يذهب معظم النقاد إلى أن السبب الحقيقي وراء ضعف الكاتب المسرحي العربي , أن التراث الأدبي الذي خلفه العرب خال من التجارب المسرحية التي قد تكوُّن إن وجدت توجهات ومدارس يحذو على طريقتها كاتب اليوم.
وهذا الرأي يحمل شيئا من الصحة ولكن يقابله أمر مهم يعتبر ميزة جلية عند العرب دون سواهم وهي أن تراثهم الأدبي والتاريخي ملئ بالتجارب الإبداعية فضلا عن تنوع الأساليب والأجناس ويضاف إلى ذلك الكثير من العناصر مثل التمكن الأدبي وزخم الشخصيات التاريخية التي تعد بحقيقتها أقوى حضورا من الشخصيات الأسطورية. كل هذا جدير وبقوة بإلهام كاتب اليوم الذي لو قام بمحاولة بسيطة للتعامل معها لوجد الكثير من الأفكار الدرامية تتضارب في مخيلته.
من هنا نجد مقابلة رهيبة وعادلة ترجح كفة الكاتب العربي اليوم لو أمهل نفسه الفرصة لامتلاك أدوات الكاتب المسرحي النموذجي فبانخراطه في استدعاء التاريخ لبناء مسرحياته لقدَّم الكتاب للأجيال القادمة أعمالا خالدة بخلود تاريخنا العربي والإسلامي و بها تتكون ثقافة عربية مسلمة ممسرحة يعول عليها الكاتب المسرحي غدا الكثير كتراث مسرحي عربي ينهل منه كما ننهل اليوم في جنس الشعر من أسماء عربية كبيرة كالمتنبي وغيره من الأسماء التي لا حصر لها هنا, وهذا بدل من هجر تاريخنا ودفنه بين جنبات أمهات الكتب القديمة التي يزيد اشتياقها إلى يد تمحو عنها غبار التجاهل.
إنني أدعو كتاب المسرح اليوم أن ينهضوا بأسمائهم لا لمحاكاة الغرب ولكن لإبراز أننا نملك قيما وأسسا وتاريخا عريقا ولا يتأتى ذلك إلا بعودة الكاتب مشعلا شمعته إلى المكتبة العربية والإسلامية لينهل من معين لا ينضب لأنها كفيلة بإلهامه بأفكار فذَّة يفخر بها غدا وتعد في سيميائيتها العامة إشارة ملفتة إلى هويته التي يمثلها وجذوره التي ينتمي إليها.