العلم والأدب والأخلاق والكرم والشهامة والطول والقصر والجمال ولون البشرة والعيون والذكاء والشجاعة والصبر والحلم والتأنّي والاندفاع والصحة والعافية وغيرها من الصفات الجسمية أو النفسية (الايجابية والسلبية منها) هل هي موروثة أم مُكتسبة ؟!!
حينما نتوجّه بهذا السؤال إلى علماء النفس يقول معظمهم بأن بنية الجسم وقدراته العقلية والرغبات والإتجاهات وكافّة أساليب التعبير تختلف من إنسان لآخر، بمعنى لا يُوجد شخص يشبه شخصا آخر تماماً، والشخصية حصيلة الوراثة والبيئة، ويتشعّب علماء النفس ويُسهبون في تأثير البيئة على الشخصية في المراحل العمرية المختلفة (طفولة – شباب – شيخوخة) ، ومعظمهم يُجمع على أن عوامل أربعة تؤثر وتُشكّل الشخصية وهي:
- الناس يستجيبون بنسب مختلفة للتطبع الاجتماعي.
- تختلف الفرص التي تتاح للأفراد ولهذا تأثير كبير في تطور الشخصية.
- أننا نتعلم من الخبرة.
- للمؤسسات العامة (المدارس والكليات وغيرها) أثر كبير في حياتنا.
كما تمتلئ كتب علم النفس وعلم الاجتماع بنظريات الشخصية وتركيبها وديناميكيتها، ويخلص المبدعون من هؤلاء إلى أن الانسان حصيلة نظام معقد من المتغيرات التي تتفاعل بصورة دائمة في الشخصية وشكلها، وهناك محددّات مُهمّة تؤثّر في الشخصية أكثر من العوامل الأخرى، فعوامل المورّثات Genetic factors أساسية في تحديد تطور شخصية الفرد علاوة على المحددات الفسيولوجية مثل الغدد الصم والجهاز العصبي الانفعالي والدوافع، علاوة على العوامل الاجتماعية والحضارية.
ويلتقي المبدعون من علماء النفس مع علماء الشريعة في مفهوم الموروث والمكتسب في الشخصية، بل يؤكّدون على أن العامل الوراثي هو من أقوى المؤثرات في بنية الشخصية الجسمية والنفسية والانفعالية والاجتماعية، ومن خبراتنا ومعرفتنا العلمية المتواضعة نؤكّد على ما سبق، بل أننّي شخصيا أقول : إن بناء الشخصية يعتمد على عاملين أساسيين: الموروث والمكتسب، وأميل –كقاعدة عامة- إلى أن الجانب الوراثي أقوى بكثير من الجانب المكتسب في الشخصية، وصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حينما قال –بما معناه- :
-"تخيّروا لِنُطَفِكُم فإنّ العرق دسّاس."
- "تكاد المرأة أن تلد أباها أو أخاها."
- "إياكم وخضراء الدّمن، قالوا : وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ فقال : المرأة الحسناء في المنبت السوء." وفي هذا الحديث يُشير رسول الله – صلى الله عليه وسلم- الى تأثر المنبت أو الأصل الوراثي الكبير
- " تزوجوا الودود الولود " وسألوا رسول الله: نستطيع أن نعرف المرأة الودود ولكن كيف نعرف المرأة الولود ، فقال – بما معناه- : انظروا لأخواتها.
وفي الموروث الشعبي الأردني لدينا بعض الأقوال التي تُؤكّد ما أشرنا اليه سابقاً، مثل :
- ثلثين الولد لخاله.
- إقْلِبْ الجَرّة على ثمُها "فَمِها" بْتِطْلَعْ البِنْت طرايق أُمْهَا.
وأنت عزيزي القارئ: ما رأيك ؟!! أيّهما يؤثر أكثر في العلم والأدب هل هو الموروث أم المكتسب؟!! وهل شخصية الانسان تأخذ صفات وراثية أكثر من الأخوال أم من الأعمام ؟!!