(( سقطت عذراء جاكرتا شهيدةً وفي يدها وردة حمراء ذات أشواك, وعلى ثغرها ابتسامة رضا, وفي جبينها مصحفٍ صغير, تبلل أهدابها الطويلة دمعة عشقٍ خالد )). أتذكر أن هذا المشهد النضالي من الرواية الملحميه " عذراء جاكرتا " للأديب الإسلامي "نجيب الكيلاني",  نُوقِشَ إثر عقد الملتقى الدولي للأديبات الإسلاميات في القاهرة مذ فترة.  وقد احتدم النقاش حينها بين الضيوف حول ' صورة المرأة المُسلمة في الأدب والبُعد الإلتزامي  في تشكيلها ' وامتداد تأثيرها في ذهن القارىء,. حيث يتضح لنا من خلال هذا المشهد الصورة الترميزيه التي سعى إليها الكيلاني للمرأة التي تنذر نفسها للدعوة والاستشهاد في سبيل الله. ومُقارنتها بصورٍ أخرى يسعى الأدباء المُتحررين عادةً الى ترسيخها  في رواياتهم عن المرأه الفاتنة إلى ترمز إلى الشهوانية المُتقدة, وحصر المرأه في قالب ثقافة الجسد.

 

كنتُ حينها مُستغربة حقاً لتلك المساحة الحواريه الشاسعه التي اتخذتها  تلك القضيه بين معشر الأدباء.  فلم أتصور آن ذاك أن الأدب يمتلك نفوذ السلاطين في ترسيخ تجليات عقائديه, ومرجعيات ثقافيه, وأطر فكريه لهذا الحد  . وأنه من الممكن أن يُستخدم  كسلاح عصري قاهر, لإبادة جزء من  تاريخ مُزهر, أو حضارة نديّه ! .

 قبل أيام تداعت لي تلك المشاهد من المُلتقى بعدما قرأت خبر منع دار النشر الأمريكية ' راندم هاوس ' لرواية  ' جوهرة المدينة ' التي كتبتها الصحافيه ' شيري جونز ' والتي تتحدث فيها عن السيدة عائشة –رضي الله عنها- منذ خطبتها الى محمد-عليه الصلاة والسلام- وحتى وفاتها, مُستعرضة لتفاصيل حياتهما الزوجيه والعلاقة الحميميّه التي تجمعهما بصورة مُشوهة وبشكل خلاعي جريء وقبيح, لا يليق برمزين ربانييّن أمثالهما !. مشاعر كثيرة تماهت  به نفسي ممزوجة بالحرقةِ والحسرة والإمتعاض والثوره على ذلك, خصوصاً وأن عائش المُطهرة الأقرب إلى روحي وقلبي .  ولكن هذه الحادثة - بطبيعة الحال -أشعلت في ذهني أموراً عده, منها :

1.      1. قرار المنع جاء إثرَ خشية مُحرري دار النشر من أعمال عنفٍ مضادة ومُقاطعة من قبل المسلمين, كما كان بعد حادثة ' الرسوم الدانماركية ' , وهذا يرسخ لدينا مفهوم هام مفاده أنه ' متى ما كان لنا نحن-المسلمين- موقفٍ واضح وصارم في الحفاظ على تاريخنا ورموزنا المقدسة, لن يجرأ أحداً منهم, على تدليسِ وتدنيسِ موروثنا الثقافي بأي شكلٍ كان, تجنباً لهجمة عنيفة منا تضر بهم '.

2.      2.  هذه الحادثة تُعتبر برهان جليّ لأؤلئك الذين يحطون من شأن الأدب, في إشاعة ثقافة معينة, كون لغة الأدب وكذلك الفن- هما الأقرب إلى الروح الإنسانية .

3.      3.  تُعد رسالة بيضاء إلى الأدباء الإسلاميين تستحثهم  للترويج لشخصيات تاريخنا الفذه عبرأدبهم, وترجمة تلك المنتجات إلى لغات عالمية تُيسر وصول صورة رموزنا  المقدسة إليهم كما ينبغي أن تكون .

 

وشوشة أخيرة لروح صاحبة الحرير الأخضر:

أيا عائش.. الجواهر الثمينة لا تُخدش بسهولة, ولا تُقطع بمرونة, ولأنكِ جوهرة مصونة فلم يستطع هؤلاء المساس بكِ.. فعُذراً على ما بدر منهم بأي حال !

 

.

دعوة لأمة إقرأ:

                 قراءة كتاب ' صاحبة الحرير الأخضر ', للدكتور: عبدالرحمن العشماوي.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية