أمسِ كتبتُ عن الميلادِ ..
واليومَ أكتبُ عن ميلادٍ آخرْ..
غريبة هذه الدنيا ...نفتتحُ ميلاداً بميلادٍ من نوعٍ آخرْ!
كم هو البونُ يا إلهي ..ولكنَّهُ في ذاتِ الاتجاهْ ..في ذاتِ الوجعْ .في ذاتِ الألم ْ...جاءني خبرُ رحيلكَ.قالت العزيزةُ أمُّ رامي .صاحبكم رحلْ. هكذا وصلني ..رسالة من مجموعة "القوميون العرب "..ونعي كتبهُ الصديقُ العزيز إبراهيم علوشْ . كتمتُ ما عندي ...قلتُ آه .نعم أتذكَّرُ اسمَ وجيه وأخفيتُ صدمتي ...ما أردتُ أن أصرخَ كثيراً حتى لا أفجعَ من حولي ..يخافونَ هذه الأيامَ كثرةَ فزعي ...ربما ما عادَ القلبُ يحتملُ كثيراً يا وجيه ْ.....قلتُ للباش مهندس أسامة ...رحلَ وجيه ..فانشروا نعيَ الحقائقِ من فضلكمْ ...وأغلقتُ هاتفي .وعدتُ لكي أهجعَ باكراً ...وكلُّ ما في خاطري هذه الفجعِ وهذا الوجعُ يا رفيق ْ....هذا عامٌ ككلِّ عام أعيتنا فيهِ النوائحُ طلباً ...بتنا ننوحُ لكيَ نبدأَ نواحاً جديداً ....
أينَ تريدُ مني البكاءَ يا وجيه ؟!
ههنا حيثُ أنا ؟! هناكَ حيثُ أنتَ الآنَ ؟! حيثُ جسدكَ الطاهرُ يتلوَّى صارخاً من جديد : "خذوني إليها ...خذوني إليها .ما تريدونَ مني قد قضيتُ فترةَ ألمي وسفري وعذابي وترحالي .! " ...أينَ تريدني البكاءَ يا وجيه ؟! هناكَ على أبوابِ نحف ؟! أتريدني باكياً هناكَ !!...أجبني يا وجيه ..أجبني ولو همساً ...وما كانت عادتكَ الهمسَ ولا عرفتَ الصمتَ مرّةْ .
تعبَ قلبي من النوَّاحِ يا وجيهْ....!
ما عدتُ قادراً على النوّاحِ من جديد ...ليسَ حظُّكَ أن تموتَ اليومَ وقلبي صائمٌ عن النوّاح ِ وزورقُ القلبِ منفىٍ في فلكِ الوجعِ المكتوبِ باسمنا ....ترجَّلتَ عنهُ للحظة...لحظة واحدة ليسَ أكثر ...لكنَّكَ ما عدتَ يا وجيهْ...قلتَ عائد ٌ معكْ...عائدٌ إليكَ ...فهل تراكَ وجدتَ زورقاً أسرع للعودةِ ....آه يا صاحبي ما أقسى الانتظارْ ...وما أصعبَ المسارْ....
"يا رفيقي هذه عودةُ العجولِ لا عودةَ الخيول ْ...."
هذا ما قلتهُ لي يا وجيهُ وأنا حفظتهُ عنك عن ظهرِ قلبْ ...أصبحتُ أردِّدها دونما حاجةٍ لتذكُّرِ حروفِها ....صحبتُها كما هيَ ..واحدةً واحدةْ...كاملةً كاملة....وجيهةً وجيهةْ....قلتُ لنفسي دوماً قالَ الحكيمُ .فكم عددُ حروفِها يا وجيه ؟!...وكم ستطولُ عودةُ الخيولُ الصاهلة ِ ؟!...هل تدري أنتَ الآن كم ستطولُ يا وجيهْ ؟! ...وهل على خيولنا الصاهلةِ أن تترجَّلَ من على زورقِ فلكِ الوجعِ لتعودَ في طقوسِ الموتِ ؟! هل هذا هو الطريقُ الوحيدُ يا وجيه ْ ؟! ...هل بقيةُ الطرقِ مقفلة ً ؟..لماذا خنتَ عهدكَ يا وجيهُ بعودةٍ صاهلةْ ...أنسيتَ سؤالكَ لصاحبكِ الخؤونِ وغضبكَ منهُ ؟!
كلَّما مشيتُ تذكّرتكَ وأنتَ تقولُ :...
أم أراك قد نسيت
أن الأنجم
هجرت السماء
أثملتها الغربة
تاهت في عناق الحنين
أه يا رفيق
أه..
لا يا وجيهُ أنا ما نسيتُ ، فهل تراكَ نسيتَ أنت؟!
كتبتها وأرسلتها من "زيورخ".... ..من مظاهرةٍ تناويءُ الحربَ الشيطانيةِ مع رفاقٍ مشوا معاً ...ومشيتُ معهم ...أرسلتها لمجموعتنا الجميلة التي ضمتك معنا وضمتنا معكَ .أتذكرُ مجموعةَ "شعراء وأدباء ضد الحربِ " التي أنشأناها على ياهو ....؟! وصلتكَ القصيدة ...تلقّفتها .وكتبتَ لي رسالةً طويلة .استغرقتني نصفَ ليلةٍ لأقرأَ وأتمعّنَ ما تقول...كانت مذيّلةً بهديةٍ جميلة ...هدية ولا أروعَ ولا أغلى .هدية "أغنياتٍ من صهيل ْ"...في اليوم التالي ترجمتها وأرسلتها للرفاق السويسريين الذين تمنّواْ لو أنكَ تنشدها لهم جانبَ البحيرةِ العجوزْ....ولماذا تنشدها هناكْ ؟! كنتَ تريدُ إنشادها في بغدادَ بالطريقِ إلى نحف ْ....
غضبتَ مني يوم شطبتُ المجموعة من على الشبكة العنكبوتية .
قلتَ ولنفرضْ أنَّ الحربَ قامتْ ......بغدادُ ما زالت بعيدةْ ....وأعتى من أن تنالَ بيدِ الهكسوسِ الجددْ ...مثلما الشامُ بعيدةْ...."وراشيلُ" تلكَ الصورة لراشيل كوري التي وضعناها شعاراً لهذه المجموعةِ ضد الحربِ والعدوان ...ربما لم تفلحُ لتكونَ تعويذةً تدرأُ بها الشرَّ المستطير .لكنها ستفلحُ في إبقاءِ اللعنةِ على لصوصِ الحربِ ....وأنا اعتذرتُ لكَ يا صديقي ..وضعتها ذاتها في موقعي صورة راشيل مع صورةِ رفيقنا تشي ...فهل رضيتَ يا وجيه ..؟!
قلتَ دوماً ....لا مساومةَ ولا واسطة ْ...
لا مساومةَ في شأنِ ثقافةِ الوطنْ....لا واسطةَ على أدواتِ الثقافةِ الوطنيةْ ...يجبُ أن تبقى واحدةً موحَّدةً في رسالةٍ واحدةْ....لا ثقافة أوسلوية ...لا ثقافة رباعية .لا ثقافة تقاطعات الطريق ...لا ثقافة لمرةٍ واحدةْ ...ثقافة "الديزبوزابل"...أعذرني وأعني ثقافة "هكذا المرحلةْ"...كنتَ من فرسانِ ثقافةِ الوطنِ كلِّ الوطنْ ...من الناقورةِ إلى رفح ...من الاسكندرونةِ إلى جزرِ القمرْ....من الخليجِ إلى المحيطِ ..هكذا كانت رؤيتكَ .وهكذا بقيت رؤياكَ ....أعجبتكَ "مانفستو لا "...ووعدتكَ أن أقدمها لكَ هدية ...طالتِ الهديةُ يا رفيقي ...لم تصدرُ بعدُ ...فإذا أعلمني أبو خليلٍ أنها صدرتْ ...وقالَ لي رشادُ أنها عندهُ الآن .فكيفَ أرسلُها لكَ يا رفيقي ؟! أيَّ بريدٍ أتوسَّلُ ؟! ...أيَّ عنوانٍ أستخدمُ ؟! ...أم أرسلُها إلى نحفْ ؟!....
أيها الرفيقُ الرائع ...أيها الثوريُّ النقيُّ النظيف .....
سلام عليكَ في الراحلين ْ...سلام عليكَ في الواصلينْ .سلامٌ عليكَ في أنبياءِ الزيتونِ ورسلِ "الرنجسِ" والشومر...سلامٌ عليكَ يا وجيهْ....يوم قلتَ ويومَ صمتَ ويومَ تبعثُ عصيّا .على كلِّ كسرٍ ..على كلِّ خنوعٍ ...على كلِّ مساومةٍ....على كلِّ فطرٍ وكلِّ طحلبٍ خرجَ في غفلةِ خطواتنا ...وظهرَ في غفلةِ صهيلنا ...على كلِّ خطيئةْ دنّستْ ثوبنا الأبيضَ الملائكيِّ بشهوةِ الوقاعِ الخائنة ْ...ستأتي ملاكاً .على صهوةِ البراءةِ ، وعلى عينِ الرضا ....ستأتي نفحةَ ريحانٍ وكمشةَ سلامٍ حبية ٍ يا وجيهْ ...ستأتي كما كنتَ دوماً فارسَ الصهيلْ.....آه نعم .الصهيلَ الصهيلْ.....
ونمشي يا رفيق ...
ونمشي يا رفيق ...نمشي
أيمن اللبدي
25/12/2005
القصيدة من مجموعة "مانفستو لا " ..قيدَ الصدورِ عن دارِ مجدلاوي بعمانْ
الأسبوع الثاني في الزمن الأول من الرواية المنتظرة
لنا الحليف ....
هو المساءُ كالصَّباح ِ لا لزوم َ لاجتهاد ْ
كلُّ المشاهد ِ التي هي َ الهوامشُ الوحيدة ْ
لم تختف ِ
وقد تكرَّشَ البصرْ
وحينما سيستقرُّ الاختراق ْ
قد يستريحُ السائلونْ
وعندما لا بدَّ أن يأتي الجواب ْ
سيصبحُ المشاهدُ الجديدُ شاعرَ البطل ْ
ولن يكونَ الحيادْ .
*******
وشاشتان ِ تكذبان ْ
وفيهما من يكذبون ْ
فواحدة ْ
لا تستطيعُ الاختيار ْ
لا بدَّ من وصف ِ الخبر ْ
وتدخلُ الخيانة ْ
من باب ِ وجهةِ النظر ْ
لتنتمي إلى المهن ْ
وليسَ فيها من وطنْ
وواحدةْ
تريدُ دفعَ الانتحار
أتذكرون َ ما يقال ْ
ومن يميِّزُ المقال ْ ؟
هناكَ فيهما العجب ْ
فلتنظروا للأغبياء ْ
وليسَ يفهمُ السببْ
ستشتري بما تبيع ْ
بمثلما الدفعُ سريع ْ
ولا يهمُّ الثمن ْ........
*******
:- وكم هي المسافة ُ الجديدة ْ
سنستمرُّ بالغيابْ ؟
على صلابة ِ الهدفْ !
ويسألُ الرفيقُ في اندهاش ِ من يجيب ْ
:- ظننت ُ لم تغب ْ
وإنما نحنُ السراب ْ
أجيبُهُ دونَ ارتيابْ
لعل َّ أقدامي معي
أراك ِ بيرزيت العظيمةْ
و حول َ رايات ِ الرفاق ِ فجأةً ظهرَ الطريق ْ
وسناسلُ الدير ِ العتيق ْ
ووجهَ زيتون ِ الشرف ْ
هناكَ كوفيات ْ
وهناكَ أشعلنا الأمل ْ
:- سننتصرْ
قال الرفيق ْ
بصقتُ في الشاشات ِ والصحف ْ
وقلتُ نمشي يا رفيق ْ
لنا سينحني الخطاب ْ
وترتدي الريحُ الحمام ْ
لو ماتت العظام ُ قامت ِ القبورُ من جديد ْ
ونحنُ أزهارُ الحريق ْ
كما لنا مطرُ السلام ْ
تبسَّم َ الرفيق ْ
ولم أرى وهجَ العبارة ْ
ولا قصدتُ الاستعارة ْ
فلا يهمُّ الاختباءُ في اللغة ْ
وإنما المهم ّ
وجودهُ معي حليف