Image من النور وجدناه يشع في عالم يملأه ظلام العصيان والفساد، كانت خطوة مباركة لتلك القطرات الندية الخيرة التي بدت تطفو على بحر الظلمات والآثام ، كانت موجات وذبذبات صوتية تحمل اللحن الراقي والفن الهادف من تلك الأناشيد الإسلامية معظمها مجردة من الآلات الموسيقية، تلك الأناشيد التي تطرب ولا تضرب الآذان، تلين ولا تميل الوجدان، تحمل في كلماتها أسمى المعاني وأجمل المفردات على قناة إذاعية راقية وهادفة ، قناة سلام أف أم 98.4

 

هشك بشك

ظهرت قناة سلام بكل سلام وأمان على الإذاعة الكويتية جاهدة لإحداث تغيير ولو بسيط في عصر لا يفهم أبناؤه إلا لغة هشك بشك، ولا يستوعب شبابه إلا سطارات ستار أكاديمي، في هذا العصر الذي أصبحت فيه المطربات الرخيصات سادة القوم، وأصبح الغناء هو المعجم الوحيد المتبقي على وجه الكرة الأرضية لتكون مفرداته هي اللغة المتداولة بين الكبار والصغار، وتصرف الملايين بل المليارات في عالم الغناء واللهو لتسجيل كلمات مهما اختلفت في التعبير فهي لا تتجاوز مفهوما واحدا، وأموال طائلة وأوقات ثمينة تصرف وراء راقصات يتمايلن وعليهن قطع مقطعة من شبه ثياب لتميل ورائهن رؤوس وقلوب أكبر الكبار، حيث تخلل الغناء بعروق المجتمع وتشبع بشرايينه حتى ثمل، في ظل هذه الظروف المحفزة لكل جوانب الفسق في أمور الحياة ، في ظل الدعم الغير محدود الذي تلاقيه البرامج الغنائية الغوغائية، جاءت مبادرة من شباب أحبوا الخير لهذا البلد وفكروا بتقديم البديل المناسب والجائز شرعا لأجل أبناء الغد، فأسسوا قناة سلام الإذاعية على أف أم تطرب المسامع على مدار اليوم بفن جميل وراقي من الأناشيد التي تسرد لنا أجمل القصص والحكايات وتغرس القيم السامية، محطة لا تهدف الانحطاط  بل تعلو بالذوق للارتقاء ، حتى تكون وسيلة مرحة وخفيفة لأمر بالجميل وتنهي عن الخبيث من خلال ما تهواه النفس البشرية من ألوان الفنون الجميلة.

نجم الوقار

تلألأت القناة في سماء المحطات الإذاعية وسرعان ما صار لها من جمهور غفير يسمعها باهتمام ويتابع آخر مستجداتها بشوق، وفرح المؤسسون الذين كافحوا وجاهدوا للحصول على ترخيص المحطة في ظل العقبات التي تواجه تراخيص القنوات الإذاعية الجديدة بالكويت والتي نعلمها جيدا، ولكن إرادة التغيير من هز الوسط إلى الوقار ومن الطقطقة والدندنة إلى إيقاعات جذابة ، ومن مهزلة (اركب الحنطور) و(بحبك يا حمار) إلى رزانة (فرشي التراب) و( أشرقي ) التي ساهمت في تحقيق مراد إخواننا الأفاضل وسهلت إنشاء سلام .

ثم فجأة أششششششششش  

وشوشة

فتحت قبل فترة على الراديو لأبحث عن قناة سلام فسمعت وشوشة تحسب للوهلة أن هناك خلل ما في المذياع أو انقطاع مؤقت، كيف ولماذا وماذا حدث وأين اختفت الأناشيد التي أدمننا عليها ؟؟؟؟

دارت هذه الأسئلة في مخيلتي مثل باقي المستمعين، وعندما نفذ صبري أجريت بعض اتصالاتي على زملاء وعاملين في القناة لعلي أجد لديهم من أخبار تبهج النفس، لكن الرد كان صدمة ، بل صفعة على وجه الأمل، فقد أخبروني بحقائق تسد النفس وتوجع القلب وتكشف عن أقنعة مزيفة، أخبرني القائمين على القناة بأنهم اشتروا ترخيصها بأغلى ثمن بعد مناقصة ذات منافسة حادة، وكأي مشروع تجاري واستثماري يحتاج إلى دعم مادي وأرقام على يمينها أصفار متعددة لضمان نجاح واستمرار الفكرة، بدأ فريق قناة سلام الإذاعية بالبحث عن إعلانات ورعايات التي تعتبر السبيل الرئيسي لدعم أي مشروع إعلامي .

الملايين

حصلت قناة سلام على ميزانية تفوق عشرين مليون دينار بفضل شيكات من الشركات الإسلامية التي حملت على عاتقها نشر القيم والمبادئ، ومبالغ أمطرت بغزارة من جمعيات نفع عام تسعى إلى إصلاح المجتمع وبناء أجيال الغد، وجمعيات أخرى ترقى لإحياء تراث الماضي والنهج القويم احتضنت الفكرة وتبرعت بأرقام فلكية، هذا بالإضافة إلى أيادي خفية حملت توقيع فاعل خير على أظرف وصلت القناة وبداخلها رزم من الدنانير !!!!

أتظنون أن هذا حدث فعلا؟؟!! هل الحياة حلوة ووردية بهذا الجمال ؟؟ هل فعلا لدينا في الكويت من يخاف على أبنائه من الانفلات والانحدار بمستنقع الغناء والرقص؟؟ أتعتقدون هناك من يتعب تفكيره يوما ويحسب عدد تلك الأفواج من الشباب المسلمين في عمر الزهور ينجرفون وراء كل ألبوم وكاسيت وقناة سخيفة ليملئوا أدمغتهم بالتفاهة ويفرغوها من الثقافة.

ربعنا

بما أن مجتمعنا الكريم يعج بالشركات الإسلامية و(يا كثرها) من المؤسسات المتوافقة مع ضوابط الشريعة، وهناك البنوك والمصارف التي ترفض الربا وتدعم المشاريع الخيرية، والكثيرون من ربعنا ينادون بأهمية المسؤولية الاجتماعية، وتصاريح صحفية مع الصور تزين الجرائد يوميا بدعم الأنشطة القيمة، شعارات وأشعار.. نعم للإصلاح ولا للفساد ، والديرة مليئة بنواب ملتزمين وتجار محافظين ينادون بأعلى صوتهم لدعم المشاريع ذات الطابع الديني ، وبناء على هذه الركائز بدأ العاملون بطرق أبواب الرعايات وطلب الأموال الداعمة للاستمرار، لم يتركوا أحدا ولم يتجاهلوا جهة فحاولوا وحاولوا أشهر وليست أيام ، فماذا كانت النتيجة ؟؟  

أحلام سلام

النتيجة أن أحلام سلام تسلم عليكم وتقول وهي حطاما مفككة بأنها لم تحصل على فلس حمر من جيوب التجار المنتفخة بالدنانير، ولم تحصل على دينارا واحدا من المليارات التي تملأ خزينة كل بنك ومصرف، ولم تحصل على شيك ولو بالمجاملة رحمة من أي مجلس إدارة أمام التضخم المالي والأرباح السنوية لدى كل شركة ، وكأن لسان حال هؤلاء الجشعين يقول : أرجوكم ارتدوا أكياس القرقيعان واطرقوا بابنا وغنوا لنا : أعطوا الله يعطيكم .. يمكن نفكر ونعطي كم فلس.

الكل خذلها وخذلنا، مات الجنين في بطن أمه ودفن قبل ولادته ، اجتث غرس الخير من جذوره قبل قطف ثماره، لم تتعثر الخطوات المتجهة لطريق السلام بل قطعت الأقدام من السيقان، ومسحت المفردات السامية من لوحة الأهداف الرامية ، وتحولت سلام الإنشادية إلى (مكس) الغنائية بفضل كل يد بخلت في دعمها ، فما كان ل (مكس) أن تظهر لولا اصرار الجميع على قتل سلام ، وتحيا الأمة الإسلامية ، وتعيش الشركات الإسلامية الرائدة في صنع الاقتصاد الإسلامي بسلام ، والسلام خير الختام  

سمية محمد الميمني
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية