزام به. وشهدت الساحة القانونية – بمفهومها الضيق – عدة أحداث تتطلب المرور عليها لأخذ العلم وبدء العمل بشأنها، رصدت منها ما يلي:

# الكويت – إلغاء المحكمة الدستورية للمرسوم بالقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات:

وهو قرار هام يذكر الجميع على حد السواء بوجوب اتفاق التشريعات والتصرفات مع الدستور، وإلا عدّت غير دستوريةٍ وحكم بإلغائها رجعيًا من يوم إصدارها، فالمادة 173 من الدستور الكويتي تقرر أنه "في حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون أو لائحة يعتبر كأن لم يكن".

حيث كان ذلك المرسوم بقانون – الملغى - يضيق حرية التجمع والتعبير الجماعي عن الرأي اللتان كفلهما الدستور، ويضع من القيود ما جعل التجمعات العامة بحسب (الأصل) مجرمة وممنوعة و(الاستثناء) هو السماح بها، على النقيض مما أراده دستور 1962 الذي يمثل العقد الملزم بين الحاكم والمحكوم في دولة الكويت.

حيث قررت المادة 44 منه أن "الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقًا للشروط التي يبينها القانون، على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب".

# سورية – الحملة الانسانية العالمية لإسقاط القانون رقم 49 لسنة 1980 المقرر حكم الإعدام على من ينتمي لجماعة (الإخوان المسلمين):

وقد كنت أتصور أن هذا القانون من خيال المعارضين الإسلاميين لنظام (البعث) الحاكم في ذلك القطر العربي الشقيق، ولكنني تفاجأت بوجوده حقيقة ضمن التشريعات السورية عند مطالعته في المجلات القانونية المحكمة!

نعم – أخي القارئ – إن القانون السوري يعاقب بالإعدام كل من ينتمي لتلك الجماعة الإسلامية وبالسجن المؤبد كل من يعلن (توبته) منها، وقد طبق التشريع سيء الذكر مرارًا وتكرارًا بشكل فردي أو جماعي لا يخفى على أحدٍ، وقد استبشرت خيرًا عندما تابعت على شبكة المعلومات العالمية – الانترنت- جانبًا من فعاليات تلك الحملة الرامية إلى إلغاء ذلك التشريع الجائر، الذي قد يكون صحيحًا من الناحية الشكلية ولكنه بلا شك مخالف لمبادئ القانون وأسس الحريات من الناحية الموضوعية.

# مصر – مجلس تأديب لقاضيين انتقدا الممارسات المصاحبة لانتخابات مجلس الشعب الأخيرة:

هذا القطر العربي هو قلب وعقل الوطن العربي، بحكم موقعه الجغرافي وتعداده السكاني وإبداعه الفكري وأبعاده التاريخية والحضارية، لذلك كان لا بد من الالتصاق الوثيق والرصد الدقيق لما يحدث به من تغيرات على كافة الأصعدة.

(كفاية) لم تكن مجرد شعار لحركة مصرية بذاتها، بل هي لسان حال قطاعات عريضة وعديدة من الشعب المصري الشقيق، والقضاء لم يكن بمنأى عن ذلك الهتاف المدوي، حيث شهدنا رفض عشرات القضاة علنيًا لعمليات تزوير نتائج الانتخابات التي تمت وعلى رأسهم المستشارة د. نهى الزيني التي أثبتت بشجاعة فائقة وقائع التزوير لصالح د. مصطفى الفقي على حساب د. جمال حشمت، ثم تعاظم الرفض ليشمل تضامن الآلاف منهم مع المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي اللذين حولا للتأديب على موقفهما الصلب ذاك!

انتهت الأزمة مؤخرًا عبر توجيه اللوم لأحد القاضيين وتبرئة الآخر من التهم الموجهة إليه تأديبيًا، ولكن روح الرغبة بالإصلاح السياسي والقضائي والاقتصادي و ... الخ ما زالت حية تنبض في القضاة خاصة والشعب عامة والوطن العربي الكبير من ورائهم.

# تركية – قتل قاضي وجرح أربعة آخرين احتجاجًا على قرارهم منع ارتداء الحجاب في الشارع:

ارتكب محام تركي هذه الجريمة البشعة قبل أيام، صحيح أن المعلومات ما زالت تتوالى حول ماهية دوافعه والجهة التي دربته، وذكرت إحدى المعلومات أنها شركة خدمات أمنية ذات علاقة بالموساد، إلا أن الشيء الثابت كونه اعتدى على هيئة محكمة كانت قد أصدرت قرارًا غريبًا بمنع ارتداء الحجاب في الشوارع والساحات العامة!

لا شيء يبرر جريمة المحامي المتهم حاليًا، ولكن يظل حكم تلك المحكمة (العلمانية) جريمة بحق ملايين المسلمات الأتراك، اللواتي حوربن بالمدارس والجامعات والبرلمان والآن يراد محاربتهن في الطرقات أيضًا، في انتهاك خطير لضرورتي (الدين) و(العرض) اللتين كفلهما الإسلام مع (النفس) و(العقل) و(المال).

ختامًا: ما أحوجنا إلى قوانين وقانونيين ينسجمون مع (النظام العام) للأمة المسلمة، فينطلقون من التنظيم الإسلامي الشامل والكامل، ويرجعون إليه ويتقدمون به في كل أمور الحياة، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} صدق الله العظيم.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية